الغد- نظم منتدى خبراء إدارة المخاطر ندوة بعنوان “إدارة المخاطر السيبرانية في ظل ثورة الذكاء الاصطناعي والتوترات الجيوسياسية” من خلال تقنية التواصل المرئي وبمشاركة مجموعة من الخبراء والمهتمين.
في بداية الندوة أكد المدير التنفيذي للمنتدى شاهر سليمان بعد ترحيبه بضيف الندوة علاء القدومي، على أهمية النظر للمخاطر التي تواجه الدول والمؤسسات والأفراد، ومدى تأثير الهجمات السيبرانية عليها من مناحٍ سياسية واقتصادية وأمنية وغيرها. وأشار إلى أن الجميع لمس بشكل فعلي تأثير الحروب السيبرانية على مجريات الأحداث والنزاعات الحاصلة حاليا في المنطقة، وأن تبعاتها تمتد لكافة طبقات المجتمع ومستوياته. ويعود ذلك للارتباط الوثيق للنشاطات والأعمال بالتكنولوجيا والخدمات الرقمية.
من جانبه رحب الدكتور مروان عوض رئيس المنتدى العالمي بالضيف القدومي، ومؤكداً على أهمية موضوع الندوة وأنه حديث الساعة بين المؤسسات والأفراد والمجتمعات، وفي ظل الصراعات المتجددة في المنطقة وتسليح الهجمات السيبرانية بين أطراف النزاعات. كما أشار إلى التغيير الجذري الذي تحدثه تقنيات الذكاء الاصطناعي وما يصاحبها من مخاطر مستجدة.
وسلط المحاضر الضوء على أهمية إدارة المخاطر السيبرانية، مستعرضاً بعض الإحصائيات العالمية التي تبين مدى انتشار وتأثير الهجمات السيبرانية وتزايد صعوبة اكتشافها والتصدي لها، إضافة إلى حجم الخسائر المالية التي تتكبدها الحكومات والمؤسسات من جراء تعرضها للاختراقات. وأشار إلى أن من أهم التحديات التي تحد من فاعلية إدارة تلك المخاطر تعود إلى النقص في الموارد البشرية المؤهلة للعمل في مجالات الأمن السيبراني المختلفة.
ثم بين القدومي أن المخاطر السيبرانية تختلف عن أنواع المخاطر الأخرى بتغيرها السريع والمتلاحق مع ظهور تكنولوجيا جديدة وتطور قدرات الحوسبة السريعة، وأصبحت تلك المخاطر على رأس أولويات المسؤولين وأصحاب القرار نظرا لما لها من تأثيرات كارثية على مختلف القطاعات. وتطور تصنيف المخاطر السيبرانية من كونها محصورة في تكنولوجيا المعلومات إلى أنها أبيحت مخاطر على الأعمال لأنها قد تتحول إلى مخاطر تشغيلية أو مخاطر مالية أو مخاطر سمعة.
في المحور الأول تم استعراض الثورة الحاصلة في ظل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتي اجتاحت كافة نواحي الحياة العملية والاجتماعية والأمنية على حد سواء، وكيف أن التبني السريع لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي صاحبه مجموعة كبيرة من المخاطر السيبرانية المستجدة. وشرح المحاضر مجموعة من المخاطر التي قد تتعرض لها المؤسسات والأفراد من جراء الاستخدام غير المدروس لنماذج الذكاء الاصطناعي، وأنها قد باتت سببا في نسبة مرتفعة من حوادث الأمن السيبراني مثل تسريب البيانات الحساسة والشخصية. وبين أن المخترقين أصبحوا يستغلون القدرات الهائلة للذكاء الاصطناعي في تطوير أساليب الاختراق وهجمات الاحتيال التصيدي وتطوير برمجيات خبيثة بسرعة وسهولة غير مسبوقة، ولم تعد المعرفة التقنية المتخصصة متطلبا أساسية للمخترقين حيث تتيح نماذج الذكاء الاصطناعي تلقي الأوامر البسيطة وتحويلها إلى برمجيات معقدة بأقل مجهود.
واستعرض القدومي مجموعة من التوصيات التي يمكن تبنيها للحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي على الأمن السيبراني مثل تبني تقنيات دفاعية مبنية باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتبني سياسات معتمدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، وتوفير بديل آمن للموظفين يكون مضبوطا أمنيا من قبل المؤسسات للحد من استخدامهم للذكاء الاصطناعي في الظل، وتحديث سجل المخاطر المؤسسية لشمول تلك المخاطر المستجدة، وتضمين برامج الرقابة والتدقيق الداخلي والخارجي لمراقبة مدى الالتزام بمتطلبات الحماية من تلك المخاطر.
وفي المحور الثاني استعرض القدومي مجموعة من الأمثلة الواقعية على تأثير التقلبات الجيوسياسية على الأمن السيبراني للدول والمجتمعات، وكيف أن الحروب السيبرانية أصبحت سلاحا مجيشا قد يرجح كفة أحد أطراف النزاعات. وبين أن الحروب السيبرانية قد تشمل تعطيلا للبنى التحتية مثل شركات الاتصالات والمؤسسات المالية والخدمات الحكومة وقد تمتد إلى التأثير على القطاع الصحي والطاقة والصناعة. كما أن سرقة البيانات الحساسة وأسرار الدول تعد هدفا ثمينا أثناء الصراعات. وأشار إلى أن أحد أساليب الحروب السيبرانية هو نشر المعلومات المضللة من خلال حسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي والتي من شأنها زعزعة المجتمعات وإثارة الفتن.
وشرح القدومي أسباب توسع الحروب السيبرانية بين الدول لما توفره من سرعة في التنفيذ وسهولة التخفي والإنكار، وإمكانية تنفيذها بتكاليف منخفضة مقارنة بالحروب التقليدية، كما أنه يمكن شنها عن بعد وإحداث أضرار جسيمة تحقق أهدافا سياسية وأمنية إستراتيجية.