أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Dec-2019

تحسين الخدمات الحكومية..... ضرورة للوطن وحق للمواطن*محمد أبوحمور

 الراي

أكدت التوجيهات الملكية السامية ضرورة الاهتمام برفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وشكل هذا الموضوع احدى ابرز التوجيهات الواردة في كتب التكليف للحكومات المتعاقبة، وهذا يؤكد ضرورة السير في برنامج شامل لتطوير اداء مختلف اجهزة الدولة ورفع كفاءتها، ومما يمكن التفكير به في هذا المجال تبسيط اجراءات تقديم الخدمات والاستفادة من الامكانات التي توفرها التطورات التكنولوجية، وتعزيز الجهود التي تبذل لتطوير الحكومة الالكترونية وتحقيق رسالتها التي تهدف الى إدارة التحول في الحكومة والتركيز على إرضاء متلقي الخدمة الحكومية، وتحقيق ذلك من خلال القنوات المختلفة لتوصيل الخدمة باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة وإدارة المعرفة وتوظيف الخبرات والكفاءات والكادر المؤهل لتطبيق برنامج الحكومة الالكترونية ومبادراتها بحيث تكون سهلة ومقبولة للمواطنين في الأردن. ولا شك أن اهداف الحكومة الالكترونيىة المتمثلة في تحسين مستوى تقديم الخدمات ورفع إنتاجية وكفاءة القطاع العام وتقديم خدمات أفضل للأفراد وقطاع الأعمال ستشكل حال تحقيقها قفزة نوعية لمستوى الخدمات الحكومية، وبالتدريج فقد يتمكن المواطن من الحصول على الخدمة المطلوبة في اي وقت وبغض النظر عن مكان تواجده، وهذا لا بد ان يتعزز ايضاً عبر وضع خطط واستراتيجيات لتحسين الخدمات ومعايير كمية ونوعية قابلة للتحقيق ونظام للمراجعة الدورية لتققيم الانجاز ومعالجة الثغرات، كما يستدعي ايضاً نهجاً من الشفافية والمكاشفة يتضمن نشر معايير تقديم الخدمات وتوضيحها للمستفيدين ليمكن عبر التغذية الراجعة منهم، سواءً من خلال الاقتراحات أو الشكاوى، مواصلة تحسين الخدمات وايضاً لكي يدرك المواطن ان الحكومة واعية باحتياجاته وتعمل على تقديم الخدمة له بالشكل اللائق، خاصة اذا كان موضوع تحسين الخدمة جزءا من تقييم اداء الاجهزة الرسمية والعاملين فيها.
 
ولكي تستطيع الحكومة ومختلف المؤسسات العامة ان ترتقي بالخدمات التي تقدم للمواطنين الى مستوى توقعاتهم لا بد من توفر آليات للرقابة والمحاسبة والمساءلة على مختلف المستويات الادارية، فهذا هو ضمانة الارتقاء بالخدمة المقدمة للمواطن ووسيلة للنهوض باداء الاجهزة الادارية بما يتناسب والتطورات التي نشهدها على مختلف الصعد، كما انه يعد اداة فاعلة لزرع الثقة بين المواطن والسلطة التنفيذية، فالمساءلة احدى الركائز الاساسية ليس فقط لضمان تقديم خدمات ذات جودة عالية وبما يتفق مع التشريعات وطموحات المواطنين وانما ايضاً اداة لرفع كفاءة الجهاز الاداري للدولة وتخليصه من الترهل والمحسوبيات، وبالرغم من ان هناك الكثير مما يمكن ان يقال حول هذا الامر الا اننا هنا سوف نتناول قدرة الادارات العليا على تحقيق النتائج المطلوبة منها، والبداية يمكن ان تترسخ بشكل مؤسسي عبر ربط التعيينات بما يقدمه المرشحون من برامج قابلة للتنفيذ خلال فترة زمنية محددة وبحيث يرتبط الاستمرار في اداء الوظيفة بمدى القدرة على تحقيق البرنامج الذي تم تقديمه، وقد يكون هذا المدخل احد الوسائل لضمان وضع الرجل المناسب في المكان المناسب في حال تم تنظيمه باطار تنظيمي وتشريعي ملائم، وهو ايضاً مدخل للتمكن من مساءلة الادارات الوسطى والعاملين في مختلف مواقعهم، ومن خلاله يمكن ايضاً محاسبة مقدمي الخدمة في الصفوف الامامية، بعد توفير المتطلبات اللوجستية والفنية لهم، على اسلوب استقبالهم وطريقة تعاملهم مع المواطنين وقدرتهم على تقديم الخدمة بحيادية ونزاهة وبافضل شكل ممكن.
 
وبالرغم من ان مستوى وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين من جانب كثير من الاجهزة والمؤسسات الحكومية والعامة لا يرقى الى الطموح، ومع الاقرار بان تحسين الخدمات المقدمة لمتلقي الخدمة سواءً كانوا مواطنين او مستثمرين او حتى مؤسسات رسمية اخرى ليست مهمة سهلة ولا يمكن تحقيقها خلال فترة قصيرة بل هي نهج من التطوير المستمر والبناء على ما انجز، الا انها هدف قابل للانجاز اذا تسلحنا بالرغبة الصادقة والادوات المناسبة والعمل المخلص، وما تحقق من انجازات في بعض المؤسسات يقدم الدليل على هذه الامكانية، خاصة انه وفي حال استطاعت الاجهزة الرسمية اقناع متلقي الخدمة بجديتها وسعيها الممنهج في هذا الاتجاه فان مواطننا الواعي سيكون خير عون لها على تحقيق هذه المهمة.
 
مثلت جائزة الملك عبد الله الثاني لتميز الأداء الحكومي والشفافية خطوة هامة في تاريخ الدولة الاردنية ومسعى جاداً للنهوض بأداء القطاع العام ورفع كفاءته، وفي عام 2011 تم اطلاق جائزة الخدمة الحكومية المتميزة وجائزة الإبداع الحكومي، بهدف «بناء إطار عمل لتحسين مستوى الخدمات وعملية تقديمها لمتلقي الخدمة، وبناء ونشر ثقافة الخدمة الحكومية المتميزة، وذلك بتقديم الخدمات إلى كافة فئات متلقي الخدمة بكل فاعلية وتميز، مع التركيز على تحسين الخدمة المقدمة للمستفيد وتعزيز مستوى الرضا، مع مراعاة الكفاءة عبر الاستخدام الامثل للموارد المتاحة وتعزيز القدرات، وتعميم تقديم الخدمة عالية الجودة في مختلف الاماكن والفروع ووفق افضل الممارسات العالمية».
 
وبالرغم من الربط بين الاصلاح الاداري والمالية العامة الا ان الكل يدرك ان الاصلاح الاداري مرتبط ايضاً وبشكل وثيق بتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، فلا يمكن تحسين الخدمات بمعزل عن التطوير الاداري الا اذا كان المستهدف من التطوير الاداري هو المؤسسات والهيئات المستقلة ومراجعة مدى فعاليتها وضرورتها، وهو امر مهم الا ان العمل لا يجب ان يقتصر عليه، فتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين تتطلب الكثير بما في ذلك معالجة الترهل الاداري عبر مراجعة وتحديث التشريعات ذات الصلة اضافة لتوفير الكوادر البشرية والكفاءات القادرة على تقديم الخدمة المميزة باقصر وقت واقل كلفة،وقد أكدت الجهات الحكومية أهمية تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين في قطاعات التعليم والصحة والنقل العام، مع ضرورة إحداث نقلة نوعية وليس مجرد تحسينات جزئية في هذه القطاعات، التي تحتاج بنية تحتية واستثمارات لتحقيق التقدم المنشود، ويشمل ذلك الزامية مرحلة رياض الاطفال وقضايا أخرى مثل البيئة الصفية والاكتظاظ والنقل المدرسي، أما التركيز في القطاع الصحي فيتمحور حول ايجاد تامين صحي شامل للمواطنين، وبناء مراكز صحية شاملة وبما يوفر حماية من المخاطر المتعلقة بالأمراض، اما قطاع النقل فالحديث يتعلق بالانتهاء من الطريق الصحراوي ومشروع الباص السريع.
 
ولا شك أن الحكومة تدرك أن موضوع تحسين الخدمات ورفع جودتها يحتاج الى جهود كبيرة فترابطات هذا الامر متشبعة ومعقدة فهي تتعلق بالبنية التحتية لتقديم الخدمات، هذا من جانب ومن جانب اخر بالتشريعات التي تحكم تقديم الخدمة أضف لذلك الكوادر البشرية التي تقدم هذه الخدمة ومدى تأهيلها الفني وتقبلها لثقافة الخدمة، لذلك فكل المؤشرات تؤكد صعوبة العمل في هذا المجال، ولكن هذا لا يعني عدم السير قدماً بهذا الاتجاه بل لا بد من التعامل مع موضوع تحسين الخدمات المقدمة للمواطن سواءً كان شخصية اعتبارية او طبيعية بمنتهى الجدية نظراً للاثر الحاسم المترتب على هذا الامر، كما يجب ان لا يقتصر تحسين الخدمات على الحكومة بمختلف اجهزتها التنفيذية، حيث لا بد من الاخذ في الاعتبار ان كثير من الخدمات الاساسية يتم تقديمها عبر السلطات المحلية المتمثلة بشكل اساسي في البلديات وأمانة عمان، ومراعاة خضوع القرارات المتعلقة بتحسين الخدمات للتقييم المستمر وذلك لتلافي اي معيقات قد تظهر اثناء التطبيق.
 
من الضروري ان تولي الحكومة اهتماماً خاصاً بشكاوى المواطنين وملاحظاتهم حول مستوى الخدمات الحكومية وكلفتها واثرها على اعمالهم ومدى مساهمتها في التأثير على حياتهم، فمن الملاحظ ان هناك العديد من الاصوات التي ترتفع عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام المختلفة، وفي معظمها تتفق على وجود قصور رسمي واضح في مستوى الخدمات المقدمة وكلفتها وعدم شمولها لمختلف مناطق المملكة، الا انه ومع تفهم شكوى المواطنين من التقصير الذي تعانيه العديد من المؤسسات والدوائر الرسمية، لا بد لنا من الاعتراف ايضاً بالتطور النوعي اللافت الذي شهدته بعض المؤسسات التي تقدم الخدمات للمواطنين، مثل دائرة الاحوال المدنية والجوازات ودائرة ترخيص المركبات، ومع التوسع في تقديم الخدمات الالكترونية فمن المتوقع ان نشهد مزيداً من التطور في خدمات مؤسسات ودوائر اخرى، فالاردن ورغم كل السلبيات والمعيقات لديه الكفاءات التي تتمتع بالخبرة والاختصاص وايضاً الرغبة الصادقة في النهوض بمستوى الاداء والارتقاء بالخدمات العامة الى مستوى الطموحات.
 
تقوم الحكومات واجهزة الدولة المختلفة باداء حزمة متنوعة من الوظائف والخدمات لمختلف القطاعات الاقتصادية ولسائر فئات المجتمع، وتشكل هذه الوظائف والخدمات ركيزة اساسية لنمو المجتمع وتطوره وقاعدة للنمو المستدام، وفي اطار هذه الحزمة تحتل الخدمات العامة موقعاً مميزاً، فهي ركيزة اساسية لمختلف القطاعات، وهي ايضاً تعبير عن التزام مؤسسات الدولة ليس فقط باداء مهامها وادوارها وانما ايضاً بتوفير حياة أفضل للمواطنين ورفع مستوى معيشتهم، ويمكن ان نعتبر مستوى الخدمات العامة ومدى شمولها مراَة لتطور المجتمع ونتيجة نهائية لمختلف المهام والواجبات التي يتم القيام بها في اطار المؤسسات الرسمية، لذلك ليس غريباً اعتبار تقديم الخدمات والسعي لرضى متلقي الخدمة أولوية اساسية في عمل الحكومات والمؤسسات الرسمية، فالخدمات العامة بمختلف انماطها حق شرعي للمواطن والمستثمر ولمختلف الفئات الاخرى كل حسب موقعه، لذلك فان ضمان الحق في الحصول على خدمات ذات نوعية مميزة وبجودة عالية لا بد ان يؤطر ضمن التشريعات ذات العلاقة وعلى اسس من العدالة والمساواة والشفافية.
 
ويعد موضوع الخدمات العامة والسعي لتحسينها من أصعب المهام نظراً لتعدد الخدمات بحد ذاتها واختلاف الفئات التي تتلقى او تستفيد من هذه الخدمات، ففي هذه الايام لم يعد هناك من يعتقد ان تقديم الخدمة يمكن ان يتم حيثما اتفق، فقد اصبح المواطن او المستثمر او السائح يمتلك مرجعاً ليس فقط للمقارنة مع ما يقدم من خدمة في اكثر دول العالم تقدماً وانما ايضا مع ما يمكن ان يقدمه القطاع الخاص من خدمات متميزة، وفي ظل ذلك تصبح مهمة تطوير الخدمات وتحسينها ضرورة اساسية ومتطلبا لا بد من تحقيقه بالشكل المناسب، اضف لذلك فالقطاع العام محكوم عادة بقيود تنظيمية وامكانيات مادية قد لا تمكنه من تلبية كل ما تتطلبه الخدمات من استثمارات مالية في قطاعات متنوعة ومناطق متعددة، ولكن التطور الذي نشهده في تكنولوجيا المعلومات قد يشكل سفينة نجاة ووسيلة للنهوض بهذا القطاع، خاصة مع الادراك لاهمية تكامل الخدمات العامة في مختلف المجالات.
 
أعلنت الحكومة مؤخراً عن اطلاق حزم من الإجراءات الرامية إلى تنشيط الاقتصاد وتحفيز الاستثمار وتحسين جودة الخدمات، وتشمل هذه الحزم أربعة محاور هي: تنشيط الاقتصاد الوطني وتحفيز الاستثمار، الإصلاح الإداري والمالية العامة، تحسين المستوى المعيشي للمواطن وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وقد تم الاعلان عن عدد من الاجراءات في اطار المحور الاول والثاني وسيتم تباعاً الاعلان عن الاجراءات المتعلقة بالمحاور الاخرى.
 
كثيرا ما يكون تقديم الخدمات العامة مسرحاً لتفشي الفساد مثل تقديم الرشاوى والمحاباة وغيرها من الظواهر، وهنا لا بد من توفير الشفافية في التعامل مع الجمهور ووضوح الاجراءات وبساطتها، اضافة الى توفير البيئة الملائمة لتقديم الخدمة وهي عوامل اساسية لمكافحة هذه الظاهرة والتخلص منها، وعموماً فان محاربة الفساد تشكل ركناً اساسياً في تمكين المؤسسات وكوادرها الادارية من تقديم خدمات ترقى لمستوى تطلعات المواطن، فالفساد يقوض الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة وهو أقصر الطرق لتفشي الوهن وعدم الثقة وتردي الاداء وانهيار المؤسسات والمجتمعات والدول، وهنا لا نتحدث عن الفساد المالي فقط بل ايضاً الفساد الاداري والذي قد تكون اثاره اشد سلبية وأعمق تأثيراً على بنية المؤسسات والمجتمع وهو يرتبط بالترهل الاداري وعدم تحمل المسؤولية والتردد في اتخاذ القرارات ومع تفشي الواسطة والمحسوبية التي تؤدي لهضم الحقوق والشعور بالظلم وازياد الشعور بعدم الولاء تجاه الدولة ككل يتضاءل احترام القوانين والالتزام بها وتتراجع الثقة بقدرة المؤسسات على القيام بواجباتها ومسؤولياتها.
 
ولمواجهة هذه الظواهر، واضافة لتوفر الاطر الرقابية الملائمة، لا بد ايضاً من ضمان الشفافية بحيث تصبح المعلومات متاحة للمواطنين على مختلف مستوياتهم، لكي يتمكنوا من المساهمة في خلق بيئة تقوم بتحفيز المساءلة وتساهم في ترسيخ قيم النزاهة والعدالة في المجتمع وايقاف الوهن الذي يمكن ان يمتد الى مختلف مفاصل الدولة والمجتمع، ولا بد من ترجمة النوايا الطيبة الى اليات واجراءات ملموسة وخطوات عملية تشكل مدخلاً لمرحلة من النزاهة والعدالة والثقة، ومع الادراك بان التخلص من ظاهرة الفساد تتطلب جهداً ووقتاً واجراءات ليست سهلة ولكن الامر يستحق العناء، وبالرغم من ان الجهات الرسمية لا بد ان تكون هي المبادرة لمحاربة هذه الظاهرة الا انها ايضاً تحتاج الى دعم مختلف مكونات المجتمع.
 
يحتل موضوع الحكومة الرشيقة القادرة على تقديم الخدمات المناسبة حيزاً اساسياً فيما يتعلق بتحسين الخدمات، الكثرة كما يقال تعيق الحركة، فحجم القطاع العام في الاردن يشكل احد العوائق الرئيسة لمختلف عمليات الاصلاح سواء الاداري او المالي، واجمالا فان واقع الادارة العامة في الاردن والتي كانت في يوم من الايام مضرب المثل في الكفاءة والفاعلية تعاني اليوم العديد من المصاعب، لعل من ابرزها ترهل هذا الجهاز والاعباء التي يشكلها على الموازنة العامة بل وحتى على القطاعات الاقتصادية المختلفة، ولا شك اننا امام معضلة معقدة ففي الوقت الذي تعاني منه المملكة من بطالة كادت تلامس 20% يصعب الحديث حول الاستغناء عن الموظفين، لذلك لا بد من النظر لهذا الموضوع في اطار توجه استراتيجي يضمن الاستخدام المناسب للموارد البشرية ومراعاة الحاجة الفعلية للوظائف وتوزيعها بين المؤسسات المختلفة، وفي نفس الوقت يراعي الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين مع منح فترات انتقالية يتم خلالها تمكين القطاع الخاص من توليد فرص عمل مناسبة لاستيعاب اكبر عدد ممكن من المتعطلين، وايضاً لافساح المجال امام من يرغب في الانتقال من الوظيفة العامة للقطاع الخاص، مع الحرص في نفس الوقت على عدم خسارة الكفاءات العاملة في القطاع العام بل العمل على تثبيتها والاستمرار في رفع كفاءتها وقدراتها، وقد ان الاوان ان ندرك بان الحل لمشكلة البطالة لا يتم عن طريق الوظائف الحكومية بل من خلال اتاحة المجال وتوفير الظروف الملائمة لجذب ونمو استثمارات القطاع الخاص، ولعل الخطوة الاولى في تحسين الخدمات التي يقدمها القطاع العام تتمثل في توفر معايير تقييم ومواصفات محددة تعكس مستوى الاداء ومدى توافقه مع طموحات تقديم خدمة مميزه للمواطنين بمختلف فئاتهم ومواقعهم، ان واقع الاداء في مجال تقديم الخدمات للمواطنين يتطلب جهوداً كبيرة من مختلف الجهات وبما يكفل التعاضد اللازم لمواجهة التحديات والمعيقات التي تحول دون قيام بعض الجهات بتوفير الخدمات الملائمة للمواطنين.
 
القطاع العام الكفؤ وذو الحجم المناسب يعد عاملاً اساسياً في التأثير الايجابي على مختلف مفاصل الدولة ومتطلباً اساسياً لتحسين الخدمات المقدمة للمواطن، ويدخل ضمن هذا الاطار اعادة هيكلة المؤسسات المختلفة بهدف ازالة الازدواجية في المهام والمسؤوليات ومعالجة الترهل وصولا الى تحقيق تكامل في عمل المؤسسات المختلفة يحقق هدف تقديم الخدمات ذات النوعية المناسبة وتسهيل حصول المواطن على الخدمة ضمن ظروف ملائمة من حيث البنية التحتية لموقع تقديم الخدمة والموظفون الذين يقدمون هذه الخدمة.
 
ونحن اليوم أحوج ما نكون للاستفادة من التقدم التكنولوجي الذي يتيح تقديم طيف واسع من الخدمات الالكترونية، كما اننا بحاجة الى تطوير معايير ومؤشرات اداء لتقييم مستوى الخدمات والتقدم الذي نحرزه في هذا المجال، كما أننا بحاجة لسماع راي المستفيدين من الخدمات لنتمكن من السير في عمليات التحديث والتطوير والاسترشاد بالتغذية الراجعة منهم، وقد يكون من المناسب التفكير بشراكة فاعلة مع القطاع الخاص لرفع مستوى الخدمات الحكومية كماً ونوعاً وقدرة على تغطية المناطق المختلفة من المملكة، كما انه لا بد ايضاً من العمل جدياً للاستفادة من اللامركزية في مجال تحسين الخدمات.