أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    01-Sep-2025

التحديات الإقليمية والاقتصادية ترفع كفاءة الإدارة المالية للأردنيين

 الغد-عبد الرحمن الخوالدة

في الوقت الذي أظهر به تقرير رسمي حديث تحسن مؤشرات الصحة المالية للأفراد والأسر، أكد  اقتصاديون أن التحديات المحيطة بالاقتصاد الوطني خلال السنوات الأخيرة والمتمثلة بـ(كورونا، التضخم، العدوان الصهيوني على غزة)، دفعت الأفراد والأسر إلى حذر أكثر كفاءة في إدارة مواردهم المالية، وتحسن القدرة على مواجهة الصدمات الاقتصادية والظروف الطارئة، ما ساهم في تعزيز الصحة المالية للأسر.
 
 
وأوضح هؤلاء الخبراء أن تحسن مستويات الصحة المالية المتحققة محليا، (الإنفاق، الادخار، التخطيط) تشكل لبنة أساسية في تعزيز الاستقرار الاقتصادي الوطني، وتؤكد على أهمية الاستمرار في نشر الثقافة المالية على نطاق أوسع لضمان استدامة هذا التحسن في الأعوام المقبلة. 
وفي الوقت ذاته يرى الخبراء أنه ما يزال هناك فجوة هيكلية في مستوى الصحة المالية والفرص الاقتصادية بين المحافظات، وهو ما يتطلب جهودا لتعزيز النمو الاقتصادي المتوازن وشمولية التنمية المالية. 
وبغية تعزيز مسار تحسن الصحة المالية خلال الفترة القادمة، دعا الخبراء إلى أهمية تطوير مناهج التعليم المالي في المدارس لمواكبة التطورات التكنولوجية في مجال المالية، وتعزيز دور المرأة في التخطيط المالي الأسري، إضافة  إلى إنشاء مرصد وطني للصحة المالية لمتابعة التطورات بشكل دوري.
ويقصد بالصحة المالية، الحالة التي يكون فيها الأفراد قادرين على تلبية احتياجاتهم والتزاماتهم المالية، والسعي نحو تحقيق الأهداف المالية، وتوفر الإمكانية للتعامل مع الصدمات المالية السلبية، مع الأخذ في الاعتبار مواردهم المالية الحالية والمستقبلية بناء على عوامل شخصية وموضوعية.
تفاصيل تقرير الصحة المالية
وأظهر تقرير الصحة المالية لعام 2024 الذي أصدره البنك المركزي الأردني أخيرا، تحسنا في أداء المواطن الأردني بالمقارنة مع عام 2023، إذ ارتفعت نسبة الأفراد الذين يتمتعون بصحة مالية سليمة والمتأقلمين مالياً مقابل انخفاض نسبة الأفراد الذين يعانون من ضعف في الصحة المالية. 
وبحسب نتائج استبيان الصحة المالية للتقرير، بلغ متوسط نقاط الصحة المالية للأفراد في عام 2024 حوالي 46% بالمقارنة مع 42% و44% في عامي 2023 و2022، على التوالي، والذي يشير إلى وجود ارتفاع في مستوى الصحة المالية لدى الأفراد خلال هذا العام بالمقارنة مع الأعوام السابقة، وعند تفصيل متوسط نقاط الصحة المالية للفتر (2022-2024)، فعلى الرغم من أن متوسط نقاط الإنفاق لدى الأفراد كان الأقل في كامل الفترة، إلا أن جانب الادخار لدى الأفراد في عام 2024 أظهر ارتفاعا ملحوظا بالمقارنة مع الأعوام السابقة، حيث بلغ متوسط الادخار 48 % بارتفاع بنسبة 7 % عن المتوسط في عام 2023.  
كما ارتفع حجم التخطيط الاقتصادي للأفراد بواقع 5 درجات عن عام 2023 ليصل إلى 45 %، الأمر الذي يدل على تحسن المرونة المالية لديهم وزيادة حرصهم على مواجهة أي صدمات مالية وظروف طارئة في المستقبل
وحول نتائج مستويات الصحة المالية التي أظهرها التقرير، ارتفعت نسبة المتمتعون بالصحة المالية السليمة خلال عام 2024 إلى 5.7 % مقارنة مع 4.6 % في 2023، كما ارتفعت نسبة المتأقلمين ماليا إلى 55.8 % قياسا مع 47.7 % في عام 2023، فيما تراجعت نسبة من يعانون من ضعف في الصحة المالية العام الماضي إلى 38.5 %، مقارنة مع 47.7 % في عام 2023. 
وكشف التقرير أن الإناث أكثر حفاظا على صحتهن المالية من الذكور، حيث أن، 71.8 % من الإناث يتمتعن بصحة مالية سليمة أو متأقلمات ماليا، في المقابل 55.6 % من الذكور يمتازون بصحة مالية سليمة أو متأقلمون ماليا.
تحسن  الوعي المالي 
وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش إن نتائج تقرير الصحة المالية الأردنية للعام 2024، تشير إلى تحسن في أوضاع الأفراد والأسر المعيشية، على الرغم من استمرار تأثر الاقتصاد الوطني بالاضطرابات الإقليمية، ولا سيما الحرب الإسرائيلية على غزة المستمرة منذ نحو عامين. 
وأضاف أن هذا التحسن يعود جزئيا إلى استقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية محليا، إضافة إلى تغير السلوكيات المالية للمواطنين في مجالات الاستهلاك والدخل والاستثمار، ما انعكس على النتائج المسجلة في الاستقصاءات المالية.
وأوضح عايش، أن المؤشرات تكشف عن ارتفاع مستوى الوعي المالي لدى الأفراد، حيث هناك  انتقال حقيقي من الإنفاق العشوائي إلى إدارة أكثر تخطيطاً لمواردهم المالية، وذلك بالاستناد على التغييرات التي حدثت على أداء مؤشرات الادخار والتخطيط الاقتصادي، حيث ارتفعت 7 % و5 % تواليا، عن مستوياتها في عام 2023. 
وأشار إلى أن المرأة ما تزال أكثر حصافة مالية من الرجل، وأصحاب الدخل المرتفع والمستوى التعليمي الأعلى يتمتعون بصحة مالية أفضل مقارنة بأصحاب الدخل المحدود أو التعليم الأقل. 
وأكد أن هذه المؤشرات تعكس تطورا في الوعي المالي والسلوكيات الاقتصادية للأفراد والأسر، مع ارتفاع نسب الفئات المتأقلمة ماليا، وانخفاض نسبة الفئات ضعيفة الصحة المالية. 
وشدد عايش على أن التحديات ما تزال قائمة على صعيد الفجوات الجغرافية والتعليمية، حيث تتصدر العاصمة عمان المحافظات من حيث الصحة المالية، مؤكدا ضرورة تكثيف التوعية المالية وتنظيم سوق الاقتراض، ودعم الفئات المهمشة، لضمان استدامة التحسن المالي للأردنيين.
إيجابيات تحسن الصحة المالية 
بدوره أوضح أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية غازي العساف، أن تحسن الصحة المالية في الأردن يعكس عدة عوامل إيجابية، أبرزها ارتفاع مستويات الادخار وزيادة القدرة الادخارية للأفراد، إلى جانب تحسن التخطيط المالي طويل المدى، ما يدل على تطور الوعي المالي مقارنة بالفترات السابقة، إلى جانب تحسن القدرة على مواجهة الصدمات الاقتصادية والظروف الطارئة، مما ساهم في تعزيز الصحة المالية للأسر.
وبين أن تفوق النساء على الرجال في مستويات الصحة المالية وفقا لنتائج التقرير، يعكس تمتع النساء بمستوى أفضل من الرجال في المهارات الإدارية والتخطيطية، إضافة إلى ميلهن للحذر المالي والادخار. 
وحذر من استمرار الفجوة الهيكلية في مستويات الصحة المالية والفرص الاقتصادية بين المحافظات، وهو ما يتطلب جهودا لتعزيز النمو الاقتصادي المتوازن وشمولية التنمية المالية.
من الناحية الاقتصادية، أوضح العساف أن تحسن الصحة المالية يعزز الطلب الفعال على السلع والخدمات، ويرفع مستوى الثقة الاستهلاكية، ويدعم الاستثمار في الأصول المنتجة، ما يسهم في تعزيز دورة النمو الاقتصادي. كما يعزز القطاع المالي من خلال زيادة الودائع المصرفية وتحسين جودة المحافظ، بما يساهم في الاستقرار المالي الكلي.
وبغية استدامة مسار التحسن المتحقق خلال الفترة القادمة، أوصى العساف، بأهمية تطوير مناهج التعليم المالي في المدارس لمواكبة التطورات التكنولوجية في مجال المالية، وتعزيز دور المرأة في التخطيط المالي الأسري، بالإضافة إلى إنشاء مرصد وطني للصحة المالية لمتابعة التطورات بشكل دوري.
التفوق النسائي
وأكدت رئيسة ملتقى سيدات الأعمال والمهن الأردني ريم البغدادي، أنه طرأ تحسن ملموس في سلوكيات الأفراد والأسر المالية خلال الأعوام الأخيرة، سواء من حيث الادخار أو التخطيط أو الإنفاق. هذا التحسن لا يعد مجرد ارتفاع في الأرقام أو النسب المئوية، بل يعكس نقلة نوعية في وعي المواطن الأردني بأهمية إدارة موارده المالية على نحو يضمن له الاستقرار ويؤمّن له القدرة على مواجهة التحديات المستقبلية.
وشددت على أن التحسن المتحقق، يشكل لبنة أساسية في تعزيز الاستقرار الاقتصادي الوطني، وتؤكد على أهمية الاستمرار في نشر الثقافة المالية على نطاق أوسع لضمان استدامة هذا التحسن في الأعوام المقبلة.
وبحسب البغدادي، يشير تحسن سلوكيات الإنفاق إلى أن الأفراد أصبحوا أكثر ميلا إلى الاستهلاك الواعي، حيث باتت قرارات الإنفاق تخضع لمعايير الحاجة والأولوية بدلا من العشوائية أو الاستهلاك المفرط. هذا التوازن بين الدخل والمصروف من شأنه أن يساهم في الحد من التعثرات المالية الفردية، ويعزز الاستقرار الاقتصادي على مستوى المجتمع ككل.
وفي تعليقها على تفوق النساء على الرجال في مستوى الصحة المالية السليمة، أوضحت البغدادي، أن التباين في ذلك  يعكس لاختلاف في السلوك المالي بين الجنسين.
وترى البغدادي، أن المرأة الأردنية تبدو أكثر ميلا إلى الادخار والتخطيط المالي، وأكثر حذرا في إدارة مواردها. هذا قد يرتبط بدورها الاجتماعي داخل الأسرة ومسؤوليتها عن ضمان الاستقرار الأسري، حيث تدرك أن حسن إدارة الموارد المالية ينعكس بشكل مباشر على رفاهية العائلة. 
هذا التفوق النسائي في الصحة المالية يعكس أيضا توجها عاما نحو تمكين المرأة اقتصاديا، ويؤكد أن زيادة وعي النساء المالي يمكن أن يشكل عاملا أساسيا في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأردن. 
رياح التغيير 
من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي منير دية، أن تحسن مستوى الصحة المالية للأفراد والأسر ليس مفاجئا، إذ جاء كنتيجة طبيعية لتأقلم الأسر الأردنية مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها خلال السنوات الأخيرة، سواء بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا أو التغيرات الاقتصادية الإقليمية، مثل ارتفاع أسعار الفائدة، وارتفاع تكاليف الطاقة والمحروقات والكهرباء، وزيادة قيم القروض، وارتفاع التضخم. حيث أن هذه التحديات دفعت الأسر إلى أن تكون أكثر حذرا وأكثر كفاءة في إدارة مواردها المالية، مع تحقيق توازن أفضل بين الدخل والنفقات.
ويرى دية أن مستوى الوعي المالي لدى المواطنين في حالة تنامي مستمرة، إذ أصبح الأفراد أكثر قدرة على وضع ميزانية أسرية متوازنة، مع التفرقة بين الاحتياجات الأساسية والكماليات، وإدارة دخلهم سواء كان ثابتا أو متغيرا، بما يحميهم من التعثر المالي أو التعرض لمشكلات مع البنوك أو شركات الخدمات العامة.
وأوضح دية، أن مؤشر الصحة المالية أداة مهمة لفهم مدى قدرة الأفراد على إدارة مواردهم المالية بنجاح، وتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي يضمن لهم الاستدامة والمرونة في مواجهة التحديات الاقتصادية المستمرة، معربا عن أمله أن يكون هناك التقاط لمخرجات التقرير من قبل الجهات المعنية سواء الحكومية أو الأكاديمية، وتوظيفها في السياسات والمعالجات الخاصة بالاقتصاد الوطني.