أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    17-Jul-2025

تفكيك البيروقراطية.. خطوة لا تحتمل الانتظار أو التردد

 الغد-عبدالرحمن الخوالدة

 رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة في مواجهة "البيروقراطية" خلال السنوات الأخيرة، فإن خبراء يؤكدون أن حجم هذه الظاهرة ما تزال يشكل عبئا واضحا على مسار التنمية الاقتصادية، وكفاءة الأداء الحكومي، ما يتطلب تنفيذ إصلاحات جذرية لتفكيك هذه المنظومة التقليدية. 
 
 
وظلت البيروقراطية ومازالت في مقام "المتهم الأول" لسنوات طويلة باعتبارها أكثر المعيقات التي تواجه الاقتصاد الوطني خصوصا عندما يتعلق الأمر بالاستثمار وبيئة الأعمال والتشريعات.
 
غير أن التوجه نحو رقمنة حزمة واسعة من الخدمات الحكومية حد من تغول مظاهر الببيروقراطية في مفاصل الاقتصاد الوطني إلا أنها ما زالت حاضرة في كثير من التفاصيل، ليطفو على السطح سؤال عن مدى النجاح في تفكيك البيروقراطية والسبل اللازمة للتخلص من أعبائها على الاقتصاد المحلي؟ 
ودعا الخبراء إلى مضاعفة الجهود اللازمة للتخلص من إعباء البيروقراطية على الاقتصاد المحلي عبر تسريع وتيرة التحول الرقمي الشامل، وربطه بأنظمة الذكاء الاصطناعي بهدف الحد من التدخل البشري في الإجراءات الروتينية وتعزيز كفاءة العمل الحكومي وإعادة تأهيل الكوادر الإدارية، بما يسهم في ترسيخ عقلية العمل الحديث داخل المؤسسات الحكومية إلى جانب  إصدار "قانون موحد للإجراءات" يبسط المعاملات في مختلف القطاعات مع مراجعة القوانين القديمة مثل قانوني الشركات والعقارات لتتواءم مع متطلبات الاقتصاد الرقمي.
غير أن خبراء يؤكدون أن ثمة جهود إصلاحية حققت تقدما إيجابيا في الحد من البيروقراطية وإزالة العراقيل الإجرائية التي تعيق العملية الاقتصادية وتحد من قدرة الاقتصاد الوطني على التقدم سيما بعد التوسع في الخدمات الحكومية بالذات لدى دائرة تسجيل الشركات ودوائر وزارة الاستثمار المختلفة. 
مفهوم البيروقراطية
يعبر مفهوم البيروقراطية في الوقت الحالي عن التعقيد المستمر للإجراءات الحكومية وطول مدة إنجاز المعاملات ومحدودية المرونة ما يؤدي أحيانا إلى تعطيل الابتكار أو الاستثمار.
وفي السياق الاقتصادي اليوم، تعد البيروقراطية الزائدة من أبرز معيقات النمو إذ تؤثر سلبا على بيئة الأعمال وتجعل الإجراءات الاستثمارية والإدارية مكلفة وبطيئة. 
تقدم ملموس في إزالة 
العراقيل للبيروقراطية
اعتبر مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والاجتماعية أحمد عوض أن ثمة تقدم في السنوات الأخيرة حصل في مجال إزالة العراقيل البيروقراطية التي تعيق العملية الاقتصادية، لكنه أشار إلى أهمية مضاعفة الجهود في مواجهة الظاهرة التي ما زالت تتغلغل في بعض القطاعات.
ولفت عوض إلى أن أتمتة الخدمات الحكومية في عدد كبير من الدوائر الحكومية لا سيما الرقمنة شبه الشاملة للإجراءات والخدمات المقدمة من دائرة مراقبة الشراكات إضافة إلى وزارة الاستثمار، إضافة إلى الخدمات المتاحة عبر تطبيق سند بما فيها المتعلقة بخدمات دائرة الأحوال المدنية، كلها دلائل إيجابية على المضي الحكومي قدما في معالجة ظاهرة البيروقراطية. 
وأوضح عوض أنه من الطبيعي أن يكون الأثر الملموس لهذا التقدم في مجال البيروقراطية على الاقتصاد الوطني محدودا، إذ إن التغلب على كافة العواقب يحتاج إلى فترة زمنية طويلة نسبيا. 
وحول الخطوات المأمولة لتسريع جهود التغلب على البيروقراطية محليا، دعا عوض إلى أهمية خفض رسوم الإجراءات والخدمات المقدمة من قبل دائرة مراقبة الشركات، إضافة إلى ضرورة إعادة النظر بالهيكل الضريبي القائم محليا علاوة على وجوب تأهيل الكوادر المنخرطة في تنيفذ الإجراءات الحكومية خاصة المتعلقة بالجانب الاستثماري، وإخضاعها لنظام تقييم. 
رغم الإنجازات.. البيروقراطية ما تزال تشكل تحديا قائما
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة أن البيروقراطية ما تزال تشكل عائقا حقيقيا أمام تحقيق النمو الاقتصادي في الأردن رغم مرور سنوات على إطلاق برامج إصلاحية واسعة، ورغم ما تحقق من إنجازات ملموسة في بعض المسارات، لا سيما في مجال الحكومة الإلكترونية.
وأكد مخامرة أن الجهود الحكومية أسفرت عن خطوات مهمة، يجب الاعتراف بها، في مقدمتها تطوير الخدمات الرقمية، إذ تم توحيد أكثر من 650 خدمة حكومية عبر منصة إلكترونية واحدة، الأمر الذي ساهم في خفض زمن إنجاز المعاملات من أيام إلى ساعات، كما قلل الاعتماد على الوساطة والمحسوبية في بعض الإجراءات الخدمية.
وأشار إلى أن تبسيط الإجراءات شكل بدوره تقدما ملحوظا، إذ تم إلغاء المتطلبات الورقية في نحو 40 % من المعاملات التجارية، وفقا لتقارير البنك الدولي، كما جرى إنشاء وحدات "الخدمات المشتركة" في عدد من المؤسسات لتقليل التكرار والتعقيد، مما سهل على المواطنين والمستثمرين.
وبين مخامرة أن منصة "إرادة" لتسجيل الشركات الناشئة خلال 24 ساعة، إلى جانب نظام "سند" للمدفوعات الإلكترونية، شكلا نماذج ناجحة في تعزيز كفاءة العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص، وساهما في الحد من بعض مظاهر الفساد الإداري.
مع ذلك، أوضح مخامرة أن الاختناقات البيروقراطية ما تزال قائمة في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم، مشيرا إلى أن إجراءات ترخيص المستشفيات والمدارس الخاصة ما تزال تتسم بالتعقيد والتأخير، ما يحد من توسع الخدمات وتحسين جودتها.
وأكد أن قطاع الطاقة أيضا يواجه عراقيل بيروقراطية تقف في وجه التحول نحو الطاقة المتجددة، لافتا إلى أن مشاريع كثيرة تأخرت أو تعطلت بسبب طول الإجراءات وتعدد الجهات المسؤولة. 
كما نبه إلى أن الاستثمار ما يزال يتضرر من بطء إصدار تراخيص البناء وتخصيص الأراضي الصناعية.
ولفت مخامرة إلى ان أحد أبرز الإشكالات يتمثل في الازدواجية المؤسسية، موضحا أن تضارب الصلاحيات بين الوزارات والهيئات المستقلة يخلق إرباكا في اتخاذ القرار، إلى جانب ضعف تطبيق اللامركزية، مما يرسخ هيمنة العاصمة ويهمش المحافظات في مجالات التنمية.
ولفت إلى أن الثقافة الإدارية التقليدية تعد عائقا آخر، حيث ما يزال بعض الموظفين يقاومون التحول الرقمي، مشيرا إلى أن توقيع المعاملات يدويا ما يزال مطلوبا في كثير من الحالات، رغم توفر أنظمة إلكترونية حديثة.
قانون موحد للإجراءات 
وفي إطار الحلول، اقترح مخامرة حزمة إصلاحات مؤسسية وتشريعية وثقافية، مؤكدا أن الحد من البيروقراطية يتطلب جهدا متكاملا، يبدأ من تعميق التحول الرقمي وربط قواعد البيانات الحكومية ببعضها، وتجريم طلب أي وثيقة ورقية متاحة رقميا.
وشدد على ضرورة إصدار "قانون موحد للإجراءات" يبسط المعاملات في مختلف القطاعات، مع مراجعة القوانين القديمة، مثل قانوني الشركات والعقارات، لتتواءم مع متطلبات الاقتصاد الرقمي، علاوة على أهمية تمكين مجالس" اللامركزية" عبر منح المجالس المحلية صلاحيات فعلية في اتخاذ القرارات الخدمية والاستثمارية.
سبل تحسين كفاءة العمل الحكومي 
بدوره، أكد مدير عام جمعية رجال الأعمال الأردنيين طارق حجازي أن البيروقراطية ما تزال تشكل عبئا واضحا على مسار التنمية الاقتصادية وكفاءة الأداء الحكومي، الأمر الذي يتطلب الاستمرار في تنفيذ إصلاحات جذرية لتفكيك هذه المنظومة التقليدية.
 وأوضح حجازي أن بعض القطاعات شهدت تحسنا ملحوظا في تبسيط الإجراءات، خاصة بفضل التوسع في استخدام التكنولوجيا في تقديم الخدمات الحكومية، إلا أن العديد من القطاعات ما زالت تعاني من آثار البيروقراطية، لاسيما في ما يتعلق بإصدار التراخيص، والحصول على الموافقات الرسمية، وتقديم الخدمات العامة بكفاءة.
وأكد أن هذه العراقيل تسهم في تعطيل الاستثمار، وإعاقة الابتكار، إذ تحد القيود الصارمة والإجراءات التقليدية من مرونة القطاعين الحكومي والخاص في تبني التقنيات الحديثة وتطوير الأداء.
وأشار حجازي إلى أهمية تسريع وتيرة التحول الرقمي الشامل، وربطه بأنظمة الذكاء الاصطناعي، بهدف الحد من التدخل البشري في الإجراءات الروتينية وتعزيز كفاءة العمل الحكومي.
كما شدد على ضرورة إعادة تأهيل الكوادر الإدارية، بما يسهم في ترسيخ عقلية العمل الحديث داخل المؤسسات الحكومية، إلى جانب سن تشريعات تضمن الشفافية، وتعزز من الرقابة، وتقلص الإجراءات المكررة التي تعيق الأداء، ومن الضروري العمل على هندسة الإجراءات داخل المؤسسات، من خلال إعادة تصميم شاملة وجذرية للعمليات الإدارية بهدف تعزيز الكفاءة، خفض التكاليف، وتبسيط الإجراءات وتشمل هذه العملية وضع مؤشرات أداء رئيسة (KPIs) لقياس فعالية التغيير.
وأضاف حجازي أنه من الضروري تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في تصميم الخدمات الحكومية، بما يراعي احتياجات المستثمرين ورواد الأعمال، مشددا على أهمية إنشاء وحدة حكومية متخصصة تعنى برصد مستويات البيروقراطية، وقياس التقدم المحرز من خلال تقارير دورية تضمن استمرارية الإصلاح المؤسسي.