أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    27-Nov-2025

تاكايتشي تطمئن الأسواق: اليابان لن تشهد «صدمة تروس»

 طوكيو: «الشرق الأوسط»

في لحظة سياسية واقتصادية حساسة، خرجت رئيسة الوزراء اليابانية، ساناي تاكايتشي، لتؤكد أن بلادها لن تواجه لحظة انهيار مالي شبيهة بما عرفته بريطانيا خلال فترة رئاسة ليز تروس الحكومة، في وقت تتقاطع فيه تراجعات الين وارتفاع عوائد السندات مع سياسة مالية توسعية غير مسبوقة منذ جائحة «كورونا». وكانت الرسالة حازمة بأن «اليابان ليست في وضع يسمح بحدوث صدمة من هذا النوع... والأولوية هي الاستدامة المالية».
 
تصريحات تاكايتشي جاءت خلال جلسة في البرلمان، يوم الأربعاء، على خلفية قلق متصاعد في الأسواق بعد إقرار حكومتها برنامجاً ضخماً للتحفيز الاقتصادي بقيمة 21.3 تريليون ين (136 مليار دولار)، يتضمن إنفاقاً في الحساب العام بقيمة 17.7 تريليون ين. هذا الضخ المالي انعكس فوراً على الأسواق في صورة تراجع في الين، وهبوط في سندات الخزينة اليابانية؛ مما أثار تكهنات بشأن مسار الدين العام وقدرة الحكومة على السيطرة على التضخم.
 
لا «سيناريو تروس»
وسُئلت تاكايتشي مباشرة عمّا إذا كانت سياساتها قد تقود إلى سيناريو مشابه لما حدث في بريطانيا عام 2022، حين تسبب إعلان تخفيضات ضريبية غير ممولة في انهيار الجنيه الإسترليني وارتفاع هائل في عوائد السندات، فأجابت: «اليابان ليست بريطانيا... نحن نحقق فائضاً في الحساب الجاري، وهذا يمنحنا قاعدة صلبة».
 
وشددت على أن برنامجها ليس «إنفاقاً متهوراً»، وأن الحكومة ستعمل على خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي مع مراقبة الأسواق المالية من كثب. كما أكدت أن الحكومة مستعدة للتدخل سريعاً ضد أي انهيارات مضاربية في سعر الين أو تقلبات حادة في الفائدة طويلة الأجل.
 
11 تريليون ين من السندات الإضافية
وفي تطوّر يزيد من حجم التحدّي المالي، كشفت قناة «أساهي» اليابانية عن أن الحكومة تخطط لإصدار أكثر من 11 تريليون ين (70 مليار دولار) من السندات الحكومية الإضافية هذا العام لتمويل الحزمة الجديدة.
 
ويمثل هذا الإصدار أكثر من نصف الميزانية التكميلية المخصصة للحزمة (17.7 تريليون ين)، وهو مستوى يفوق إصدار العام الماضي الذي بلغ 6.7 تريليون ين؛ مما يعزز التساؤلات بشأن مسار الدين العام في ثالث أكبر اقتصاد عالمي.
 
ورغم التحديات المالية، فإن مؤشرات الاقتصاد الحقيقي تُظهر بعض الإيجابية. فقد ذكرت الحكومة في تقريرها الشهري أن ثقة المستهلكين تتجه للتعافي بعد هبوطها في أبريل (نيسان) الماضي مع بدء الحديث عن الرسوم الجمركية الأميركية.
 
وأبقت الحكومة نظرتها للاقتصاد عند مستوى «تعافٍ معتدل»، وأكدت أن الاستهلاك الخاص، الذي يشكّل أكثر من نصف الناتج المحلي، يُظهر نمواً لثالث شهر على التوالي. في المقابل، خفّضت الحكومة تقييمها الواردات، ورفعت تقييمها أسعار الشركات من «ثابتة» إلى «مرتفعة بشكل معتدل».
 
وانكمش الاقتصاد الياباني لأول مرة منذ 6 أرباع بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، لكن اقتصاديين يعدّون ذلك مؤقتاً؛ إذ يظل الطلب الأساسي والإنفاق الخاص قويين نسبياً.
 
معركة الأجور مستمرة
من جهة أخرى، أعلن «اتحاد عمال الصناعات المعدنية» - الممثل لمليوني عامل في شركات كبرى مثل «تويوتا» و«نبون ستيل» - أنه سيطالب بزيادة 12 ألف ين شهرياً (77 دولاراً) في الأجور الأساسية للعام المقبل، وهي مطالب العام الماضي نفسها.
 
وتُعدّ هذه الزيادة حاسمة للحكومة التي تراهن على رفع الأجور بوتيرة مستدامة تتجاوز التضخم. وتشير بيانات اتحاد «رينغو»؛ أكبر نقابة يابانية، إلى أن الشركات منحت هذا العام زيادة بلغت 5.25 في المائة، وهي الأعلى منذ 34 عاماً.
 
تحد كبير
ويكمن التحدي الأكبر أمام تاكايتشي في معادلة أن «تحفيزاً اقتصادياً كبيراً، مع سياسة نقدية منخفضة الفائدة، وتوسع في إصدار الدَّين، يؤدي إلى أسواق متوجسة من سيناريو تضخمي أو ضغوط على السندات والعملات»، وفق المراقبين.
 
ومع ذلك، ترى رئيسة الوزراء أن هيكل الاقتصاد الياباني، خصوصاً فوائض الحساب الجاري، يحمي البلاد من «سيناريو تروس»، مؤكدة أن الحكومة تمسك بزمام الأمور ولن تسمح بفقدان الثقة.
 
وستكشف الأسابيع المقبلة إلى أي حد تستطيع حكومة تاكايتشي تحقيق توازن بين التحفيز الاقتصادي والاستدامة المالية، خصوصاً مع مراقبة الأسواق 3 ملفات شديدة الحساسية، هي: قدرة الين على الصمود أمام موجات المضاربة، واستجابة المستثمرين لإصدارات السندات الضخمة، وما إذا كانت الأجور سترتفع فعلياً بما يكبح التضخم.
 
وبين التفاؤل الرسمي وحذر الأسواق، تبدو اليابان مقبلة على مرحلة اقتصادية دقيقة، ترسم فيها حكومة تاكايتشي ملامح سياستها الأعلى جرأة منذ عقود، على أمل أن تظل بعيدة عن «لحظة تروس»، وأن تثبت قدرتها على إعادة تحريك النمو دون خسارة ثقة المستثمرين.