الغد
شهدنا خلال الأيام الماضية واحدة من أهم الجولات الملكية ذات البعد الاقتصادي الاستراتيجي، حيث زار جلالة الملك عبد الله الثاني خمس دول آسيوية تُعد من أبرز القوى الصاعدة عالمياً: اليابان، وفيتنام، وسنغافورة، وإندونيسيا، وباكستان.
هذه الجولة الملكية حملت مشروعاً اقتصادياً واستثمارية تفتح أمام الأردن آفاقاً جديدة في أسواق غير تقليدية، ويعيد رسم خريطة شراكاتنا التجارية والاستثمارية للسنوات القادمة.
لقد أكدت مرار أن الأسواق التقليدية وحدها لم تعد كافية لدعم الصناعة الوطنية وتحفيز نمو الصادرات الأردنية. ومن هنا جاء توجه جلالة الملك نحو دول تمتاز بثقل اقتصادي كبير، وتعداد سكاني ضخم، وتطور صناعي وتقني سريع، ما يجعلها بيئة مثالية للتعاون وبناء شراكات اقتصادية مستقبلية.
الجولة الملكية هذه المرة ركزت على قطاعات دقيقة وحيوية، من بينها، البنية التحتية الحديثة، والطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية والصناعات والتقنيات المستقبلية، والذكاء الاصطناعي.
هذه القطاعات هي الأكثر نمواً على مستوى العالم، والاقتراب منها يعني فتح فرص حقيقية للصناعة الأردنية، سواء من خلال شراكات استثمارية مشتركة أو فتح أسواق جديدة للصادرات.
من وجهة نظري نحن أمام منعطف اقتصادي مهم؛ الدول التي شملتها الزيارة تملك أسواقاً استهلاكية ضخمة، ونمواً صناعياً مذهلاً، وقدرة عالية على الاستيراد، وهو ما يشكل فرصة حقيقية للصادرات الأردنية، خصوصاً في الصناعات الدوائية، الغذائية، الكيماوية، والمحيكات حتى في نقل تكنولوجيا متقدمة مثل الرقائق الإلكترونية.
ما نحتاجه الآن هو المتابعة الفعلية من القطاعين العام والخاص لترجمة نتائج هذه الجولة إلى اتفاقيات عمل، وشراكات تصنيع مشترك، ومسارات تصدير عملية.
ومن خلال قراءتي للمشهد الاقتصادي، أستطيع القول إن هذه الجولة الملكية أكدت مرة أخرى أن الأردن يمتلك: استقراراً سياسياً واقتصادياً يجعله محطة آمنة للاستثمارات، وقطاعاً صناعياً قادراً على المنافسة في أسواق عالمية، وموقعاً جغرافياً استراتيجياً يُسهل الوصول بين آسيا والشرق الأوسط، وبرامج إصلاح اقتصادي جاذبة للمستثمرين.
وبالتالي، فإن عرض الأردن كشريك اقتصادي موثوق في هذه الدول يعطي رسائل إيجابية للمستثمرين وصنّاع القرار في آسيا.
ما حققته هذه الجولة الملكية يمثل فرصة اقتصادية لا يجب أن تُهدر، خصوصاً ان هذه الجولة تشكل خطوة جريئة ومدروسة نحو تنويع شركائنا الاقتصاديين، والانفتاح على أسواق المستقبل، ومضاعفة الحضور الأردني في آسيا، وكل ذلك ضمن رؤية ملكية تؤمن بأن الاقتصاد لا ينتظر، وأن الفرص تُصنع ولا تأتي صدفة.