أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Jun-2025

سياسة التنويع والاحتياط تعزز صمود الأمن الغذائي الأردني بوجه التحديات

 الغد-عبدالله الربيحات

 على الرغم من الأزمة المتصاعدة في المنطقة وارتداداتها الاقتصادية الكبيرة، ما يزال يحسب للأردن تماسك أمنه الغذائي، بفضل سياسة التنويع والاحتياط.
وبحسب خبراء زراعيين لـ"الغد"، فإن الاستدامة الزراعية تتطلب يقظة مؤسسية، وسياسات دعم إنتاجية، وتعاونًا دوليًا فعالاً للاستجابة لتداعيات الصراعات على الاقتصادات المستوردة للغذاء مثل الأردن.
 
 
مرونة المنظومة الغذائية
في هذا الصدد، يرى سفير الأمم المتحدة للأغذية سابقا والخبير الدولي في الأمن الغذائي الدكتور فاضل الزعبي، أنه في ظل ما تشهده المنطقة من تصعيدات سياسية وأمنية متلاحقة، تبرز قضية الأمن الغذائي واحدة من أكثر الملفات حساسية، خصوصًا في الدول المستوردة للغذاء مثل الأردن. 
ويضيف الزعبي: "رغم أن التوترات الجيوسياسية ألقت بظلالها على سلاسل التوريد في الإقليم، إلا أن تأثيرها على الأردن ظل ضمن مستويات يمكن احتواؤها، بفضل حزمة من السياسات والإجراءات التي عززت مرونة منظومته الغذائية."
وبين أن الأردن واجه في الأشهر الأخيرة تحديات ملحوظة في النقل البحري والبري، خصوصًا عبر الموانئ الإقليمية التي تأثرت بالنزاعات، ومع ذلك، فإن سياسة تنويع مصادر الاستيراد التي تبنتها الحكومة أسهمت في تقليص الاعتماد على ممرات بعينها، حيث يتم استيراد القمح من دول متعددة مثل رومانيا، وأستراليا والهند، بدلاً من الاقتصار على مصدر واحد.
وتابع: "إضافة إلى ذلك، جرى تعزيز الطاقة التخزينية للمواد الأساسية، حيث رفعت المملكة من سعات الصوامع والمستودعات، ما مكّنها من الاحتفاظ بمخزون يغطي أشهرًا عدة من الاستهلاك المحلي بواقع 14-16 طنا من الحبوب وأكثر في 6 أشهر، وشملت البقوليات والسكر والأرز والزيوت، وهو ما منح هامشًا آمنًا للتعامل مع تقلبات الأسواق.
وقال الزعبي: "فيما يتعلق بالإنتاج المحلي، يشهد الأردن تطورًا ملحوظًا في قدرته على تأمين احتياجاته من بعض المواد الغذائية، خاصة الخضراوات والدواجن والبيض ومنتجات الألبان، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى انتشار الزراعة الذكية، التي تعتمد على تقنيات الري بالتنقيط، والزراعة المائية، والطاقة المتجددة، بما يقلل من استهلاك المياه ويزيد الإنتاجية في آنٍ واحد."
وبين أن الحكومة أطلقت عددًا من المبادرات لتشجيع استخدام هذه التقنيات، بالتعاون مع مؤسسات تمويلية دولية، بهدف تقليل الفاقد وتحسين كفاءة الإنتاج، لا سيما في المناطق الجافة.
وتابع: "من جهة أخرى، برزت أهمية تحفيز الصناعات الزراعية والغذائية كرافعة حقيقية لدعم الأمن الغذائي، إذ شهدت المدن الصناعية الكبرى توسعًا في استثمارات التصنيع الغذائي، بالتزامن مع إطلاق تسهيلات حكومية تشمل الإعفاءات الضريبية ودعم الإيجارات، ما شجع القطاع الخاص على إقامة مصانع تحويلية تساهم في رفع القيمة المضافة للمنتج المحلي وتوسيع نطاق التصدير."
وبين أن الدولة تبنّت سياسة استثمار الأراضي الزراعية غير المستغلة من خلال شراكات مع شركات زراعية محلية وإقليمية، لزراعة محاصيل إستراتيجية مثل القمح والشعير والذرة، ضمن مشاريع واعدة في مناطق البادية والسهول الشرقية.
وزاد: "في السياق ذاته، طوّر الأردن نظام معلومات وطنيا للأمن الغذائي، يتكامل مع قواعد بيانات الوزارات والمؤسسات الدولية، لتوفير لوحة مؤشرات شاملة عن الإنتاج، والاستهلاك، والأسعار، والمخزون، بما يعزز من سرعة وفعالية الاستجابة لأي طارئ."
وقال إن الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي (2021-2030)، التي أقرتها الحكومة، تضع أهدافًا واضحة لخفض الفجوة الغذائية، وتحقيق أمن غذائي مستدام، مع التركيز على تمكين المرأة والشباب في القطاع الزراعي، وتحقيق التوازن بين الإنتاج وحماية الموارد الطبيعية.
وأضاف، إنه رغم هشاشة البيئة الإقليمية وتقلبات الأسواق، استطاع الأردن – إلى حد كبير – تثبيت أسس منظومة الأمن الغذائي الوطنية، من خلال المزج بين الإجراءات الاستباقية والاستثمار في البنية التحتية والسياسات الذكية. ومع استمرار التحديات، يبقى الرهان على استدامة هذه الخطط وتوسيع نطاق تطبيقها، بما يضمن حق المواطن في غذاء آمن وكافٍ.
تصعيد مزدوج 
من جهته، بين وزير الزراعة الأسبق سعيد المصري، أن الأمن الغذائي الأردني في ظل الحربين على غزة وإيران يشهد تحديات مزدوجة، فالحرب مستمرة على غزة منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2023، والتي تسببت بكارثة إنسانية واسعة وقطعت طرق الإمداد عبر الأراضي الفلسطينية، وكذلك الحرب بين إيران وإسرائيل، والتي شملت هجمات على منشآت نووية، وتهديدات بإغلاق مضيق هرمز.
وأضاف المصري، إن هذا التصعيد الجيوسياسي هدد سلاسل التوريد وتكاليف الشحن والاستقرار النقدي الإقليمي، وهو ما انعكس على واردات الأردن من الحبوب والزيوت والأعلاف، كونها ترتبط بطرق التجارة المائية والبرية.
وتابع أن ثمة تحديات مباشرة على الأمن الغذائي الأردني، بسبب اضطراب سلاسل الإمداد العالمية، وارتفاع أسعار الشحن والنقص المؤقت في بعض السلع الأساسية، فضلا عن ارتفاع أسعار النفط العالمية، وزيادة تكاليف النقل والتخزين الزراعي.
ومن التحديات أيضا، بحسب المصري، ضعف تمويل برامج الأغذية (WFP)، وتراجع الدعم الغذائي للاجئين والفئات الفقيرة، وتقلب أسعار الحبوب في الأسواق العالمية، جراء التهديد المباشر لاستقرار أسعار بعض السلع مثل القمح والسكر والزيوت، وخطر التوسع في هدر الغذاء المتمثل بفقدان نسبة من المخزون الإستراتيجي دون مردود فعلي.
ورأى أن سبل مواجهة هذه التحديات تتمثل بتعزيز المخزون الإستراتيجي عبر استيراد الحبوب من مصادر متعددة، وزيادة القدرة التخزينية في صوامع العقبة والمفرق، 
وتوسيع الإنتاج المحلي، وذلك بتعظيم الزراعات الذكية، وتشجيع زراعة الأعلاف والشعير  في الأغوار، وإصلاح سلاسل التوزيع، والحد من الهدر عن طريق حملات توعية مكثفة، وتشجيع التسويق الزراعي الرقمي.
ومن سبل المواجهة أيضا، بحسب المصري، دعم الفئات الأكثر ضعفًا عبر إنشاء شبكة أمان اجتماعي، من خلال الدعم النقدي المباشر للأسر المتضررة، والضغط لإعادة تمويل برامج اللاجئين.
وقال المصري إنه برغم تلك التحديات التي فرضها التصعيد في غزة وإيران، فما يزال الأمن الغذائي في الأردن متماسكًا نسبيًا بفضل سياسة التنويع والاحتياط، لكن الاستدامة تتطلب يقظة مؤسسية، وسياسات دعم إنتاجية، وتعاونًا دوليًا فعالاً للاستجابة لتداعيات الصراعات على الاقتصادات المستوردة للغذاء مثل الأردن.
رصيد الحبوب
وكانت أعلنت وزارة الصناعة والتجارة والتموين، أن مخزون المملكة من القمح يغطي استهلاك المملكة لمدة عشرة أشهر، والشعير لمدة ثمانية أشهر، فيما تواصل الوزارة طرح مناقصات لشراء المزيد من الكميات والاستيراد من عدة دول أبرزها رومانيا وبلغاريا وروسيا.
وقالت في تصريحات صحفية إن العمل جارٍ لإنشاء مستوعبات في القطرانة بطاقة استيعابية تبلغ 600 ألف طن، لتصل الطاقة التخزينية إلى 2.31 مليون طن، مع نهاية العام الحالي.
وبينت أن الطاقة الاستيعابية في الصوامع العمودية تبلغ 710 آلاف طن، وفي المستوعبات الأفقية مليون طن.
وأكدت أن الوزارة تعمل باستمرار للمحافظة على المخزون الإستراتيجي للمملكة، والتحوط على أكبر قدر ممكن من الكميات، مشيرة إلى أن رفع الطاقة الاستيعابية يمكّن المملكة من الحفاظ على مخزون القمح لمدة تزيد على 16 شهراً.
كما أكدت أن سلاسل التوريد تعمل كالمعتاد وبانتظام وتتم متابعتها باستمرار لتلبية احتياجات السوق من مختلف السلع، لاسيما التموينية منها والتي يتم استيرادها من مناشئ مختلفة، إلى جانب الإنتاج الغذائي المحلي.