أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    03-Dec-2025

عين غزال.. حين تنهض الحضارة من بطون الجبال

 الغد-محمد أبو الغنم

 على سفوح منطقة طبربور، وفي نقطة تبدو للعين العابرة مجرد امتداد حجري، ينهض موقع عين غزال بصمت يشي بسر محروس منذ آلاف السنين. 
هنا، حيث تفيض الذاكرة الأرضية بما خبأته الطبيعة، اكتشف العالم أحد أهم أسراره: تماثيل جصية تعد من أقدم المنحوتات البشرية بالحجم الطبيعي في التاريخ.
كان ذلك حين أخرجت دائرة الآثار العامة من بطن الجبل 36 تمثالا شكلت علامة فارقة في فهم تطور المجتمعات البشرية خلال العصر الحجري الحديث، وتحديدا قبل نحو 6.5 ألف سنة قبل الميلاد. 
وما تزال هذه التماثيل، بملامحها الدقيقة المرسومة على الجص والقصب، تقف شاهدة على حس فني نادر لشعوب استوطنت تلك المنطقة في زمن لم تعرف فيه البشرية الفخار بعد.
مكان اختاره الإنسان الأول ليستقر
يمتد موقع عين غزال على مساحة تقارب 231 دونمًا، في منطقة كانت ذات يوم واحة طبيعية بفضل وفرة المياه وخصوبة الأرض. وجعلت هذه الخصائص من الموقع نقطة جذب مبكرة للاستقرار البشري، فشهد مراحل متعاقبة من العصر الحجري الحديث.
 
اضافة اعلان
 
 
 
Image1_1220252215153984763827.jpg 
 
 
ومع كل طبقة ترابية تفتح، وتلة تحفر، يفتح المكان نافذة جديدة على حياة أناس عاشوا هنا منذ أكثر من ثمانية آلاف عام، زرعوا وأقاموا واستنبطوا أشكالهم الأولى للفن والتعبير.
رحلة داخل الموقع.. حين تتكلم الأرض
“الغد” زارت موقع عين غزال، وكان المشهد أقرب إلى ورشة أثرية مفتوحة؛ حجارة متناثرة تروي عن بيوت اندثرت، ومربعات تنقيب موزعة على مساحات واسعة لم يكتشف منها حتى الآن أقل من نصف الموقع فقط.
في بعض النقاط، تظهر فتحات الحفر وقد تحولت إلى صفحات تاريخية حية، تخرج منها شواهد صغيرة على أن الأرض هنا لم تفصح بعد عن كل أسرارها.
ويقول العاملون في الموقع إن كل يوم يحمل احتمالا لاكتشاف جديد: قطعة عظم، أثر جصّي، أو حتى جزء من تمثال لم يظهر كاملاً بعد. ولذلك، يظل الموقع مغلقًا أمام الزائرين العاديين، ويحتاج إلى موافقات خاصة للدخول، حفاظًا على حساسيته وكنوزه غير المنتهية.
مختبر علمي مفتوح للباحثين
ويستقبل الموقع على الدوام خبراء الآثار وطلبة الجامعات الأردنية الذين يجدون فيه مساحة تعليمية ثرية، ومختبرًا حيًا يفكك طبقات الزمن. فالتماثيل المكتشفة هنا، والمصنوعة بتقنية سبقت عصرها، أصبحت مرجعًا عالميًا في دراسة بدايات المجتمعات الزراعية الأولى في المشرق.
وتقول كوادر دائرة الآثار إن عمليات التنقيب تدار بحرفية عالية، فكل حجر يرفع يحسب له حساب، وكل شبر من الأرض قد يخفي أسطورة لم تحك بعد. ومع ذلك، لم يسلم الموقع سابقا من محاولات العبث والتنقيب غير القانوني، لكن تم التعامل معها سريعا وحمايته بصرامة.