أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    17-Jul-2025

الحماية الاجتماعية بظل تنامي الاقتصاد غير المنظم.. ما التأثيرات؟

 الغد-هبة العيساوي

 حذر خبراء في سوق العمل والحماية الاجتماعية، من تنامي حجم الاقتصاد غير المنظم في الأردن، مؤكدين أن ما بين  55 % و59 % من مجمل العاملين، ينشطون خارج الإطار الرسمي، ما يعني خروج أكثر من نصف القوى العاملة من مظلات الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والسلامة المهنية.
 
 
وأكدوا أن الأرقام الرسمية المعلنة، لا تعكس الواقع، معتبرين بأن تقديرات وزارة العمل بشأن عدد الأردنيين العاملين في القطاعات غير المنظمة والذي يقدر بـ350 ألفًا “بعيد جدًا عن الواقع”، ولا يستند إلى مصادر موثوقة.
 
وشددوا على أن غياب قاعدة بيانات وطنية شاملة ومحدثة، يعيق التخطيط السليم، داعين لإصلاحات هيكلية تبدأ بتوسيع مظلة الضمان، وتبسيط إجراءات الترخيص، وربط الدعم والتدريب بالتسجيل الرسمي، وصولًا إلى بيئة تشريعية جاذبة، تضمن تحوّلًا تدريجيًا نحو الاقتصاد المنظم.
وزير العمل خالد البكار، قال “إن عدد المتعطلين عن العمل وصل لـ430 ألف شابة وشاب من الأردنيين”، مبينا في لقاء صحفي بمنتدى التواصل الحكومي أن هناك 350 ألف أردني في سوق العمل غير المنظم، دون أي برامج تأمينية، وهذا يتطلب جهدا كبيرا، لتنظيم سوق العمل، ليكونوا ضمنه.
واقع صادم لعدد العاملين في “غير المنظم”
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي، قال “إن تقريرًا صادرًا عن البنك الدولي للمنطقة العربية، أشار إلى أن 59 % من إجمالي العاملين في الأردن، عمالة غير منظمة، كما أن أكثر من 70 % من العاملين في القطاع الخاص، يعملون ضمن الاقتصاد غير المنظم”.
وأضاف الصبيحي “إن هذه الأرقام، تعكس واقعًا صادمًا، وتدلّ على أن حجم العاملين في القطاع غير المنظم كبير جدًا، سواء من الأردنيين أو غير الأردنيين، وتحديدًا من العمالة الأردنية. لذلك، فإن العدد الفعلي لهؤلاء، ربما يكون أكثر من ضعفي الرقم الذي صرّح به وزير العمل”، متسائلا “لا أعلم من أين جاء الوزير بهذا الرقم”.
وأوضح، أن العاملين في القطاع غير المنظم لا تشملهم مظلة الضمان الاجتماعي، وأن “نسبة المشاركة الاقتصادية للأردنيين تصل لـ34 %، ما يعني أن عدد الأردنيين يتراوح بين 2.5 و3 ملايين. بينما عدد المشمولين بالضمان أقل بكثير من ذلك، وهذا يفيد بأن هناك نسبة كبيرة جدًا من العمالة الأردنية تعمل في الاقتصاد غير الرسمي، أي في منشآت غير مرخصة، وخارج مظلة الحماية الاجتماعية”.
وأشار إلى أن الرقم الحقيقي، قد يصل إلى 3 أضعاف ما أعلنه وزير العمل، مطالبا بأنه “يجب أن تكون لدى وزارة العمل، مصادر واضحة وموثوقة عند التصريح بمثل هذه الأرقام الحساسة، لأنها تُشكّل مرجعًا للباحثين والإعلام والرأي العام”.
وعبر الصبيحي عن استغرابه من الرقم الرسمي وقدره 430 ألفًا، وقال “هذا رقم مستهجن، وبعيد كثيرًا عن الواقع. فعندما كان هناك ديوان للخدمة المدنية، قبل استبداله بديوان الخدمة والإدارة العامة، كانت الأرقام تشير لوجود ما بين 450 و480 ألف طلب توظيف على قوائم الانتظار للوظائف العامة، معظمهم متعطلون”.
وأضاف “صحيح أن ليس كل متعطل عن العمل يسجل في ديوان الخدمة، لكننا نعلم أن 50 % من المتعطلين الأردنيين يحملون شهادة ثانوية عامة فما دون، أي أنهم عمالة غير ماهرة إلى حد كبير”.
ودعا لمقاربة هذه الأرقام بربط المشاركة الاقتصادية للأردنيين وغير الأردنيين، ونسب البطالة بينهم، وقال “قد لا نصل إلى رقم دقيق 100 %، لكن من المهم الاقتراب قدر الإمكان من الواقع، والبناء على مؤشرات موثوقة تُسهم برسم سياسات فاعلة لحماية القوى العاملة، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية”.
خارج أنظمة الضمان والتأمين الصحي
بدوره، قال رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة، إن “تقديرات منظمة العمل الدولية تشير إلى أن 55 % من العاملين في الأردن ينشطون في القطاع غير المنظم، وهم غالبًا خارج أنظمة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والسلامة المهنية، ولا يظهرون في البيانات الرسمية بالشكل الذي يتيح إدماجهم في السياسات الوطنية”.
وأكد أبو نجمة، أن هذه النسبة المرتفعة، تمثل مؤشرًا بالغ الأهمية على الحاجة لإصلاحات هيكلية، تبدأ من توسيع نطاق التسجيل في الضمان، ومواءمة برامج التدريب مع متطلبات السوق، وتمرّ بتصميم حوافز للانتقال التدريجي نحو الاقتصاد المنظم.
وشدّد على أن أي نظام معلومات لسوق العمل، يجب أن يتبنى منهجية شمولية لا تقتصر على الباحثين عن العمل، بل تشمل خصائص العمالة المنظمة وغير المنظمة، والتوزيع القطاعي والجغرافي، والمستويات المهارية والتعليمية، والأجور وظروف العمل.
وأضاف أبو نجمة، أن هذا النظام، يجب أن يكون متصلًا على نحو مستدام ومنهجي، مع قواعد بيانات الضمان ودائرة الإحصاءات العامة ومؤسسات التدريب والتعليم العالي، ليكون مرجعية مركزية لصنّاع القرار والباحثين والقطاع الخاص، داعيا لاستمرار تحديث البيانات دوريًا، لرصد التغيرات الموسمية والاقتصادية، لتعزيز قدرات التخطيط ووضع السياسات المبنية على الأدلة.
ولفت إلى أن نقل العمال من العمل غير المنظم إلى المنظم، يتطلب تبني حزمة متكاملة من السياسات والإجراءات، كما ورد في الإطار الوطني للتحول للقطاع المنظم، مضيفا أن أولى هذه الإجراءات، تتمثل بتبسيط تسجيل وترخيص الأعمال وتقليل تكاليفها، وتطوير حوافز مالية وضريبية، تشجع أصحاب الأعمال الصغيرة والعاملين لحسابهم الخاص على الانضمام للقطاع المنظم.
وأوضح أبو نجمة أن ذلك يشمل أيضًا، توسيع مظلة الحماية الاجتماعية لتكون مرنة وقابلة لاستيعاب أشكال العمل المتنوعة، وربط الاستفادة من برامج التمويل والدعم والتدريب المهني، بمتطلبات التسجيل الرسمي، لتعزيز جدوى الانخراط في الاقتصاد المنظم.
وأشار إلى أن التحول، يتطلب تكثيف حملات التوعية والتوجيه لإبراز فوائد الانتقال للاقتصاد المنظم، وتحسين فعالية نظم التفتيش، لتكون داعمة وإرشادية، إلى جانب دورها الرقابي، موضحا أن توفير بيئة تشريعية ومؤسسية جاذبة، يجعل التنظيم خيارًا مربحًا ومستدامًا لجميع الأطراف، ويسهم بتحقيق النمو الاقتصادي العادل والشامل.
وقال أبو نجمة، إن تطوير قاعدة بيانات وطنية شاملة ومحدثة لسوق العمل، أحد الأهداف الرئيسة التي طالما أكدنا ضرورتها، في إطار تحسين السياسات الوطنية للتشغيل وتنظيم السوق، لافتا إلى أن غياب المعلومات الدقيقة والمتكاملة، يجعل القرارات المتعلقة بالسوق عرضة للاجتهادات، وتفتقر للأدلة التي تضمن فعاليتها واستدامتها، ما يُضعف القدرة على معالجة التحديات الكبرى كالبطالة والعمل غير المنظم والفجوات في المهارات.
وأوضح أن استمرار الاعتماد على بيانات مجزأة أو غير محدثة، يضرّ مباشرة بقدرة صانعي القرار على تشخيص الواقع علميا، ويحدّ من إمكانية صياغة حلول فعالة.
“الغد” حاولت الاتصال بوزير العمل والناطق الرسمي باسم وزارة العمل، ولكنها لم تحصل على رد.