أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    26-Jun-2025

الأزمات وملاذاتها الآمنة*حسام عايش

 الدستور

الملاذات الآمنة، أصول تحتفظ بقيمتها أو تزداد عندما تفقد الأصول التقليدية بريقها أو حتى تنهار بسبب تزايد عدم اليقين الاقتصادي والسياسي والصحي والأمني والعسكري، وكذلك بسبب التضخم، وتدهور قيمة العملات، وتذبذب أسواق المال، وتعطُّل سلاسل الإمداد، والركود، والكساد.
 
تتميز الملاذات الآمنة باعتبارها مستودعًا للقيمة، وبسرعة تسييلها/بيعها حتى في أوقات الذعر، وبالارتباط المنخفض بالأصول الخطرة.
 
فالملاذ الآمن المثالي يتحرك سعره عكسيًّا أو مستقلًّا عن الأسهم والأصول عالية المخاطر، خصوصًا مع انهيار الأسواق. الارتباط السلبي هذا يعني أنه عندما تهبط الأسواق، يُعوِّض الملاذ الآمن الخسائر بتحقيق مكاسب أو على الأقل خسائر أقل.
 
يأتي الذهب في طليعة الملاذات الآمنة، فهو يشكِّل نحو 20% من الأصول الاحتياطية للبنوك المركزية العالمية، متجاوزًا اليورو عند 16%، ومُخفِّضًا حصة الدولار من تلك الأصول إلى نحو 46%، ويُستخدم عادة للتحوُّط وقت الحروب، التوترات الجيوسياسية، الأزمات الاقتصادية، التضخم المرتفع، الفائدة المنخفضة، حالات عدم اليقين المالي، الركود، وبالذات إذا تزامن مع تضخم أو سياسات تيسير كمي – طباعة نقود إضافية – لكن إذا كان الركود مصحوبًا بانكماش حاد في السيولة وارتفاع الدولار، قد يتراجع الذهب مؤقتًا.
 
الدولار الأميركي يُعتبر ملاذًا آمنًا – باعتباره عملة الاحتياط النقدي الأولى عالميًّا بنسبة تقارب 58% – في أوقات الركود، وتراجع الأسواق، والأزمات المالية العالمية، وانهيار العملات المحلية، والخوف من فقدان السيولة، حيث نلاحظ غالبًا تدفُّق رؤوس الأموال نحو أصول مقوَّمة بالدولار مثل سندات الخزانة الأميركية، التي تُعد ملاذًا آمنًا في مثل تلك الظروف.
 
العقارات – خصوصًا في الدول المستقرة ذات البيئة القانونية القوية والاستقرار السياسي – تُعتبر ملاذًا آمنًا أوقات التضخم المرتفع طويل الأجل، وضعف العملات على المدى الطويل، أو انهيار الأسواق، أخذًا بالاعتبار أن الاستثمار العقاري من أكبر مخازن الثروة، إذ حسب التقديرات، فإن قيمة الأصول العقارية حول العالم تتجاوز 300 تريليون دولار، وهو رقم يفوق قيمة الأسهم والسندات العالمية مجتمعة، ما يعكس الثقة الكبيرة بالعقار كوعاء ادخاري واستثماري آمن.
 
العملات المشفَّرة، ومنها بيتكوين وأخواتها، تُعتبر – حسب مناصريها – من الملاذات البديلة كمخزن للقيمة، خصوصًا وقت التضخم المفرط، حيث يُطلق عليها تسمية «الذهب الرقمي»، وذلك لمحدودية المعروض منها، وعدم خضوعها لجهة مركزية. شخصيًّا أرجِّح عدم اعتبارها ملاذًا آمنًا حقيقيًّا، لأنها تخضع للمضاربة، وتعاني من غياب الأطر التنظيمية، وتشهد تقلبات حادة.
 
العملات الرقمية المشفَّرة المستقرة، مثل USDT وUSDC، وهي مربوطة عادة بالدولار الأميركي بنسبة 1 إلى 1، ومدعومة باحتياطيات نقدية أو أصول آمنة. تجمع بين مزايا التشفير مثل التحويل السريع بلا قيود جغرافية، واستقرار السعر المرتبط بعملة تقليدية. وقد استُخدمت خلال الأزمات الأخيرة كمهرب من تقلبات العملات المشفَّرة الأخرى.
 
العملات الآمنة مثل الفرنك السويسري، تُعد من الملاذات الرئيسة وقت الاضطرابات الأوروبية، والأزمات الجيوسياسية العالمية، نظرًا لما تتمتع به سويسرا من استقرار سياسي واقتصادي وحياد تاريخي.
 
العملات التي توصف بغير التقليدية، مثل الدولار السنغافوري، والدولار الأسترالي والكندي، والكرونة النرويجية، واليوان الصيني، والتي زادت حصتها من الاحتياطيات العالمية مؤخرًا، ما جعل منها ملاذات ممكنة للتحوُّط من المخاطر الجيوسياسية، وإن كانت لا ترقى إلى وضع الدولار أو اليورو، حيث يُنظر إليها كملاذ ثانوي، يتميز بعوائد أعلى نسبيًّا، مع درجة أمان مقبولة.
 
القطاعات الضرورية مثل الغذاء والصحة والطاقة، والتي تكتسب صفة الملاذ الآمن أوقات الركود الاقتصادي وضعف النمو العالمي، والتضخم طويل الأجل، فالشركات العاملة فيها تبقى نشطة وتُحقِّق الربح، مما يعزِّز استقرار أسهمها التي توصف عادة بـ»الدفاعية»، أي إنها أقل تأثرًا بدورة الأعمال مقارنة بقطاعات أخرى مثل السياحة أو الترفيه.
 
الملاذات الآمنة ليست مضمونة 100%، ويختلف أداؤها تبعًا لكل أزمة، حيث اختيارها يعتمد على طبيعة الأزمة ومدى انتشارها، ومدى القدرة على الوصول إليها هي نفسها. وقد أثبتت التجارب أن التنويع، والاحتفاظ بجزء من الأصول في ملاذات متعددة؛ هو ما يتيح قدرة أفضل على مواجهة المخاطر.