أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-Aug-2025

إدراج "تقنيات المستقبل" في إستراتيجية التحول الرقمي.. كيف يدعم الاقتصاد؟

 الغد-إبراهيم المبيضين

أجمع خبراء على أن إدراج الذكاء الاصطناعي وتقنيات المستقبل ضمن إستراتيجية التحول الرقمي الجديدة سيسهم في تعزيز الإنتاجية في القطاعات الاقتصادية وتحسين الأداء المؤسسي في القطاعين العام والخاص ورفع سوية وتطوير الخدمات العامة.
 
 
يأتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه وثيقة الخطة التنفيذية للإستراتيجية الأردنية للتحول الرقمي عن توجه الحكومة لاعتماد الذكاء الاصطناعي وتقنيات المستقبل الحديثة كمحور من ضمن خمسة محاور مكونة لها. 
ولا يوجد تعريف موحد لتقنيات المستقبل في سياق التحول الرقمي، ولكن يمكن وصفها على أنها "مجموعة واسعة من الأدوات والمنهجيات المتقدمة، وأبرزها الذكاء الاصطناعي الذي يعرف على انه القدرة على محاكاة السلوك البشري في الآلات لأداء مهام معقدة مثل التعلم، حل المشكلات، واتخاذ القرارات، والبيانات الكبيرة، وهي مجموعات ضخمة ومعقدة من البيانات التي تتطلب أدوات معالجة متقدمة لاستخلاص رؤى مفيدة".
وتشمل التقنيات الحديثة أيضا الحوسبة السحابية، وتوفير موارد الحوسبة (مثل الخوادم، التخزين، والبرامج) عبر الإنترنت وإنترنت الأشياء وهي شبكة من الأجهزة المادية المتصلة بالإنترنت التي يمكنها جمع وتبادل البيانات، وسلاسل الكتل وهي نظام لا مركزي لتسجيل المعاملات بشكل آمن وشفاف.
ورغم كل هذه الفوائد لإدراج الذكاء الاصطناعي والتقنيات ضمن الإستراتيجية إلا أن الأردن يواجه عددًا من التحديات التي يجب التغلب عليها لضمان النجاح مثل تطوير البنية التحتية للاتصالات في بعض المناطق وضمان وصول الجميع إلى الإنترنت عالي السرعة وتحديات رأس المال البشري وتأهيل الكوادر الأردنية بمهارات تكنولوجية متقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، الامن السيبراني وتحليل البيانات.
وقال الخبير في مجال الاتصالات والتقنية وصفي الصفدي "إستراتيجية التحول الرقمي الجديدة في الأردن تضع الذكاء الاصطناعي التقنيات الحديثة كعنصرين أساسيين وممكنين رئيسيين للتحول الرقمي".
ولفت إلى أن هذا النهج هو جزء من رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الأردني، وتحسين الخدمات الحكومية، وزيادة التنافسية. 
لماذا تعتبر التقنيات الحديثة ممكنا رئيسيا؟
وبين الصفدي أن الأردن يدرك أن تبني الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة حتمية، وذلك لأنهما يسهمان في (تعزيز الكفاءة والإنتاجية) حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة المهام الروتينية، مما يقلل من الأخطاء البشرية ويوفر الوقت والجهد، سواء في القطاع العام أو الخاص، كما أنهما يسهمان في (تحسين جودة الخدمات) حيث يمكن استخدام تقنيات مثل تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي لفهم احتياجات المواطنين بشكل أفضل وتخصيص الخدمات لتلبية تلك الاحتياجات بشكل فعّال وسريع. 
وأوضح الصفدي أن تبني التقنيات الحديثة يسهم ايضا في (دعم الابتكار) من خلال توفر هذه التقنيات بيئة خصبة لإنشاء حلول جديدة ومبتكرة في قطاعات حيوية مثل الصحة، التعليم، والزراعة، كما يسهم في جذب الاستثمارات من الشركات العالمية التي تبحث عن بيئة عمل متطورة ومتقدمة تكنولوجيًا.
النمو الاقتصادي وتحسين جودة الحياة 
وأكد أن تبني الإستراتيجية لهذه التقنيات مهم لـ (نمو اقتصادي) كونها تساهم في توفير فرص عمل جديدة، خاصة في قطاع التكنولوجيا والابتكار، مما يساهم في تنويع الاقتصاد الأردني وتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية، وتحسين (جودة الحياة) من خلال خدمات حكومية أكثر كفاءة وسلاسة، مثل تقديم المعاملات إلكترونيًا أو الحصول على خدمات صحية عن بعد.
ولفت الصفدي إلى أن هذه التقنيات تسهم في مجال (بناء مجتمع المعرفة) حيث تساهم هذه الإستراتيجية في نشر الثقافة الرقمية والوعي التكنولوجي بين المواطنين، مما يجعل الأردن مركزًا إقليميًا للمعرفة والابتكار، فضلا عن اهمية تبني هذه التقنيات والتحول الرقمي لـ (تعزيز الأمن الوطني) حيث يمكن استخدام التقنيات الحديثة في تعزيز الأمن السيبراني وحماية البنية التحتية الحيوية للبلاد.
ما التحديات في هذا التحول؟
ورغم كل هذه الفوائد والإمكانات الهائلة، يواجه الأردن عددًا من التحديات التي يجب التغلب عليها لضمان نجاح هذه الإستراتيجية بحسب ما قال الصفدي، الذي أوضح أن أول هذه التحديات يتمثل في البنية التحتية، حيث انه على الرغم من التقدم، لا يزال هناك حاجة لتطوير البنية التحتية للاتصالات في بعض المناطق لضمان وصول الجميع إلى الإنترنت عالي السرعة من اجل تحقيق المساواة في الشمول الرقمي والمالي".
واشار الى تحدي رأس المال البشري لان هناك حاجة لتدريب وتأهيل الكوادر الأردنية بمهارات تكنولوجية متقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، الامن السيبراني وتحليل البيانات، لملء الفجوة في سوق العمل ، وتحدي التشريعات والسياسات حيث يتطلب التحول الرقمي وجود أطر قانونية حديثة تنظم استخدام البيانات، تحمي الخصوصية، وتدعم الابتكار دون عوائق مع التركيز على استدامة تحديث هذه الأطر حسب المتغيرات والتطورات التي تطرأ على هذه التكنولوجيات.
وقال إن من التحديات الأمن السيبراني فمع زيادة الاعتماد على التكنولوجيا، تزداد مخاطر الهجمات السيبرانية، مما يستدعي تعزيز آليات الحماية والأمن على جميع المستويات، وتحدي الفجوة الرقمية حيث يجب العمل على تقليل الفجوة بين الأفراد والمناطق التي لديها وصول إلى التكنولوجيا وتلك التي لا تزال تواجه صعوبات، لضمان أن يكون التحول شاملًا وعادلًا.
انسجام مع رؤية التحديث الاقتصادي
ومن جانبه، قال خبير الذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال م.هاني البطش "الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة تشكل اليوم "ركيزة إستراتيجية للتحول الرقمي الشامل في المملكة"، حيث تتيح هذه التقنيات فرصا غير مسبوقة لتعزيز الإنتاجية وإمكانات نوعية تسهم في الارتقاء بكفاءة الأداء المؤسسي وتطوير الخدمات العامة ودفع عجلة الريادة وإيجاد اقتصاد رقمي تنافسي قائم على الابتكار والمعرفة. 
وأضاف البطش "هذا التوجه ينسجم  مع رؤية التحديث الاقتصادي التي تضع في مقدمة اولوياتها توظيف التقنية الحديثة لتلبية متطلبات المواطن وتحقيق تنمية مستدامة قائمة على البيانات والابتكار فضلا عن تعزيز مكانة الاردن كمركز اقليمي رائد في مجالات للتقنية والابتكار من خلال الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وتطوير القدرات البشرية وتحديث السياسات بما يواكب وتيرة التطور التقني العالمي. 
وقال "في هذا الإطار ستعمل الحكومة على مراجعة الأدوات التنظيمية والخطط التنفيذية للذكاء الاصطناعي وتحديثها بما يتواءم مع المستجدات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي واستنادا إلى افضل الممارسات الدولية".
واشار البطش الى ان الحكومة تسعى الى تبني نهج استباقي لتعزيز استخدام التقنيات المتقدمة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وتقنية سلاسل الكتل وإنترنت الأشياء واستخدام الروبوتات وتقنيات الواقع الممتد والتقنيات الغامرة.
خطوات ضرورية لدعم تبني التقنيات الحديثة 
ولدعم تبني هذه التقنيات، قال البطش إن "الحكومة يجب أن تعمل مع الجهات المعنية وبشراكة على توسيع وتطوير البنى التحتية للاتصالات والبنى اللازمة لبناء وتطوير واستخدام هذه التقنيات، ويجب العمل بجد على محور بناء القدرات البشرية التي ستطور وتستخدم هذه التقنيات والتوعية الرقمية، فضلا عن أهمية العمل على تجاوز تحديات الأمن السيبراني والتمويل".
وشدد البطش على أهمية تجريب واستخدام أمثلة تطبيقية لمشاريع في هذه التقنيات في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والطاقة والمالية والخدمات العامة وغيرها من القطاعات التي يحتاجها المواطن والمجتمع. 
وضع  الذكاء الاصطناعي في صميم المحركات 
الخبير في مجال التقنية والبيانات د.حمزة العكاليك أكد أن إستراتيجية التحول الرقمي الجديدة للحكومة الأردنية، والتي تمتد بخططها حتى عام 2028، تشكل "نقلة نوعية" في منهجية الإصلاح الحكومي، حيث لا تقتصر على مجرد تحديث الإجراءات، بل تضع الذكاء الاصطناعي في صميم محركاتها الأساسية. 
وقال إن "إدراج الذكاء الاصطناعي كممكن رئيسي في هذه الإستراتيجية ليس مجرد إضافة تقنية، بل هو اختيار إستراتيجي عميق يهدف إلى تحقيق قفزة نوعية في الأداء الحكومي والقطاعات الحيوية بدلاً من الاكتفاء برقمنة الوثائق". 
تحليل البيانات 
واضاف العكاليك أن الإستراتيجية تسعى إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الضخمة بهدف حل مشكلات وطنية كبرى، هذا النهج يوضح أن الأستراتيجية الأردنية الجديدة تتجاوز مجرد تبسيط الإجراءات إلى معالجة التحديات التنموية على نطاق واسع. 
مقارنة تاريخية 
وبين العكاليك في شرح تاريخي: "أن الأردن بدأ رحلته في الحكومة الإلكترونية منذ عام 2001، لكنه تعثر كثيراً حتى تراجع عام 2020 إلى المرتبة 117 عالمياً في تقرير الأمم المتحدة ومع ذلك، جاء هذا التراجع كجرس إنذار لا كإخفاق، فكان الشرارة التي دفعت إلى التحول من مجرد أتمتة إلى تحول رقمي عميق واليوم، الذكاء الاصطناعي لم يعد رفاهية تقنية، بل وسيلة عملية لحل أزماتنا اليومية. هذا التوجه لا يختصر الوقت فحسب، بل يعيد تعريف كفاءة الدولة ويضع المواطن في قلب الخدمة وهذا التراجع لم يكن مجرد إحصائية سلبية، بل كان بمثابة حافز حاسم لإعادة التفكير الإستراتيجي، والانتقال من مفهوم الأتمتة الى مفهوم التحول الرقمي الشامل". 
واضاف قائلا: "الأرقام تتحدث بوضوح فقد تقدم الأردن من المرتبة 63 في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي عام 2022 إلى المرتبة 55 في 2024، بل وتحدثت تقارير عن وصوله إلى المرتبة 9. وعلى الصعيد العربي، ثبت في المركز السابع بين 22 دولة، متقدماً على مصر وتونس، لكنه ما زال متأخرا وراء دول الخليج التي تقود المشهد". 
التحدي الحقيقي 
لكن التحدي الحقيقي بحسب العكاليك "لا يقف عند المؤشرات" فكل تأخير في التنفيذ يعني خسارة فرص استثمارية، اتساع الفجوة الرقمية، وإبقاء الاقتصاد رهينة لضعف الكفاءة والتكاليف العالية، بمعنى آخر؛ الثمن ليس مالياً فقط، بل تنموياً أيضاً فالتأخير سيعني فقدان الأردن لفرصة التموضع كرائد إقليمي في الذكاء الاصطناعي، مما سيُعيق قدرته على جذب الاستثمارات الأجنبية التي تبحث عن بيئات رقمية متطورة كما ان هناك تكلفة حقيقية للتأخير لا تقتصر على الجانب المالي، بل تمتد إلى فقدان فرص ثمينة وإدامة التحديات الهيكلية؛ فاستمرار التحديات الاقتصادية مثل تدني الكفاءة التشغيلية وارتفاع التكاليف، وسيبقى الاقتصاد الأردني عاجزاً عن استغلال كامل الفرص التي يتيحها الذكاء الاصطناعي".
فرصة تاريخية 
وأكد ملخصا أن الأردن اليوم أمام فرصة تاريخية، التقدم المحقق يؤكد صواب الاتجاه، لكن النجاح الكامل لن يتحقق إلا إذا تسارعت الخطوات لسد فجوة المهارات، وتعزيز البحث والتطوير، وبناء منظومة قوانين ذكية تحقق التوازن بين التمكين والتنظيم، عندها فقط يمكن أن يتحول الأردن من "متابع للتقنية" إلى "صانع للفرص"، ويثبت أنه قادر على المنافسة في سباق إقليمي ودولي لا ينتظر المتأخرين.