الغد-سماح بيبرس
أكد تقرير صادر عن برنامج الأغذية العالمي، ويرصد الأمن الغذائي في الأردن للربع الأول من العام الحالي، أن دعم برنامج الأغذية بات "يتقلص إلى مجرد مساعدة للبقاء على قيد الحياة".
ففي غضون عامين فقط، خفض البرنامج عدد اللاجئين الذين يتلقون مساعدات غذائية بنسبة تقارب 40 % (قبل الانتقال السياسي في سورية)، وخفض قيمة التحويلات إلى 15 دينارا فقط للشخص الواحد، وهو ما يغطي 66 % فقط من سلة الغذاء اللازمة للبقاء على قيد الحياة.
وأكد البرنامج، في التقرير، أن كل شخص ما يزال يتلقى المساعدات يعيش تحت خط الفقر المدقع، وغير قادر على العمل، و/أو يواجه مخاطر حماية جسيمة.
وقال "إنه لم يعد هناك ما يمكن تخفيضه، فهذه لم تعد مساعدة غذائية شاملة؛ بل هي شريان حياة أخير ورفيع للوقاية من الجوع الشديد".
وأشار إلى أن "انعدام الأمن الغذائي على حافة الانهيار"، فحتى الربع الأول من العام الحالي، ما يزال 83 % من المستفيدين في المجتمعات المضيفة، و69 % في المخيمات يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وهي من أعلى المستويات في المنطقة.
وعلى الرغم من أن مساعدات برنامج الأغذية العالمي لا تغطي سلة الغذاء اللازمة للبقاء على قيد الحياة بالكامل، فمن دونها، لن يتمكن اللاجئون إلا من تلبية 20 % من احتياجاتهم اليومية من الطاقة، بحسب التقرير، مشيرا إلى أن تكاليف المعيشة المرتفعة، ومحدودية فرص الدخل، وتعثر فرص العودة إلى سورية، ما تزال تدفع الاحتياجات إلى ما هو أبعد من نطاق دعم برنامج الأغذية العالمي الحالي.
وذكر التقرير أن غالبية اللاجئين السوريين ما يزالون يفضلون البقاء في الأردن بهدف الادخار للمستقبل، مشيرا إلى أنه وحتى آذار (مارس) 2025، عاد ما يقرب من 10 % فقط منهم، أي 29 ألف مستفيد من برنامج الأغذية العالمي، إلى سورية، وهذا يعني أيضا أن 90 % منهم ما يزالون في الأردن، ويواجهون خيارات صعبة للحفاظ على حياتهم.
ويقلص بعض المستفيدين بالفعل استهلاكهم للغذاء وغيره من الضروريات لمجرد الادخار - سواء لسداد الديون أو للاستعداد للمستقبل، ومن دون استمرار دعم برنامج الأغذية، قد يكون استعدادهم للعودة على حساب البقاء على قيد الحياة.
مسارات العودة
وجاء في التقرير أنه، ومنذ كانون الأول (ديسمبر) 2024، فتحت التطورات السياسية في سورية نقاشات حول المسارات المحتملة لعودة اللاجئين، ومع ذلك، ما تزال الظروف العامة معقدة وغير متكافئة، مع تقدم محدود في مجالات السلامة والخدمات وسبل العيش في مناطق المنشأ الرئيسية.
ونتيجة لذلك، "ما تزال العودة واسعة النطاق غير مرجحة على المدى القريب، على الرغم من عودة بعض اللاجئين أو بدء عودتهم".
وبين أنه ومنذ بداية الأزمة السورية، يقدم برنامج الأغذية العالمي مساعدات غير مشروطة للاجئين الأكثر ضعفا في الأردن لتلبية احتياجاتهم الغذائية والتغذوية الأساسية. وبشكل ملموس، يقدم البرنامج شهريا مساعدات غذائية، معظمها على شكل تحويلات نقدية (CBT) للاجئين الأكثر ضعفا القادمين في الغالب من سورية، بالإضافة إلى اليمن والعراق والصومال ودول أخرى، والذين يعيشون في المخيمات والمجتمعات المحلية.
ودفع النقص الكبير في التمويل، برنامج الأغذية العالمي، إلى خفض مستوى مساعداته بمقدار الثلث لجميع اللاجئين المؤهلين، وبدأ اللاجئون في المخيمات يتلقون 21 دولارا للشخص الواحد شهريا اعتبارا من آب (أغسطس) 2023، بدلا من 32 دولارا كانوا يتلقونها سابقا.
وفي المجتمعات المحلية، يصنف اللاجئون إلى أولويتين وفقا لضعفهم، واعتبارا من تموز (يوليو)، بدأوا بتلقي 21 دولارا و15 دولارا للشخص الواحد شهريا على التوالي، بدلا من 32 دولارا و21 دولارا كانوا يتلقونها سابقا.
ومع ذلك، أشار تحليل رصد نتائج الأمن الغذائي (FSOM) في الربع الثالث من العام 2023 إلى أن أولئك الذين بدأوا بتلقي 15 دولارا أصبحوا أقل قدرة على الصمود في غضون فترة قصيرة، وبدأ مستوى أمنهم الغذائي يصبح أسوأ من أولئك الذين تلقوا 21 دولارا.
ومنذ كانون الثاني (يناير) 2024، قدم البرنامج لجميع اللاجئين في المجتمعات المحلية قيمة تحويل موحدة مخفضة قدرها 21 دولارا للشخص الواحد شهريا، وهو معدل ما يزال قائما حتى اليوم.
وبالنسبة للاجئين المقيمين في المخيمات، حددت قيمة التحويل في البداية عند 21 دولارا للشخص الواحد شهريا منذ الشهر نفسه، لكن رفعت مؤقتا إلى 30 دولارا في آذار (مارس) 2025، وطبقت هذه الزيادة على شهر آذار (مارس) فقط، وبعد ذلك عادت قيمة التحويل إلى المعدل السابق.
استهداف مشترك
بالتوازي مع ذلك، نفذ برنامج الأغذية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عملية إعادة استهداف مشتركة للاجئين، ما أدى إلى استبعاد 55 ألف لاجئ في المجتمعات المحلية من قائمة حالات المساعدة الغذائية العامة التي يقدمها البرنامج، ونتيجة لذلك، انخفض العدد الإجمالي للاجئين الذين يتلقون مساعدات البرنامج بنسبة تقارب 12 %، بدءا من أيلول (سبتمبر) 2023، أي من 465 ألفا إلى 410 آلاف مستفيد.
وابتداء من تموز (يوليو) 2024، علق البرنامج مساعداته الغذائية الشهرية لـ100 ألف لاجئ في المجتمعات المحلية بناء على عملية شاملة لتحديد الأولويات، وبدأ بمساعدة 319 ألف لاجئ في الأردن بمستويات منخفضة بسبب نقص التمويل.
وعقب التحول السياسي في سورية منذ كانون الأول (ديسمبر) 2024، حددت عمليات التحقق الروتينية من الأهلية، ما يقرب من 29,000 مستفيد من البرنامج عادوا إلى سورية اعتبارا من آذار (مارس) 2025، ويمثل هؤلاء العائدون 9 % من إجمالي المستفيدين المخطط لهم.
ونتيجة لذلك، ساعد برنامج الأغذية العالمي ما يقرب من 281 ألف لاجئ حتى نهاية الربع الأول من العام الحالي.