أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Aug-2025

نهضة اقتصادية ممكنة ببرنامج واضح*مالك العثامنة

 الغد

لم يعد الحديث عن “رؤية التحديث الاقتصادي” مجرد شعارات حكومية، صالحة للاستهلاك الإنشائي التقليدي والمعتاد، فمع إطلاق البرنامج التنفيذي الثاني (2026-2029)، أصبح الحديث فعلا أقرب إلى الواقع، وأصبحت النتائج قابلة لأن تلامس أخيرا حياة الناس ومعيشتهم.
 
 
 في مؤتمر إطلاق البرنامج التنفيذي في مرحلته الثانية يقول وزير الدولة للشؤون الاقتصادية مهند شحادة وبوضوح: “مشاريعنا في هذه المرحلة متكاملة، بالشراكة مع القطاع الخاص، لخلق فرص عمل حقيقية وزيادة دخل الأردنيين”. لقد كان حديثه مباشرًا ويعكس توجهًا حقيقيًا نحو وضع المواطن في قلب التغيير، هذا يتضمن تعهدا لا يمكن العبث به، ويجعل القطاع الخاص شريكا بمفهوم تكاملي.
من لقاءات مكثفة أجريتها مؤخرا مع طاقم محترف يعمل على هذا البرنامج، فإن ما يميز هذه المرحلة أنها ليست ورقة نظرية، بل خطة عملية بنيت على مراجعة دقيقة لما تحقق في المرحلة الأولى بين 2022 و2025. 
فالإنجازات السابقة، من تطوير البنية الرقمية وتحفيز الاستثمار إلى دعم الطاقة المتجددة، وضعت أساسا متينًا للانطلاق نحو مرحلة جديدة أكثر طموحًا، لكن الفرق الحقيقي اليوم، أن الأهداف محددة، والجداول الزمنية واضحة، وآليات المتابعة دقيقة، ما يعني أن التنفيذ سيكون أسرع والنتائج أقرب للمواطن.
خريطة الطريق هذه تتحرك في قطاعات تمس حياة الأردنيين جميعًا: في قطاع الطاقة، هناك 24 مشروعًا جديدًا، من الهيدروجين الأخضر إلى تخزين الكهرباء وربط حقل غاز الريشة بشبكات إقليمية، لتأمين طاقة أكثر استقرارًا وأقل تكلفة.
 وفي الاستثمار، سيجري إطلاق منصة رقمية موحدة، مع قوانين أكثر مرونة وفرص موزعة على كل المحافظات، بما يتيح للشباب وأصحاب الأعمال الناشئة الدخول إلى أسواق جديدة.
 أما النقل واللوجستيات، فستشهد تحديثا للبنية التحتية يجعل من الأردن محطة لوجستية إقليمية، في حين يفتح قطاع السياحة آفاقا واسعة عبر مشاريع جديدة تربط الأردن بأسواق عالمية وتعيد الحياة إلى المدن التاريخية وتوفر وظائف متنوعة.
 ولا يغيب عن الخطة قطاع التكنولوجيا والرقمنة الذي يهيئ بيئة واعدة للشركات الناشئة ويفتح المجال أمام الشباب لاكتساب مهارات جديدة، إلى جانب الزراعة التي ستشهد استثمارات ذكية لضمان أمن غذائي أفضل واستدامة للموارد.
لا يخفي الفريق الذي يعمل على البرنامج أن التحديات حاضرة، ولا ينكر وجودها، من التمويل إلى سرعة الإنجاز والتنسيق بين المؤسسات، لكن الرهان الأكبر هو على الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص، التي تضمن مرونة التنفيذ وتسريعه، وما يضاعف فرص النجاح أن الأردن يقف اليوم أمام لحظة اقتصادية فارقة، مع فرص إقليمية ضخمة مثل إعادة الإعمار في دول الجوار، وتوسع سلاسل التوريد العالمية، والطلب المتزايد على الطاقة النظيفة.
أهمية هذا البرنامج تكمن في أثره المباشر على حياة الناس، فالمشاريع التي ستبدأ خلال أشهر تعني وظائف حقيقية للشباب في مختلف المحافظات، وأسعار طاقة أكثر استقرارا، وخدمات رقمية تسهّل الحياة اليومية، واقتصادا أقوى يفتح أبوابا جديدة للفرص.
 إنها ليست وعودا بعيدة المدى، بل خطوات عملية تعيد الثقة بأن الإصلاح ممكن، وأن الأردن قادر على الانتقال من مرحلة الكلام إلى مرحلة العمل والإنجاز، وتتطلب زحزحة تكاملية  موازية في كل مؤسسات الدولة بجدية حقيقية لا تتحمل التسويف ولا المماطلة.
السنوات الأربع المقبلة ستكون اختبارًا حقيقيًا لجدية التنفيذ، لكن مع وضوح الرؤية، والمتابعة الحثيثة، والشراكة "التكاملية" مع القطاع الخاص، ليكون كلامنا في حق هذا البرنامج منصفا وبامتياز.