الراي - سيف الجنيني
الاستقرار النقدي للدينار يعزز الثقة بالقطاع المصرفي
تمكين القطاع الخاص ركيزة أساسية في استقرار الميزان التجاري
حمودة: الإصلاحات الحكومية تدعم رؤية التحديث وتمكّن البنية التحتية
مخامرة: الالتزام بالبرنامج يعزز التصنيف الائتماني ويجذب الاستثمار الأجنبي
قادري: التوجه لخفض الدين العام إلى 80% من الناتج المحلي بحلول 2028
اجمع خبراء اقتصاديون ان المراجعة الرابعة لصندوق النقد الدولي تشير بوضوح الى ايجابية النتائج المتحققة من السياسات المالية على المستوى الكلي والتي اظهرتها سابقا التصنيفات المالية العالمية سواء على مستوى المالية العامة والجاذبية الاستثمارية.
ولفتوا في أحاديث لـ «الرأي» الى ان الاستقرار النقدي للدينار الأردني وسياسة ربطه بالدولار، ووجود رصيد متين من الاحتياطات الاجنبية، ساهم بشكل كبير في استقرار القطاع المصرفي الأردني، كما أن منهجية الحكومة في زيادة كفاءة الانفاق يحسن بشكل كبير البيئة الاستثمارية للمملكة، ويحسن من موقف المملكة في المراجعات المقبلة للصندوق.
وتوصّل فريق صندوق النقد الدولي والأردن إلى اتفاقٍ على مستوى الخبراء خلال المراجعة الرابعة في إطار اتفاق «تسهيل الصندوق الممدد» (EFF)، و المراجعة الأولى في إطار «تسهيل الصلابة والاستدامة » (RSF).
ووفق بيان لصندوق النقد الدولي، فإن «تنفيذ اتفاق «تسهيل الصندوق الممدد» يسير بخطى ثابتة على المسار الصحيح، إذ يواصل الأردن، بدعمٍ من الشركاء الدوليين، تطبيق سياسات مالية واقتصادية كلية سليمة وتنفيذ إصلاحات هيكلية تهدف إلى تعزيز منعة الاقتصاد الأردني ودعم النمو بقيادة القطاع الخاص وخلق فرص العمل».
وأشار صندوق النقد إلى أن النمو الاقتصادي في الأردن تسارع إلى 2.7% في النصف الأول من عام 2025، بينما استقرت معدلات التضخم عند نحو 2%، مع استمرار البنك المركزي الأردني في الحفاظ بنجاح على الاستقرار النقدي وربط الدينار بالدولار الأميركي.
وفي إطار «تسهيل الصلابة والاستدامة»، تمضي الحكومة قُدماً في تنفيذ التدابير الإصلاحية(RMs) المرتبطة RMs) بالمراجعة الأولى. ويهدف هذا التسهيل، الذي تمت الموافقة عليه في حزيران / يونيو 2025 إلى معالجة نقاط الضعف طويلة الأمد في قطاعي المياه والكهرباء في الأردن، وتعزيز قدرته على مواجهة حالات الطوارئ الصحية، الأمر الذي من شأنه دعم الآفاق الاقتصادية للمملكة وتعزيز استقرار ميزان المدفوعات، بحسب صندوق النقد.
وسيؤدي استكمال المراجعة الرابعة بموجب اتفاق تسهيل الصندوق الممدد إلى توفير مبلغ قدره 97.784 مليون وحدة من حقوق السحب الخاصة (قرابة 130 مليون دولار أميركي).
أما استكمال المراجعة الأولى في إطار تسهيل الصلابة والاستدامة فسوف يوفر مبلغا قدره 79.182 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (قرابة 114 مليون دولار أميركي) من اصل 514.650 SDR (قرابة 744 مليون دولار) التي تمت الموافقة عليها سابقاً.
وأشار الصندوق إلى أن الاقتصاد الأردني يستمر في إظهار المنعة، وذلك بفضل سعي الحكومة الأردنية الدؤوب لاتباع سياسات اقتصادية كلية سليمة إلى جانب الدعم الدولي المتين.
وتسارع النمو إلى 2.7% في النصف الأول من عام 2025، وذلك نتيجة للتوسع الشامل في النشاط الاقتصادي. كما يسير أداء المالية العامة على المسار الصحيح لتحقيق أهداف عجز الموازنة لهذا العام، ويعكس ذلك التدابير القوية التي نفذتها الحكومة الأردنية لتعزيز تحصيل الإيرادات وتوسيع القاعدة الضريبية. ومن المتوقع أن يتراجع عجز الحساب الجاري إلى قرابة 5% من الناتج المحلي الإجمالي، مدفوعًا بارتفاع عائدات السياحة والصادرات، بحسب البيان.
ومن المتوقع أيضاً أن يبقى معدل التضخم مستقراً حول 2%، بفضل التزام البنك المركزي الأردني الثابت بالحفاظ على الاستقرار النقدي وربط سعر صرف الدينار بالدولار الأميركي مدعوما باحتياطيات أجنبية مرتفعة.
وقال رئيس غرفة صناعة الزرقاء المهندس فارس حموده أن المراجعة الرابعة لصندوق النقد الدولي تشير بوضوح الى ايجابية النتائج المتحققة من السياسات المالية على المستوى الكلي والتي اظهرتها سابقا التصنيفات المالية العالمية سواء على مستوى المالية العامة والجاذبية الاستثمارية.
وأكد حموده على أهمية المراجعات الدورية لصندوق النقد الدولي و التي تعطي مؤشراً واضحا على متانة و صمود الاقتصاد الأردني و أنه يسير على المسار الصحيح متجاوزا الأزمات المالية التي تعاني منها عدة دول في المنطقة.
وبين حموده أن الاصلاحات التي تتبناها الحكومة على المستوى الهيكلي والاقتصادي هي بالأصل مضمنة في العديد من المحاور والخطط التنفيذية لرؤية التحديث الاقتصادي الممتدة على مدة من السنوات تضمن تحقيق مستويات مناسبة من المؤشرات الاقتصادية التي تدعم مشاريع البنية التحتية من مياه وكهرباء ونقل وتعزيز استقرار ميزان المدفوعات.
وأكد حموده على أن التوجهات الحالية و المستقبلية لصندوق النقد الدولي تبنت بشكل واضح تمكين القطاع الخاص كمحرك رئيس للاقتصاد الكلي و مولد لفرص عمل جديدة من خلال التركيز على القطاعات الانتاجية وخاصة ذات القيمة المضافة العالية والمصدرة والتي تدعم بشكل مباشر المزيد من الاستقرار لميزان المدفوعات، مما ينعكس بتوفير المزيد من فرص العمل في الاقتصاد الأردني لمواجهة البطالة وتخفيف الضغط على الحكومة في مجال الوظائف والتشغيل والتي تصب جميعها في إطار «تسهيل الصلابة والاستدامة» ضمن التدابير الاصلاحية في المراجعة الأولى.
وأضاف حموده أن النتائج التي بينتها تقارير البنك الدولي تشير إلى نسبة نمو تصل إلى 2.7% للنصف الأول من العام الحالي مع استقرار نسبة التضخم وهذه النتائج المتوقعة حتى نهاية العام تعتبر من النتائج الايجابية لكونها تأتي بالرغم من التحديات الاقليمية والضغوط التي أثرت بشكل كبير على القطاعات الانتاجية وخاصة الصناعة والسياحة والتي تساهم بنسب هامة في نسب النمو العام سنوياً.
وبين حموده أن الاستقرار النقدي للدينار الأردني وسياسة ربطه بالدولار، ووجود رصيد متين من الاحتياطات الاجنبية، ساهم بشكل كبير في استقرار القطاع المصرفي الأردني، كما أن منهجية الحكومة في زيادة كفاءة الانفاق يحسن بشكل كبير البيئة الاستثمارية للمملكة، ويحسن من موقف المملكة في المراجعات المقبلة للصندوق.
واشار الخبير الاقتصادي والمالي وجدي مخامرة وعلى هامش انتهاء المراجعة الرابعة في إطار اتفاق تسهيل الصندوق الممدد التي قام بها صندوق النقد الدولي إلى ان الملفات الاقتصادية التي يجب التركيز عليها تشمل تعزيز منعة الاقتصاد، دعم النمو بقيادة القطاع الخاص، وتحسين بيئة الأعمال، وإذا تم العمل عليها بالتوازي مع الالتزام بالبرنامج الإصلاحي، فمن المتوقع أن يتحسن النمو الاقتصادي، وتنخفض نسب البطالة، ويزداد جذب الاستثمار الأجنبي.
ولفت الى ان أبرز الملفات الاقتصادية التي يجب أن تحظى بالأولوية في المرحلة المقبلة، بناءً على ما ورد في اتفاق المراجعة الرابعة بين الأردن وصندوق النقد الدولي فتشمل الإصلاحات الهيكلية من حيث تحسين بيئة الأعمال وتقليل البيروقراطية، وتعزيز الشفافية والمساءلة في المؤسسات العامة، وتطوير سوق العمل لتشجيع مشاركة الشباب والنساء. أضف إلى ذلكً استمرار التركيز على السياسات المالية والنقدية من خلال الحفاظ على استقرار الأسعار ومعدلات التضخم، وتعزيز كفاءة الإنفاق العام وتحسين إدارة الدين العام، وتوسيع القاعدة الضريبية دون زيادة العبء على الفئات الضعيفة. كما ان الحكومة ملزمة باستمرار دعم القطاع الخاص وتسهيل الوصول إلى التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإزالة المعوقات أمام الاستثمار المحلي والأجنبي، وتحسين البنية التحتية الرقمية واللوجستية. كما لا بدً من التحول نحو الاقتصاد الأخضر والاستثمار في الطاقة المتجددة والمياه، و تنفيذ مشاريع مستدامة
وذكر انه وحسب توقعاتنا فإذا ما تم تنفيذ هذه الملفات بالتوازي مع الالتزام الصارم بالبرنامج الإصلاحي، فإن الانعكاسات المحتملة تشمل استمرار تحسن النمو الاقتصادي حيث ان النمو تحسن بالفعل إلى مستوى 2.7% في النصف الأول من 2025، ومن المتوقع أن يستمر في الارتفاع مستقبلا. أضف إلى ذلك، استقرار التضخم حيث حافظ البنك المركزي على معدل تضخم منخفض عند 2%، مما يعزز القوة الشرائية للمواطنين وخلق فرص عمل.
واضاف ان استمرار الإصلاحات الهيكلية ودعم القطاع الخاص سيساهمان في تقليل البطالة، خاصة بين الشباب. وزيادة الثقة الدولية حيث ان الالتزام بالبرنامج يعزز ثقة المستثمرين والدائنين الدوليين، مما يفتح المجال لمزيد من التمويل الميسر. ولا ننسى تحسين التصنيف الائتماني إذا أنه مع تحسن المؤشرات الاقتصادية، قد يرتفع التصنيف الائتماني للأردن، مما يقلل كلفة الاقتراض.
وقال ممثل قطاع الالبسة والمحيكات في غرفة صناعة الاردن المهندس ايهاب قادري ان الاتفاق الجديد بين الأردن وصندوق النقد الدولي لا يمثل مجرد استكمال تقني لمراجعة مالية، بل هو شهادة سياسية واقتصادية على صلابة النموذج الأردني في إدارة التوازن بين الإصلاح والاستقرار. فالتزام الأردن بالجدول الزمني للمراجعات، رغم ما يحيط بالمنطقة من اضطرابات وتباطؤ عالمي، يعكس نضج السياسة الاقتصادية وقدرتها على المواءمة بين الضبط المالي والحفاظ على زخم النمو.
ولفت قادري الى ان ارتفاع النمو إلى 2.7% واستقرار التضخم عند مستويات متدنية يؤشران إلى فعالية النهج المتّبع، خصوصًا مع توجّه الحكومة نحو خفض الدين العام إلى 80% من الناتج المحلي بحلول 2028 عبر إصلاحات تدريجية غير انكماشية.
لكن الأهم في هذا الاتفاق هو تحوّل النظرة الدولية تجاه الأردن من دولة «تدير التحديات» إلى شريك إصلاحي يُبنى عليه في المنطقة. فبرنامج تسهيل الصلابة والاستدامة يفتح الباب أمام استثمارات خضراء وتمويلات ميسرة تستهدف تعزيز كفاءة الطاقة والمياه والقطاع الصحي، وهي مجالات حيوية ترتبط مباشرة برفاه المواطن وجودة الخدمات. هذه الخطوات، إلى جانب السياسة النقدية المتزنة والاحتياطيات المستقرة، تشكل قاعدة صلبة لمرحلة جديدة من النمو الموجّه بالقطاع الخاص ضمن إطار رؤية التحديث الاقتصادي. الأردن اليوم لا يسعى فقط للحفاظ على الاستقرار، بل لبناء نموذج تنموي قابل للتوسع إقليميًا بثقة دولية متجددة.