"نظام الحقوق".. أساس لحماية البيانات الشخصية
الغد-إبراهيم المبيضين
بينما تمضي الحكومة بتطبيق قانون حماية البيانات الشخصية، يؤكد خبراء في الشأن التقني أن إصدار الجهات الرسمية "نظام تنظيم حقوق الشخص المعني لسنة 2025"، يمثل خطوة مهمة في طريق تفعيل القانون الذي يجعل المستخدم أكثر تحكما في بياناته، ويعزز أمن البيئة الرقمية والمعاملات الإلكترونية.
ويشير خبراء إلى أن إصدار وتطبيق هذا النظام بمقتضى قانون حماية البيانات الشخصية يضع حجر الأساس لحماية بيانات المستخدم الشخصية، ما يعزز الثقة في التعاملات الإلكترونية، مؤكدين أن هذا الإطار التشريعي يضمن أن يكون المستخدم هو المالك والمتحكم ببياناته، وليس مجرد مستخدم عابر، ما يمثل خطوة نوعية نحو بيئة رقمية آمنة وموثوقة، تمكن الأفراد والشركات من الازدهار في الاقتصاد الرقمي.
وهذا النظام، أقره مجلس الوزراء قبل أسبوع ونصف ويحمل اسم "نظام تنظيم حقوق الشخص المعني لسنة "2025؛ وهو يأتي كخطوة لتطبيق بنود قانون حماية البيانات الشخصية الذي دخل حيز التنفيذ في شهر آذار(مارس) الماضي، إذ يشرح النظام للمستخدم كيف يمكن أن يتحكم في بياناته الشخصية ويطلع عليها ويصححها أو يمحوها، إضافة إلى الاعتراض على معالجتها أو تحديد نطاق استخدامها، وتقديم طلبات رسمية لممارسة هذه الحقوق وفق نماذج معتمدة.
ومثال ذلك: قد يتعرض المستخدم إلى انتهاك لبياناته الشخصية في يوم ما بأي شكل من الأشكال من جهة معينة أو أفراد، وقد لا يعلم كيف يتصرف حيال هذا الأمر للحفاظ على حقوقه، وعليه، يشرح له النظام كيف يمكن أن يتحرك قانونيا لحماية بياناته أو يعدلها أو حتى يتقدم بشكوى على الجهة التي انتهكت بياناته وفق نماذج يوضحها هذا النظام.
وأوضح الخبراء، أن هذا النظام يمكن الأفراد من التحكم في بياناتهم الشخصية والاطلاع عليها وتصحيحها أو محوها، إضافة إلى الاعتراض على معالجتها أو تحديد نطاق استخدامها، وتقديم طلبات رسمية لممارسة هذه الحقوق وفق نماذج معتمدة.
ويشار إلى أن النظام يهدف إلى تنظيم إجراءات الحصول على الموافقة المسبقة، لكل غرض من أغراض معالجة البيانات وسحبها واستخدامها، ولتوضيح الآليات التي تخضع لها المعالجة وتلقي الشكاوى بخصوصها والرد عليها، كما يحدد النظام الحقوق القانونية والخاصة للأشخاص الذين يتم تداول معلوماتهم وبياناتهم الشخصية وما لهم وما عليهم، إضافة إلى تحديد الآلية للاعتراض وتسجيل الشكاوى للشركات والمؤسسات التي تعالج بيانات الأفراد، حيث حدد لهم الإطار التشريعي الذي يتعاملون على إثره مع هذه البيانات.
نظام يتيح للأفراد التحكم باليبانات
ويرى الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي والميتافيرس رامي الدماطي، أن نظام "تنظيم حقوق الشخص المعني"، يمثل خطوة محورية في تعزيز حماية البيانات الشخصية في الأردن وضمان التوازن بين متطلبات الاقتصاد الرقمي وحقوق الأفراد".
وبين الدماطي أن النظام يهدف إلى وضع إطار قانوني واضح، يمكن الأفراد من التحكم في بياناتهم الشخصية والاطلاع عليها وتصحيحها أو محوها، إضافة إلى الاعتراض على معالجتها أو تحديد نطاق استخدامها، لافتا إلى أنه يتيح تقديم طلبات رسمية لممارسة هذه الحقوق وفق نماذج معتمدة، مع إلزام الجهات المعنية بالاستجابة خلال مدة لا تتجاوز 15 يوما.
وأكد أهمية النظام كونه "يفرض على المؤسسات التزامات صارمة، مثل ضمان محو البيانات لدى جميع الأطراف التي وصلت إليها وإبلاغ الأفراد بأي خروقات أو انتهاكات لبياناتهم، ما يعزز مستوى الشفافية ويمنح المواطنين الثقة في التعاملات الإلكترونية والخدمات الرقمية.
حقوق الشخص المعني
وبين أن حقوق الشخص المعني، هي مجموعة من الصلاحيات القانونية التي يكفلها النظام للأفراد، بهدف منحهم سيطرة كاملة على بياناتهم الشخصية.
وتشمل هذه الحقوق، سحب الموافقة المسبقة على المعالجة في أي وقت، والاطلاع على البيانات والوصول إليها، وطلب تصحيح أو تعديل أو حذف البيانات، والاعتراض على معالجتها إذا لم تكن ضرورية، وتلقي إشعارات فورية في حال حدوث أي خرق أمني.
وأكد أهمية النظام كونه يضمن آليات واضحة لتقديم الشكاوى ومتابعتها، من دون رسوم أو شروط تعيق الأفراد عن ممارسة حقوقهم.
ولخص الدماطي قائلا "من خلال هذه المنظومة، يساهم النظام في تعزيز الثقة بالاقتصاد الرقمي وتشجيع التجارة والخدمات الإلكترونية في المملكة، مع وضع إطار تشريعي صارم يلزم المؤسسات بحماية بيانات الأفراد وضمان استخدامها ضمن حدود القانون".
المستخدم هو المتحكم في بياناته
ويرى الخبير في مجال التقنية والبيانات د. حمزة العكاليك، أن "هذا النظام هو نظام جديد صادر بمقتضى قانون حكاية البيانات الشخصية يضع حجر الأساس لحماية البيانات الشخصية في الفضاء الرقمي، ويعزز الثقة في التعاملات الإلكترونية".
وبين أن هذا الإطار التشريعي يضمن أن يكون المستخدم المالك لبياناته، والمتحكم الأول والأخير فيها، وليس مجرد مستخدم عابر، فهو "يمثل خطوة نوعية نحو بيئة رقمية آمنة وموثوقة، تمكن الأفراد والشركات من الازدهار في الاقتصاد الرقمي". وقال العكاليك "إن النظام يمنح المستخدم مجموعة من الحقوق القوية التي تمكنه من التحكم الكامل بالبيانات، فللمستخدم الحق في الاطلاع على البيانات والوصول إليها، وهو ما يشبه "الحصول على مفتاح خاص لغرفة بياناتك، إذ يمكنك أيضًا طلب التصحيح أو التعديل أو حتى المحو والإخفاء إذا كانت البيانات غير دقيقة أو لم تعد هناك حاجة إليها، كما لو كنت تحذف سجلات قديمة لم تعد تريدها".
حق الاعتراض على المعالجة
وأضاف العكاليك، أن النظام يمنح أيضا حق الاعتراض على المعالجة أو تخصيصها في نطاق محدد.
وأضاف "تخيل أنك تسمح لتطبيق معين بمعالجة بياناتك لغرض محدد، مثل تحليل عادات نومك، ولكنك لا تريده أن يستخدمها لأي غرض آخر هذا هو جوهر التخصيص، علاوة على ذلك، لديك حق نقل نسخة من بياناتك من جهة إلى أخرى، مما يمنحك حرية التنقل بين الخدمات من دون فقدان معلوماتك".
وقال "وضع النظام شروطا واضحة للموافقة على معالجة البيانات"، مؤكدًا مبدأ الموافقة المسبقة لكل غرض.
ولكنه في الوقت نفسه، بحسب العكاليك، يمنحك الحق في سحب موافقتك في أي وقت من دون قيود، تماما مثل سحب إذن دخول، وبمجرد سحب الموافقة، يجب على الجهة المسؤولة التوقف فورًا عن المعالجة.
واضاف العكاليك "النظام يذهب إلى أبعد من ذلك في مسألة المحو؛ فهو لا يقتصر على الجهة الأصلية التي جمعت البيانات، بل يفرض عليها مسؤولية التأكد من محو بياناتك من أي جهة أخرى انتقلت إليها، مثل الشركات التابعة أو الشركاء وفي حال تعذر ذلك، يجب إبلاغك وتزويدك بالمعلومات اللازمة للتواصل مع تلك الجهات بنفسك".
الشكاوى
وأما بالنسبة للشكاوى، فقد أصبح التعامل معها أكثر فعالية، فالنظام يلزم الجهات المعالجة بوضع آليات واضحة لتلقي الشكاوى والرد عليها خلال 10 أيام عمل، وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء، يحق للمشتكي تصعيد شكواه إلى الجهة المختصة كل ذلك يتم من دون فرض أي رسوم، وبأسلوب بسيط وواضح، لضمان وصول حقك إليك من دون عوائق.
ولخص قائلا "إن هذا النظام ليس مجرد مجموعة من القواعد، بل هو درع حماية لخصوصية بيانات المواطنين والمقميمين في العصر الرقمي، إنه يضمن أن تظل بياناتك تحت سيطرتك، ويعزز الشفافية والثقة في التعاملات الإلكترونية، مما يفتح الباب أمام مستقبل رقمي أكثر أمانًا".
أهمية النظام للأفراد
ومن جانبه، قال الخبير في مجال الاتصالات والتقنية وصفي الصفدي "إن هذا النظام الجديد هو مكمل لقانون حماية البيانات الشخصية وهو يشكل خطوة بالغة الأهمية بالنسبة للأفراد ولأسباب عدة، على رأسها (حماية الخصوصية)، ففي عالم رقمي يتزايد فيه جمع البيانات، يضمن القانون حق الفرد في حماية حياته الخاصة، وعدم استغلال معلوماته الشخصية من دون موافقته".
وأشار الصفدي إلى أهمية النظام بالنسبة للفرد في مجال (السيطرة على البيانات)، كونه يمنح الأفراد الأدوات اللازمة للتحكم ببياناتهم.
وقال "لم يعد بإمكان الشركات أو الجهات المختلفة جمع بيانات المستخدم ومعالجتها من دون إخباره، بل أصبح من حقه أن يعرف ما هي بياناته، وكيف تستخدم، وأن تطلب تعديلها أو حتى حذفها".
ولفت إلى أهميته للأفراد من جانب (بناء الثقة)، حيث يطمئن القانون الأفراد بأن بياناتهم في أمان، مما يشجعهم على استخدام الخدمات الرقمية والتفاعل مع المؤسسات المختلفة، من دون خوف التعرض للاختراق أو الاحتيال.
ضرورته للشركات والاقتصاد
وبالنسبة للشركات والمؤسسات قال الصفدي "إن النظام مهم في مجال (تعزيز الثقة في السوق)، فعندما يعلم المستهلك أن بياناته محمية بموجب القانون، فإنه يصبح أكثر استعدادا للتعامل مع الشركات عبر الإنترنت، مما يدعم الاقتصاد الرقمي ويحفز التجارة الإلكترونية، فضلا عن أهميته في مجال (الامتثال للمعايير العالمية)، "لافتا إلى أن الأردن يواكب من خلال قانون حماية البيانات وهذا النظام، المعايير الدولية لحماية البيانات، مثل اللائحة الأوروبية العامة لحماية البيانات
وقال "هذا الأمر ضروري لتسهيل التجارة مع الدول الأوروبية وجذب الاستثمارات الأجنبية التي تتطلب بيئة قانونية موثوقة لحماية البيانات"، مؤكدا فائدة (وضوح الإطار القانوني)، عندما يوفر القانون والنظام إطارا واضحا للشركات حول كيفية التعامل مع بيانات العملاء، مما يقلل المخاطر القانونية ويجنبها النزاعات أو الغرامات".
أهميته للمجتمع
وقال الصفدي "إن النظام وتطبيقه يعود بفوائد على المجتمع ومنها (تطوير البنية التحتية الرقمية)، كونه يعززجهود الدولة في بناء اقتصاد رقمي آمن وموثوق، ويساهم في تحديث الإجراءات الحكومية والإدارية المتعلقة بالبيانات، إلى جانب أهميته في (حماية الأمن القومي)، من خلال تنظيم معالجة البيانات، إذ يساعد القانون على الحد من عمليات سوء استخدام المعلومات التي قد تؤثر على الأمن الوطني أو تسبب أضرارا اجتماعية".