سيول: «الشرق الأوسط»
توقَّع بنك كوريا المركزي، يوم الخميس، صدمةً اقتصاديةً «كبيرةً»؛ نتيجة ارتفاع الرسوم الجمركية الأميركية حتى بعد التوصُّل إلى اتفاق تجاري، مشيراً إلى زيادات مماثلة في الرسوم الجمركية مقارنةً بالمصدرين المنافسين، وتعرض كبير لرسوم جمركية خاصة بمنتجات محددة. وصرَّح «بنك كوريا»، في تقرير، بأنه «على الرغم من نجاح المفاوضات، فإن متوسط معدل الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على بلدنا ارتفع بشكل كبير إلى نحو 15 في المائة، مقارنةً بـ(صفر رسوم جمركية) بموجب اتفاقية التجارة الحرة السابقة بين كوريا والولايات المتحدة». وأضاف البنك: «لذلك، من المتوقع حدوث صدمة كبيرة للاقتصاد المحلي الذي يعتمد بشكل كبير على الصادرات المتجهة إلى الولايات المتحدة». وقدَّر «بنك كوريا» تأثير سياسات التعريفات الجمركية الأميركية على النمو الاقتصادي بنسبة سالبة، تقدّر بـ0.45 و0.60 نقطة مئوية لهذا العام والعام المقبل على التوالي، وهو ما ينعكس في توقعاته للنمو السنوي بنسبة 0.9 في المائة لعام 2025، و1.6 في المائة لعام 2026. وفي أواخر يوليو (تموز)، توصَّلت سيول إلى اتفاق تجاري مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب حدَّد التعريفات الجمركية الأميركية على الواردات من الحليف الآسيوي بنسبة 15 في المائة، وهي أقل من التهديد السابق البالغ 25 في المائة؛ ولكنها أعلى من خط الأساس البالغ 10 في المائة الذي كان مطبقاً. ومقارنة بتهديدات ترمب السابقة بالتعريفات الجمركية في أبريل (نيسان)، مُنحت كوريا الجنوبية تخفيضاً للتعريفات الجمركية كان التاسع من حيث الحجم بين 50 مُصدراً رئيسياً للولايات المتحدة، وفقاً لـ«بنك كوريا»، بناءً على تقديراته للتغيرات في متوسط معدلات التعريفات الجمركية. ومع ذلك، وبالمقارنة مع الوضع قبل سياسات التعريفات الجمركية الشاملة لترمب، واجهت كوريا الجنوبية زيادات في التعريفات الجمركية أعلى من أكثر من نصف المُصدرين الخمسين، بما في ذلك اليابان والاتحاد الأوروبي، وفقاً لـ«بنك كوريا». وأسهم اتفاق التجارة الحرة السابق بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وتعرضها الكبير للرسوم الجمركية الأميركية الباهظة على واردات السيارات ومنتجات الصلب، في زيادة حدة هذه الزيادة، وفقاً لتقرير بنك كوريا المركزي.
تثبيت الفائدة
وفي سياق منفصل، أبقى البنك المركزي الكوري الجنوبي أسعار الفائدة الرئيسية ثابتة للمراجعة الثانية على التوالي، يوم الخميس، وسط مخاوف بشأن مخاطر سوق الإسكان، لكنه أشار إلى مزيد من التيسير لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النمو. وصوَّت مجلس السياسة النقدية في بنك كوريا المركزي بأغلبية 6 أصوات مقابل صوت واحد على إبقاء سعر الفائدة القياسي دون تغيير عند 2.50 في المائة، بما يتماشى مع التوقعات. كما عدّل البنك المركزي توقعاته للنمو لهذا العام من 0.8 في المائة سابقاً إلى 0.9 في المائة، وهو ما يُمثل أبطأ نمو منذ عام 2020. وقال المحافظ، ري تشانغ يونغ، في مؤتمر صحافي: «هناك فرصة كبيرة لاستمرار سياسة التيسير النقدي الحالية على الأقل حتى النصف الأول من العام المقبل، إذ من المرجح أن يظل النمو منخفضاً حتى النصف الأول، على أساس ربع سنوي، قبل أن يقترب من المعدل المحتمل للاقتصاد في النصف الثاني». وكان شين سونغ هوان، المعروف بتأييده لخفض أسعار الفائدة، هو المعترض الوحيد من بين أعضاء مجلس البنك المركزي يوم الخميس، ودعا إلى خفض فوري بمقدار 25 نقطة أساس. ومع توجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي نحو خفض أسعار الفائدة، يتوقَّع المحللون أن يستأنف بنك كوريا المركزي سياسة التيسير النقدي في الرُّبع الأخير، حيث يُخفف التعافي الاقتصادي المتعثر من المخاوف بشأن ارتفاع التضخم. وأوضح ري أن أي تخفيف إضافي للفائدة يجب أن يكون مدروساً لضمان عدم إضافة سيولة غير ضرورية إلى سوق العقارات في سيول، التي تبلغ نسبة السعر إلى الدخل فيها 21.3 مرة، وهي نسبة أعلى من 19.4 مرة في لندن و12.4 مرة في سيدني. وصرَّح بنك كوريا المركزي في بيان: «من الضروري مواصلة تقييم ما إذا كان الاقتصاد سيظل على مسار استقرار مستدام في ظل تباطؤ ارتفاع أسعار المساكن في سيول والمناطق المحيطة بها ونمو ديون الأسر». وقد أدى تخفيض أسعار الفائدة 4 مرات منذ العام الماضي إلى تأجيج المخاوف بشأن ارتفاع ديون الأسر، في حين كان لعدم اليقين بشأن التعريفات الأميركية تأثير كبير على اقتصاد كوريا الجنوبية المعتمد على التجارة واستثماراتها. وارتفعت الصادرات للشهر الثاني على التوالي في يوليو بفضل قوة مبيعات الرقائق والسيارات، وذلك بفضل الشحنات المُسبقة لتجنب أي زيادة في الرسوم الجمركية الأميركية. وصرَّح آن جاي كيون، المحلل في شركة «كوريا للاستثمار والأوراق المالية»، قائلاً: «إن تعليق ري حول استمرار ضعف النمو خلال النصف الأول يتماشى إلى حد ما مع توقعات السوق بخفضين إضافيَّين لأسعار الفائدة». ويتوقَّع جاي كيون أن يصل سعر الفائدة الأساسي إلى 2.0 في المائة بنهاية يونيو (حزيران) من العام المقبل. ورفض ري التعليق على سعر الفائدة النهائي، لكنه صرّح مراراً وتكراراً بأن بنك كوريا المركزي قد لا يحتاج إلى خفض أسعار الفائدة بالقدر نفسه الذي يحتاج إليه نظراؤه العالميون، لأنه لم يُشدد سياسته النقدية بالقدر نفسه خلال الجائحة.