الإصلاح المالي.. طريق لبقاء النظرة المستقرة للاقتصاد
الغد-عبدالرحمن الخوالدة
صورة إيجابية لمستقبل الاقتصاد الأردني رسمتها وكالة "ستاندرد آند بورز" في أحدث تقرير لها حول توقعات مؤشرات الاقتصاد الوطني، كما قدمت الوكالة دفعة معنوية جديدة للاقتصاد الأردني، بتثبيتها للتصنيف الائتماني السيادي للأردن طويل الأجل بالعملة المحلية والأجنبية عند BB- مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وأكد اقتصاديون في حديث لهم لـ"الغد"، أن توقعات الوكالة للاقتصاد الوطني في المرحلة المقبلة تبدو منطقية، في ظل مواصلته منذ عام وأكثر أداء إيجابيا على أكثر من صعيد (النمو الاقتصادي، نمو الصادرات، الاحتياطيات الأجنبية)، رغم الظروف الخارجية المحيطة به، وذلك مدفوعا بتسارع وتيرة الإصلاحات، وسلامة القرارات الاقتصادية للحكومة.
واعتبر هؤلاء الخبراء، أن تثبيت الوكالة للتصنيف الائتماني السيادي للأردن، يعكس حالة الاستقرار الاقتصادي المحلي وترسخها في السنوات الماضية، عدا عن المرونة العالية التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني واستجابته للأزمات.
وفي سبيل تحقيق التوقعات الاقتصادية التي تنبأت بها الوكالة وتحسين التصنيف الائتماني السيادي للاقتصاد الوطني، طالب الخبراء بزيادة ترويج النتائج الإيجابية للاقتصاد الأردني في الأنشطة والمحافل الاقتصادية كافة التي يشارك فيها الأردن، إلى جانب وجوب الإسراع في تنفيذ المشاريع الكبرى المعلن عنها، وتوسيع الشراكة بين القطاعين، وتقديم المزيد من الحوافز الاستثمارية.
ويضاف إلى ذلك استكمال تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والنقدي وتحقيق أهدافه، ومتابعة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وتحديث القطاع العام علاوة على الاستمرار في تنفيذ إجراءات مكافحة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي الاستمرار بتنفيذ سياسة نقدية تحافظ على سعر صرف الدينار مقابل الدولار.
وكانت وكالة "ستاندرد آند بورز"، أعلنت أول من أمس، عن تثبيت التصنيف الائتماني السيادي للأردن طويل الأجل بالعملة المحلية والأجنبية عند BB- مع نظرة مستقبلية مستقرة. وأشارت الوكالة في تقريرها إلى أن تثبيت التصنيف قد جاء نتيجة استقرار الاقتصاد الكلي، والتقدم المحرز في الإصلاحات الاقتصادية والمالية، والدعم الدولي القوي الذي يحظى به الأردن، بالإضافة إلى المرونة التي أظهرها الأردن في التعامل مع الاضطرابات الأمنية التي شهدتها المنطقة مؤخرا. وتوقعت الوكالة نمو الاقتصاد الأردني في عام 2025
بنسبة 2.6 %؛ في ظل المستجدات الإقليمية وانتعاش القطاع السياحي والارتفاع التدريجي لحجم التجارة مع سورية والعراق، وعلى أن يصل إلى ما نسبته 3 % و3.1 % في الأعوام 2026، 2027 على التوالي.
وعلى صعيد المؤشرات المالية العامة توقعت الوكالة انخفاض عجز الموازنة المجمع ليصل إلى ما نسبته 2.4 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025 مقارنة مع 2.8 % في عام 2024، وكما توقعت الوكالة أن تنخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تدريجياً خلال السنوات المقبلة.
وحول المؤشرات النقدية، أشارت الوكالة إلى أن ربط سعر صرف الدينار الأردني بالدولار الأميركي ساهم باستقرار الأسعار واحتواء معدلات التضخم، حيث تتوقع الوكالة أن تبقى معدلات التضخم في عام 2025 عند مستويات مقبولة لتصل إلى 2.0 %.
توقعات منطقية
وقال مدير عام جمعية البنوك الأردنية ماهر المحروق، إن تقييم وتوقعات "ستاندرد آند بورز" للاقتصاد الأردني، واقعية، فهي تستند على حقائق ونتائج حققها الاقتصاد المحلي على أرض الواقع، منذ بداية العام الحالي، من تحسن أداء الاقتصاد الوطني، إضافة إلى زيادة حجم الصادرات، وتحسن حركة الاستثمارات، عدا عن زيادة حجم الاحتياطيات الاجنبية.
ويذكر أن الصادرات الوطنية سجلت نموا بنحو 9 %، خلال النصف الأول من العام الحالي، قياسا بذات الفترة من العام الماضي، بحسب الإحصاءات العامة.
كما نمت الاحتياطيات الأجنبية خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي بحوالي 5 %، مقارنة مع الفترة المقابلة من عام 2024، لتبلغ بذلك 22.07 مليار دولار، طبقا لبيانات البنك المركزي الأردني.
وأضاف المحروق، أن توقعات الوكالة للاقتصاد الوطني في المرحلة المقبلة في مكانها، حيث أن اقتصادنا يواصل منذ عام وأكثر أداءه الإيجابي على أكثر من صعيد، رغم الظروف الخارجية المحيطة به، مدفوعا بتسارع وتيرة الإصلاحات، وسلامة القرارات الاقتصادية للحكومة، فضلا عن مرونته العالية واستجابته للأزمات.
وأكد أن تثبيت الوكالة للتصنيف الائتماني السيادي للأردن، يعكس حالة الاستقرار الاقتصادي المحلي وترسخها في السنوات الأخيرة، وذلك نتيجة للسياسات النقدية الحصيفة ومتانة النظام النقدي والمصرفي الوطني. ولفت المحروق إلى أن الاستقرار السياسي والاقتصادي، إضافة إلى حالة التصنيف الائتماني، تعد من العناوين الأولى التي ينظر لها المستثمرون في أي بلد، وهي ما تتوفر للاقتصاد الأردني، لذا من المنتظر أن يساهم ذلك في زيادة تدفق الاستثمارات للمملكة.
وأوضح المحروق، أن استقرار التصنيف الائتماني الأردني لأكثر من عام وتجديد ذلك من قبل وكالة مرموقة وذات مصداقية عالية، رغم ما تشهده المنطقة من صراعات ونزاعات محتدمة، يعد شهادة ثقة للاقتصاد الوطني داخليا وخارجيا، مما سيحسن من أداء القطاعات الاقتصادية وتنافسيتها، إضافة إلى تسهيل وصول الأردن إلى المؤسسات التمويلية الدولية.
وكانت وكالة "ستاندرد آند بورز"، قد صنفت الاقتصاد الأردني في شهر نيسان (أبريل) من عام 2024، الاقتصاد الوطني عند BB-، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
دفعة معنوية للاقتصاد الوطني
من جهته، أشاد وزير الدولة لشؤون الاقتصادية الأسبق يوسف منصور، بتثبيت التصنيف الائتماني للأردن، معتبرا انه يمثل دفعة معنوية مهمة للاقتصاد الوطني وتحسين منسوب الثقة به، لا سيما في ظل التحديات الجيوساسية المحيطة بالمملكة.
وبين منصور أن التوقعات التي تنبأ بها التقرير للاقتصاد الأردني، ليست مستحيلة بل يمكن تحقيق مستويات أفضل منها، خاصة مع تزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة، ما سينعكس إيجابا على تنشيط الاقتصاد الوطني، وبالتالي زيادة معدلات النمو الاقتصادي، ورفد الخزينة العامة بالمزيد من العوائد وهو ما سيساهم أيضا في تقليص العجز.
شهادة استقرار للاقتصاد
من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة أن المحافظة على التصنيف الائتماني للأردن عند نظرة مستقبلية مستقرة من قبل وكالة عالمية مرموقة وذات مصداقية مثل وكالة ستاندرد اند بورز، بمثابة شهادة على استقرار الاقتصاد الوطني، وبأن عملية الإصلاح الاقتصادي تحقق بعض الإنجازات، وان عملية الإصلاح التدريجي التي يشهدها الاقتصاد الأردني حاليا ستتوسع في الفترة القادمة وسيضمن بقاء الأردن في منطقة إيجابية.
وشدد المخامرة على أن تثبيت هذا التصنيف يشكل عاملا إيجابيا للأردن، ومن شأنه أن يتيح له الحصول على المزيد من المنح والقروض من المؤسسات المالية والدولية وغيرها من الجهات المانحة، إلى جانب تشجيعه على استقطاب المزيد من الاستثمارات الإقليمية والأجنبية للأردن.
وبغية المحافظة على هذا التصنيف طالب المخامرة الحكومة بأهمية استكمال تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والنقدي وتحقيق أهدافه، ومتابعة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وتحديث القطاع العام علاوة على الاستمرار في تنفيذ إجراءات مكافحة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي الاستمرار بتنفيذ سياسية نقدية تحافظ على سعر صرف الدينار مقابل الدولار.
وحول توقعات الوكالة النمو للعام الحالي والعامين القادمين، يرى مخامرة أن تحقيق مستويات النمو المتوقعة، مرتبط بشكل كبير باستقرار الأوضاع الجيوسياسية، إضافة إلى استمرار تعافي النشاط السياحي المحلي، إلى جانب زيادة حجم التدفقات الاستثمارية.