معان.. القطاع الزراعي في الجفر تخوف من نظام معدل لمراقبة المياه الجوفية
الغد- أحمد الرواشدة
معان – في الوقت الذي أقر فيه مجلس الوزراء نظاما معدلا لنظام مراقبة المياه الجوفية، يرى مزارعو الجفر في محافظة معان أن القرارات التي اتخذتها الحكومة تُعد مجحفة في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، والكلف المرتفعة لاستخراج مياه الري الزراعية.
ويبين عدد من المزارعين أن قرار استيفاء مبلغ 100 فلس للمتر المكعب الواحد من المياه يعد تحديا أمام استمرارهم في زراعة الأراضي، في مخالفة واضحة للرؤى الملكية الداعية للنهوض بالقطاع الزراعي، لافتين إلى أن معظم المزارعين هم من أبناء المناطق النائية الفقيرة التي تعتمد بشكل رئيس على الزراعة لتوفير مداخيلهم.
ويشير مزارعون إلى أن النظام المعدل يهدد مصدر رزق حوالي 800 شخص من أبناء المنطقة التي تعاني من نقص في الخدمات وتقاسي ظروفا مناخية صعبة، موضحين أن غالبية الآبار المستخدمة هي مياه مالحة وكبريتية ولا تصلح للاستخدامات البشرية، وفرض مثل هذه الرسوم يُعد إجراء غير عادل.
ويبين المزارع عيد أبو تايه أن تلك التكاليف المبالغ فيها ستؤدي إلى تدمير القطاع الزراعي في منطقة الجفر، والذي يعاني أوضاعا صعبة نتيجة تردي نوعية المياه وكلف استخراجها المرتفعة، مؤكدا أن النظام الذي تم إقراره مؤخرا يهدد مصدر رزق مئات الأسر الوحيد، ويزيد من أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية سوءا.
ويضيف أن غالبية المواطنين توجهوا إلى حفر الآبار في ثمانينيات القرن الماضي بدعم من الحكومة وتوجيهات من جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، بهدف تنمية المنطقة ومساعدة أهلها على النهوض بأوضاعهم المعيشية في ظل شح الوظائف ومصادر الدخل الأخرى، منوها إلى أن القرارات الأخيرة نسفت جميع الجهود التي بُذلت لتنمية المنطقة، وباتت تشكل مصدر تهديد لحوالي 800 شخص يعتمدون على الزراعة كمصدر رزق رئيس.
ويقول أبو تايه: "على الحكومة الاستماع لشكاوى المزارعين ومحاولة الوصول إلى حلول منطقية ومرضية لجميع الأطراف، بدلا من اتخاذ القرارات من طرف واحد والدفع بالمزارع لمواجهة تفاقم التحديات الناجمة عن الرسوم والضرائب التي سيتكبدها"، مؤكدا أن المزارعين لن يكون بمقدورهم تحمّل كل هذه المصاريف، خصوصا وأن المياه المستخرجة من الآبار تحتوي على مستويات عالية من الكبريت، وذات لون أسود ورائحة كريهة، ولا تصلح إلا لسقاية القمح والشعير والزيتون، إلا بعد ملئها في برك خاصة، مناشدا الحكومة العودة عن القرار لدعم التوجهات التنموية السابقة.
وبحسب النظام الجديد المنشور في الجريدة الرسمية، يتعين على كل صاحب مزرعة تركيب عداد ودفع 200 دينار سنويا بدل عداد وصيانة، و50 دينارا على كل متر طولي محفور للبئر، و100 فلس على المتر المكعب الواحد من المياه المستخرجة.
وكان مجلس الوزراء قد أقر الشهر الماضي نظاما معدلا لنظام مراقبة المياه الجوفية لسنة 2025، بهدف تنظيم الآبار غير المرخصة، بما يوفر حلولا لمعالجة هذه المشكلة في جميع مناطق المملكة، بحيث يتم ترخيص هذه الآبار المستخدمة حاليا لغايات الزراعة فقط، وفق أسس واضحة، والمحافظة على الاستخراج الآمن للمياه من الأحواض الجوفية وبمعدلات مدروسة، من خلال منح "إجازة الاستخراج" للآبار الزراعية العاملة غير المرخصة وغير الحاصلة على إجازة.
ويحدد النظام شروط منح إجازة الاستخراج وتحديد الحالات التي يتم بموجبها إلغاء هذه الإجازة، بالإضافة إلى الرسوم التي تتقاضاها سلطة المياه عن منح الإجازة وتجديدها.
ويبين المزارع محمد النواصرة أن نوعية المياه التي تخرج من الآبار لا تصلح للري والسقاية، لوجود نسبة كبريت فيها كبيرة جدا، ولونها أسود قاتم، ولا تصلح نهائيا للزراعة إلا بعد معالجتها، ما يُكلف المزارعين مبالغ باهظة، قائلا: "كان من الأولى النظر إلى نوعية المياه والكلف المترتبة على استخدامها قبل إقرار النظام".
ويؤكد أن إقرار النظام سيؤدي إلى توقف المزارعين عن زراعة أراضيهم، وبالتالي سيسهم في ارتفاع نسب الفقر والبطالة في المنطقة، التي تعاني أصلا من أوضاع اقتصادية صعبة، وتُعد من المناطق الأشد فقرا على مستوى المملكة، مناشدا جلالة الملك الإيعاز للحكومة بالعودة عن القرارات التي من شأنها إلحاق الضرر بالقطاع الزراعي والمزارعين في منطقة الجفر.
ويقول المزارع سعود أبو تايه: "إن مزارعي الجفر هم أبناء هذا الوطن، وأبناء تلك القرية النائية المصنفة أقل حظا ومن جيوب الفقر، تلك القرية التي تربى أهلها على الولاء والانتماء للوطن وقيادته، ولسنا مستثمرين حتى يتم تحميلنا كلفا إضافية"، مضيفا أن المنطقة تعاني ظروفا مناخية قاسية، إذ تعاني أراضيها من الحت والتعرية وارتفاع درجات الحرارة، ناهيك عن التهميش الذي يعيشه أبناؤها الذين يعتاشون على الزراعة رغم الجهود التي يبذلونها في سبيل الاستمرار بزراعة أراضيهم وريّها بمياه كبريتية مالحة.
ويرى أن فرض مبلغ 100 فلس على كل متر ماء وبدل حفر للمتر الطولي سيُعيق كل الجهود التي يبذلها أهل المنطقة في سبيل البقاء والعيش رغم الظروف الصعبة، مبينا أن حفر هذه الآبار جاء بمكرمة ملكية في القرن الماضي بهدف توطين البدو في المنطقة.
وكانت وزارة الزراعة قد انتهت عام 2010 من إعادة تأهيل وتطوير مشروع الجفر الزراعي بكلفة 1.1 مليون دينار، استجابة لتوجيهات جلالة الملك خلال إحدى زياراته للجفر، وشملت عملية التطوير حفر آبار جديدة وصيانة القديمة، وتحويلها إلى نظام الكهرباء، إضافة إلى تحسين مستوى الخدمات في المنطقة.