التحول الرقمي والهيكلي.. هل نجحت "وادي الأردن" بتحقيق إدارة متقدمة للموارد المائية؟
الغد-إيمان الفارس
أكدت سلطة وادي الأردن عبر تقريرها للعام 2024، على نموذج لتكامل التخطيط الإستراتيجي مع التحول الرقمي، وإدارة المياه ضمن أطر بيئية واقتصادية.
وأشارت السلطة، عبر هذا التقرير، لقدرتها على التكيف مع التحديات، وتعزيز دورها بالتنمية المستدامة، سواء عبر الشراكات الوطنية والدولية، أو عبر إستراتيجيات التحول المؤسسي المدعومة بأنظمة رقمية متقدمة.
ويتوقع أن تثمر هذه الجهود خلال الأعوام المقبلة عن نتائج ملموسة على مستوى الخدمة العامة، وإدارة الموارد، والتنمية في وادي الأردن، الذي يعد شريانا مائيا واقتصاديا حيويا للمملكة.
وفي التفاصيل، كشفت سلطة وادي الأردن في تقريرها السنوي للعام 2024 عن حزمة من الإنجازات الإستراتيجية والتنظيمية، شملت تحديثات نوعية في البنية التحتية الرقمية، وتقدما ملحوظا في مجال إدارة الموارد المائية، خاصة المشتركة منها.
التقرير، الذي أعدته مديرية التخطيط الإستراتيجي ومديرية المياه المشتركة والتابعة لـ"وادي الأردن"، يعكس توجها حكوميا نحو الحوكمة الفعالة والمواءمة مع الرؤى الوطنية، وعلى رأسها رؤية التحديث الاقتصادي وإستراتيجية التحول الرقمي.
وأطلقت مديرية التخطيط الإستراتيجي الخطة الإستراتيجية والتنفيذية للأعوام 2024 – 2026، في خطوة تمثل محورا رئيسا لرسم ملامح المرحلة المقبلة.
ورافق هذه الخطة إعداد إطار للمتابعة والتقييم يتضمن مؤشرات أداء دقيقة، بما يضمن قياس الإنجاز ومساءلة الأداء.
كما قامت المديرية بإعداد التقرير السنوي للسلطة لعام 2024، بعد حصر شامل لإنجازات الإدارات والوحدات المختلفة، مما يعكس نهجا تكامليا في التوثيق والتحليل المؤسسي.
وحقق العام 2024 تقدما كبيرا في رقمنة العمليات الإدارية، حيث تم تحديث وتفعيل أنظمة الديوان، الأرشفة، والبوابة الإلكترونية في المركز وكافة مديريات الأغوار. كما شهد العام تعاونا مثمرا مع وزارة التخطيط لتفعيل نظام السجل الوطني للمشروعات الحكومية (NRIP)، وإدخال بيانات مشاريع السلطة ضمن الموازنة العامة، واعتماد مشروع "سد مدين" ضمن هذا الإطار.
وفي سياق متصل، جرى تنفيذ خريطة رقمية للمصادر المائية والمشاريع، إلى جانب تقييم وتطوير نظام المعلومات الجغرافية بالتعاون مع (GIZ)، ما يعزز من التكامل في تحليل البيانات واتخاذ القرار.
وعملت المديرية على مراجعة الوثائق الوطنية، مثل خريطة تحديث القطاع العام وإستراتيجية التحول الرقمي، واستخلاص المبادرات ذات الصلة بعمل السلطة وقطاع المياه.
كما شاركت في إعداد تقارير وطنية تقيس التقدم نحو تحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي، إلى جانب تقارير حول الإنفاق الرأسمالي ومؤشرات الأداء.
وعلى صعيد التحول الرقمي، تم تقييم الأنظمة المحوسبة في السلطة ووضع خطة عمل لتحديثها، بما يشمل نظم الأراضي، الرسائل، المكتبة الوطنية وغيرها، مع توفير الدعم الفني اللازم.
وفي الجانب الاستثماري، أعدت السلطة مقترحات لتمويل مشاريع رأسمالية واستثمارية، ووجهتها إلى جهات مانحة مختلفة. كما عملت على تحديث البيانات الخاصة بالمشاريع، وتزويد الجهات الحكومية المعنية بها، كوزارة التخطيط، وزارة المياه، ورئاسة الوزراء، بما يعزز من الشفافية والتكامل في العمل الحكومي.
كما تم تحديث الموازنة المائية الخاصة بالسلطة، وإعداد خطة تخفيف المخاطر (RMP) الخاصة بمشاريع "الفارا"، بما يعكس استعدادا مؤسسيا لمواجهة التحديات المستقبلية.
وشاركت "وادي الأردن" في أعمال جائزة الملك عبدالله الثاني للتميز، خاصة في معايير التوجهات الوطنية، الإستراتيجية، والتحول الرقمي، كما انخرطت في أعمال متعلقة بمركز التحكم التقني من خلال أنظمة سكادا والمعلومات المائية، إضافة إلى مشاريع النماذج المائية والاستشعار عن بعد.
وفي موازاة هذه التحولات التقنية، لعبت مديرية المياه المشتركة دورا محوريا في إدارة الموارد المائية السطحية والجوفية، بالتنسيق مع إدارات التشغيل والصيانة في الأغوار الشمالية والوسطى.
وتم إنشاء وتحديث قاعدة بيانات شاملة لنهر الأردن ونهر اليرموك، لضمان اتخاذ قرارات مبنية على بيانات دقيقة.
ومن أبرز ملامح الإنجاز في هذا المجال؛ تمثيل السلطة في المحافل الدولية الخاصة بالمياه المشتركة، والاستجابة لحالات الطوارئ، لا سيما الانهيارات، والتعاون الثنائي لإعادة تأهيل نهر الأردن، وفق اتفاقيات متعددة، بهدف تعزيز السياحة الإقليمية وتوليد فرص عمل.
كما قامت بتشجيع الزراعة المستدامة، وتبني أساليب صديقة للبيئة في مكافحة الآفات، وتعزيز اللقاءات الزراعية على ضفتي النهر، والسعي لإنشاء مركز أبحاث إقليمي يعنى بإعادة تأهيل نهر الأردن ومواجهة آثار التغير المناخي.
وذلك إلى جانب مراقبة الأنشطة في الجانب السوري التي تؤثر على تدفقات نهر اليرموك، وهو أمر بالغ الأهمية للأمن المائي الأردني.
وعن التوعية والشراكات، لم تغفل السلطة البعد التوعوي، حيث شاركت في حملات عامة للتوعية باستخدام المياه المستدام، كما عززت شراكاتها مع منظمات دولية.