مستقبل الزراعة والانتاج الغذائي عالميا ليس مسألة انتاج المزيد، بل هي عملية الانتاج الافضل والاذكى. فمع التغير المناخي، وزيادة عدد السكان، واستنزاف الموارد الطبيعية، لم تعد الطرق التقليدية كافية. وهناك تجارب ونجاحات عالمية مبهرة في هذا المجال، ولكنها غير منسقة ولا تمثل منظومة متكاملة لغاية الان. انها فرصة كبيرة تنتظر الاقتناص، فهل يا ترى يمكن للاردن استخدام عقوله وموارده لاسغلال هذ البئية الابتكارية الخصبة لتحويل هذا التحدي الى نجاح مستدام؟ لم لا؟

 

نحن نقف على أعتاب ثورة حقيقية، ستعيد تعريف كيف ننتج ونستخدم الغذاء باعتماد كبير على البحث العلمي والتكنولوجيا والتنمية المستدامة. وحجر الاساس هنا هو في تطبيق مفاهيم الزراعة الذكية. فالمزرعة الذكية ليست مجرد تربة ومياه وبذور واسمدة وغيرها من المدخلات، بل أصبحت نظاما بيئيا متكاملا، ومترابط رقميا. يمكن ان نستخدم اجهزة استشعار لمراقبة كافة تفاصيل هذا النظام من رطوبة التربة ودرجة الحرارة وطبيعة المواد المفيدة او الضارة. تمكن هذه البيانات من اتخاذ قرارات دقيقة وفي وقتها، مما يقلل الهدر في المياه والاسمدة واستخدام المبيدات. ويمكن ايضا استخدام الطائرات المسيرة الصغيرة  في جمع البيانات واستهداف النباتات التي تحتاج العناية. وهناك ايضا اساليب للزراعة الحضرية والعمودية والتي تستغل المساحات الصغيرة في المدن لانتاج الغذاء والحد من الحاجة الى انظمة امداد معقدة لنقله.

 

و مع تزايد الوعي البيئي، تتجه المجتمعات الى تقليل استهلاك اللحوم التقليدية، والبحث عن بدائل مستدامة للبروتين. فاللحوم اصبحت تنتج في المختبرات، ومع البحث والتطوير ستكون تلكفة انتاجها منافسة بشكل كبير وستكتسح العالم. اضافة الى ذلك، فان التركيز على تخفيض هدر الغذاء في جميع المراحل من الانتاج الى الاستهلاك هو في اعلى الاولويات.

 

لدى كل المجتمعات حافز ان تخطط وبشكل واضح وحاسم لمستقبل الزراعة  والغذاء. ونحن في الاردن، وبسبب ندرة المياه وقلة المساحات الزراعية، لدينا حافز اكبر للانخراط في هذا المشروع الوطني بشكل عاجل وشامل. فلا بد لنا من استغلال طاقاتنا الشبايبة والابتكارية المبدعة في هذا المجال الحيوي، والذي يمكن له ان يحقق ليس فقط الامن العذائي للاردن، وتحقيق نقلة نوعية في اقتصاده، بل ايضا ان يكون رائدا على مستوى المنطقه، ويفيد الجيران والعالم. فهل من مبادرة؟