أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-Aug-2025

جاكسون هول... ملتقى يغيّر مسار الاقتصاد العالمي

 واشنطن: «الشرق الأوسط»

كل الأنظار تتجه هذا الأسبوع إلى مدينة جاكسون هول في ولاية وايومنغ الأميركية، التي تتحول كل عام إلى قِبلة لصنّاع القرار الاقتصادي من حول العالم، حيث تستضيف «ندوة جاكسون هول الاقتصادية» التي تركز على القضايا الأكثر أهمية التي تواجه الاقتصادات العالمية.
 
هذا المنتدى الحصري يجمع نخبة من رؤساء البنوك المركزية، ووزراء المالية، وأبرز الأكاديميين وقادة الأسواق المالية.
 
الندوة، التي يرعاها بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، تكتسب أهميتها الكبيرة من كونها أكثر من مجرد مؤتمر اقتصادي. إنها بمثابة «قمة مغلقة» تجمع صانعي السياسات من حول العالم في بيئة هادئة وبعيدة عن ضجيج العواصم المالية. هذه البيئة تسمح للمشاركين بتبادل الأفكار بشكل صريح وحر حول التحديات الاقتصادية الكبرى، دون التقيد ببروتوكولات الاجتماعات الرسمية.
 
كما تحظى بمتابعة دقيقة من المشاركين في الأسواق، لأن أي تصريحات غير متوقعة تصدر عن كبار الشخصيات الحاضرة، يمكن أن تُحدث تأثيراً كبيراً في أسواق الأسهم والعملات العالمية.
 
 
أهمية الندوة تنبع من ثلاثة عوامل رئيسية:
المصداقية والتأثير: يمثل الحضور مجموعة من الشخصيات الأكثر تأثيراً في الاقتصاد العالمي، بما في ذلك رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، ورؤساء البنوك المركزية الكبرى، ووزراء المالية. وأي تصريح أو إشارة من هؤلاء يمكن أن يبعث برسالة قوية إلى الأسواق العالمية، مما يؤثر على أسعار الفائدة، وأسعار الصرف، وأسواق الأسهم.
اختبار الأفكار الجديدة: غالباً ما تُستخدم الندوة كمنصة لاختبار الأفكار والسياسات النقدية الجديدة قبل الإعلان عنها رسمياً. على سبيل المثال، قد يطرح أحد رؤساء البنوك المركزية فكرة معينة في ورقة بحثية، وتتم مناقشتها بين الحضور لتقييم مدى جدواها وآثارها المحتملة.
تحليل المواضيع الجوهرية: يركز المؤتمر كل عام على موضوع اقتصادي واحد مهم. هذا التركيز العميق يتيح للخبراء التعمق في القضايا الجوهرية التي تشغل بال الاقتصاديين، مثل التضخم، أو استقرار الأسواق المالية، أو تأثير التكنولوجيا على الاقتصاد، مما يولّد نقاشات ثرية يمكن أن تؤثر على قرارات السياسة النقدية لسنوات قادمة.
 
لحظات تاريخية
تاريخ الندوة حافل بمناقشة قضايا محورية رسمت ملامح السياسات الاقتصادية العالمية. ومن هذه المحطات:
 
عام 2022 والتحول نحو التشدد: في خطاب مفصلي، استخدم رئيس «الفيدرالي» جيروم باول لغة صارمة وواضحة، معلناً أن البنك ملتزم بمكافحة التضخم «حتى يتم إنجاز المهمة». كانت هذه إشارة واضحة على أن «الفيدرالي» لن يتراجع عن رفع أسعار الفائدة بسرعة، حتى لو كان ذلك يعني ألماً اقتصادياً. أدى الخطاب إلى تراجع الأسواق، ولكنه رسخ موقف البنك من مكافحة التضخم.
عام 2018، ناقش المشاركون «تغير هياكل السوق وآثارها على السياسة النقدية» في ظل صعود عمالقة التكنولوجيا مثل: «ميتا»، (فيسبوك سابقاً)، و«أمازون»، و«أبل»، و«غوغل»، وتساءلوا عما إذا كانت قوتهم السوقية قد تضر بالاقتصاد الأوسع.
عام 2016، كان الموضوع هو «تصميم أطر سياسة نقدية مرنة للمستقبل»، حيث بحث البنك المركزي العالمي عن طرق لإنعاش اقتصاداتها في أعقاب الأزمة المالية العالمية. ولم يقتصر الأمر على خفض أسعار الفائدة فحسب، بل شمل تبني نهج غير تقليدي مثل زيادة ميزانياتها العمومية عبر شراء السندات والأصول المالية بكميات كبيرة.
عام 2010، وهو عام «عملية التيسير الكمي»: في خطابه في ذلك العام، ألمح رئيس «الفيدرالي» آنذاك، بن برنانكي، إلى احتمال إطلاق جولة جديدة من «التيسير الكمي» لمواجهة خطر الانكماش بعد الأزمة المالية. كانت هذه الإشارة كافية لتحريك الأسواق العالمية بشكل كبير، حيث ارتفعت أسواق الأسهم، وضعف الدولار، وتدفق المستثمرون إلى الأصول الخطرة، مما أكد قوة كلمة واحدة من رئيس «الفيدرالي» في جاكسون هول.
عام 2008، وقبل الأزمة المالية الكبرى بوقت قصير، كان الاقتصاد العالمي يواجه إشارات تحذيرية. حينها، ركزت ندوة جاكسون هول على «تحديات أسواق الائتمان». ورغم أن الندوة لم تمنع الأزمة، فإنها كانت نقطة تحول في النقاش حول دور البنوك المركزية في إدارة المخاطر، خصوصاً ما يتعلق بالسيولة والقطاع المالي غير الرسمي.
يظل التضخم وتحدياته موضوعاً متكرراً. ففي عام 1984، ناقشت الندوة «استقرار الأسعار والسياسة العامة». وكان المؤتمر في حينه يمثل لحظة حاسمة بعد سنوات من التضخم المرتفع الذي عصف بالاقتصاد الأميركي في السبعينات.
وبذلك، فإن ندوة جاكسون هول ليست مجرد لقاء سنوي، بل هي محطة حاسمة في صياغة السياسات النقدية العالمية وتوجيه توقعات الأسواق. إنها المكان الذي تُعلن فيه المواقف، وتُختبر فيه الأفكار، وتُرسم فيه خطوط المستقبل الاقتصادي.