الراي
عناوين كثيرة تضمنها مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام 2026، أبرزها زيادة كفاءة الإيرادات المحلية مدعومة بتحسن الإلتزام والإمتثال الضريبي من ناحية، وتوسع القاعدة الإنتاجية، خصوصا في القطاع الزراعي والصناعات التحويلية، وزيادة الصادرات الوطنية بنسبة اقترب من 10%، فضلا عن المؤشرات الأخرى المرتبطة في تحويلات العاملين في الخارج والدخل السياحي وارتفاع ارباح الشركات المدرجة في بورصة عمان إلى مستويات قياسية وصلت 2.384 مليار دينار قبل الضريبة لنهاية الربع الثالث.
الدفع بمشروع قانون الموازنة العامة، ايضا بوقت مبكر سيتيح المجال أمام الحكومة بتجنب الإنفاق بنسبة 1 إلى 12 من موازنة العام الماضي (2025)، ويمكنها من تفعيل الإنفاق الرأسمالي على المشاريع المستمرة وطرح المشاريع الجديدة، لاسيما وانها ترتبط باهداف تنموية منها الناقل الوطني والتنقيب عن النفط والغاز، وباقي المشاريع التي تتصل في البرنامج التنفيذي لخطة التحديث الاقتصادي ما يسارع عجل الإنتاج وبالتالي الإسهام في تحقيق النمو المنشود، وتوفير فرص عمل جديدة.
زيادة كفاءة التحصيل الضريبي والتوسع في نظام الفوترة سيساعد في تحقيق نمو أعلى، لاسيما وان عدد المفوترين وصل إلى 150 الف مفوتر في العام الحالي 2025 مقارنة بحوالي 60 الف مفوتر في عام 2024، فيما وصل عدد الفواتير المصدرة ضمن النظام 1.3 مليون فاتورة يوميا مقارنة مع 250 الف فاتورة في العام 2024، ما يعني تحويل جزء كبير من اقتصاد الظل إلى الاقتصاد الرسمي، إلى جانب تحول 20 الف مشترك في ضريبة الدخل من مستخدمين بأجر شهري إلى افراد مكلفين في دفع ضريبة الدخل، ما سيزيد من كفاءة التحصيل، لاسيما مع استمرار الحكومة في تنفيذ تسويات تستهدف الأموال التي نتجت عن قضايا ضريبية اكتسبت الدرجة القطعية.
اليوم وصلنا إلى مرحلة لا يتم فيها تقديم خدمة من قبل المؤسسات والشركات والمهنيين إلا باصدار فاتورة رسمية ضمن نظام الفوترة الوطني ما يجعل الأرقام المرتبطة بضريبة الدخل والمبيعات اقرب الواقع الاقتصادي.
أيضا النهج الذي اتبعته الحكومة بإطفاء ديون ذات تكلفة مرتفعة بديون ذات تكلفة اقل سيساهم في تقليل تكلفة خدمة الدين، خصوصا مع تحسن التصنيف الإتماني للمملكة الذي يؤدي إلى تقليل نسبة الفائدة على القروض المستقبلية، وبالتالي تقليل خدمة الدين تدريجيا وتخفيف الأعباء على خزينة الدولة.
النمو الاقتصادي الإيجابي سيكون الحل لمشاكل هيكلية عديدة اهمها زيادة الإيرادات العامة وبالتالي تقليل العجز المالي والحاجة إلى الدين العام، لكن النمو ليس مسؤولية القطاع العام، بل مسؤولية القطاع الخاص الذي يحتاج من الحكومة ان توفر له البيئة المناسبة ليتمكن من العمل وتوسيع القاعدة الإنتاجية، خصوصا اذا ما فعلت الحكومة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
الإيرادات العامة المقدرة لعام 2026 بلغت حوالي 10.9 مليار دينار وقدرت النفقات العامة لعام 2026 بمبلغ 13.1 مليار دينار وبذلك فان عجز الموازنة المقدر لعام 2026 حوالي 2.1 مليار دينار يتم تمويله ضمن موازنة التمويل، وهو مرشح للتراجع في ظل التحفظ على تقدير النمو المتوقع في العام المقبل.
موازنة التمويل تمثل خطة الحكومة لسداد الاحتياجات التمويلية المستحقة عليها داخليا وخارجيا بإجمالي مبلغ 7.1 مليار دينار، بالإضافة الى تمويل العجز المالي بمبلغ 2.1 مليار دينار وتمويل عجز سلطة المياه وتسديد المستحقات عليها بمبلغ 330 مليون دينار وسداد اقساط قروض المتأخرات الحكومية والتأجير التمويلي والصكوك الاسلامية بمبلغ 285 مليون دينار.
بالنتيجة، يتوقع أن يبقى رصيد المديونية للعام المقبل بحدود موازنة التمويل أو اقل في ظل توقعات النمو الإيجابية، ما يشير إلى أن الاقتراض الجديد لتمويل العجز سيكون ضمن مستوياته في السنوات السابقة، أو أقل عن مستواه المتوقع عام 2025 لتصل الى حوالي 2.6 مليار دينار.