أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    30-Jun-2020

تصحيح منظور الإعفاءات الضريبية*جمال الطاهات

 الدستور

كل سياسة تقيم بمعيارين: الهدف والفاعلية. إعفاء بعض شرائح الدخل من الضريبة، سياسة تتناقض فاعليتها مع أهدافها. فهي علاج غير مناسب ومكلف وضار بذوي الدخول المنخفضة، ويحرمهم من مكاسب بديلة كثيرة جداً. كما أنها تشوه مفهوم الضريبة وعلاقتها بالمواطنة في الدولة الحديثة، وتقلل الفاعلية التحفيزية للنظام الضريبي. التسهيلات والاعفاءات الضريبية تقدم للدخل المتحصل من أنشطة اقتصادية مطلوب تشجيعها، وليس الدخل المنخفض. سياسة الإعفاء الضريبي، وسيلة تحفيز وليست وسيلة تعويض، وتطبيقها على الشرائح الدنيا من الدخل، له فاعلية ونتائج متناقضة مع مبرراتها وأهدافها المعلنة. فهي تزيد «ضريبة التضخم»، وتحمل عبئها على شرائح الدخل المنخفضة، وتقلل فاعليتها لتطوير الاقتصاد الوطني. 
 
يمكن اعفاء الاستثمارات التي تعمل في قطاعات محددة من نسبة من الضريبة (المتصاعدة) وليس من كل الضريبة. وذلك بتوسيع الشرائح الضريبية، وليس بالاعفاء منها، وهذا لتشجيع المستثمرين في بعض القطاعات، لمواجهة مخاطر تقلبات الأسواق والسيطرة عليها. ولكن جميع المقيمين في الأردن، بلا استثناء، يجب أن يدفعوا ضريبة الحد الادنى على دخولهم، أياً كان حجمها. 
 
وضريبة الحد الادنى المقترحة أن تكون 2.5 %، على أي دخل (أو ربح من عمل) تحقق داخل حدود الدولة. بحيث يدفع كل مواطن، وكل مستثمر (بغض النظر عن جنسيته) نسبة الحد الادنى من الضريبة، على الدخل الذي يحققه من العمل في الأردن. بعد ذلك هناك أنشطة اقتصادية تتمتع باعفاءات، في شرائح الضريبة التصاعدية، وصولاً إلى السقف الوطني العام للضرائب الذي يجب أن لا تزيد عن 35%، إلا على قطاعات محددة، وهي تلك التي تتمتع بحماية الدولة من مخاطر الاستثمار. 
 
يجب أن يحقق النظام الضريبي أربع نتائج: الأولى، تأمين حد أدنى من الدخل للخزينة، بما يسمح بتقليل الضرائب غير المباشرة التي يتحمل عبئها الأكبر ذوي الدخل المنخفض. والنتيجة الثانية، المساهمة بالسيطرة على التضخم، والحفاظ على القيمة الحقيقية للدخول، ونمو عائدات الخزينة مستقبلاً، بذات الوقت. والثالثة، توجيه الاستثمار نحو القطاعات التي يحتاجها الاقتصاد الوطني، بتوزيع شرائح الدخل بطريقة غير متساوية عبر القطاعات المختلفة. وهذا يعني إحالة أعباء تمويل كلف تطوير آفاق جديدة للاستثمار، على الضرائب المتوقعة، وليس من الضرائب المحصلة. والرابعة، إعادة توجيه الأنشطة الانتاجية لتصحيح عدم التوازن بين القطاعات الانتاجية، والذي يؤدي إلى دورات ركود متقاربة، بسبب صغر حجم الاقتصاد المحلي، والارتفاع المتوقع لانتاجية العمل ورأس المال بفاعلية التطور التكنولوجي، وارتفاع الحد الادنى لكمية الانتاج الضرورية لتحقيق التعادل، بفاعلية ميل هوامش الربح للانخفاض، وزيادة القيمة الحقيقية لبعض بنود الكلفة. 
 
فالإعفاءات الضريبية، ليست وسيلة للتعويض، وإنما هي أداة مناسبة (وسيلة تحفيز) لتقليل اختناقات الانتاج، وذلك لتحفيز المستثمرين والعمال، وتشجعيهم للانتقال، من «القطاعات المشبعة» نحو قطاعات انتاج جديدة، للحفاظ على «منظومة الانتاج المتوازن»، التي تديم الطلب عبر الانتاج، وليس عبر الاستهلاك الذي يحمل الخزينة عجزاً اضافياً. 
 
حقيقة أن سياسة إعفاء الدخول المنخفضة من الضريبة، ضررها يزيد على فوائدها، وحدها لا تكفي. فهي تحد يجب مواجهته بالعمل على تطوير وسائل وأدوات جديدة (مالية ونقدية وإدارية)، تعيد للنظام الضريبي فاعليته، وتحمي ذوي الدخل المنخفض وتمكنهم من التطور اقتصادياً، وتزيد القيمة الحقيقية لدخولهم، وتزيد انتاجيتهم (عمالاً ومشغلين).