الغد-عبدالرحمن الخوالدة
أظهر تقرير حديث أصدرته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "إسكوا"، أن الفقر "متعدد الأبعاد" في الأردن لم يشهد تراجعا يذكر منذ 14 عاما، ما يعكس تقدما غير متسق في مسار مكافحة الفقر.
وكشف التقرير الذي صدر تحت عنوان "الفقر متعدد الأبعاد، مهمة لم تنجز بعد في البلدان العربية"، عن استمرار التحديات العميقة التي تواجه الأردن في سعيه إلى تقليص أوجه الفقر وتحقيق تنمية شاملة وعادلة.
وأشار التقرير الذي حلل بيانات مؤشر الفقر العربي متعدد الأبعاد خلال الفترتين الزمنيتين 2011-2000 و 2023-2011، إلى أن الأردن يصنف ضمن الدول ذات الأداء الوسيط في مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد، الذي لا يقاس فقط بالدخل، بل يشمل التعليم، الصحة والخدمات الأساسية.
ووفقا للتقرير الذي ترجمته الـ"الغد"، ما تزال نسبة الفقر متعدد الأبعاد المسجلة حاليا مستقرة ومماثلة لمستوياتها في المسح السابق العام 2011، التي بلغت حينها 11.2 %، إذ يعكس هذا الاستقرار رغم كل الظروف والتحديات على مدار السنوات الماضية، تقدما بطيئا في معالجة هذا النوع من الفقر.
وهذه النسبة المحتسبة للفقر المتعدد الأبعاد تحتسب من إجمالي أعداد الفقراء "متعددي الأبعاد" وقدر تقرير سابق لمؤشر الفقر العالمي متعدد الأبعاد السنوي (MPI) 2023 عدد الأسر ذات الفقر متعدد الأبعاد في الأردن بنحو 48 ألف أسرة ، (زهاء 230 ألف أردني).
ويقيس مؤشر الفقر متعدد الأبعاد (mpi)، أوجه الحرمان المترابطة في مجال الصحة والتعليم ومستوى المعيشة، التي تؤثر بشكل مباشر في حياة الشخص ورفاهيته.
وبلغت شدة الفقر متعدد الأبعاد في الأردن استنادا إلى مسوحات العام 2023، التي تم الانتهاء من تحليلها مؤخرا، نحو 26.3 % في أوساط الفئات المصنفة بالفقر متعدد الأبعاد .
وحول أكثر الأبعاد مساهمة في مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد العربي، في الأردن أوضح التقرير أن الإنفاق على التعليم يعد المساهم الأول من ثم السكن، ويليه الإنفاق على الأصول والاحتياجات الأساسية، ثم الإنفاق على الخدمات، وأخيرا الإنفاق على الصحة.
ولفت التقرير إلى أنه رغم تمتع المملكة بشبكة واسعة من الخدمات، إلا أن التفاوت في جودتها وتوفرها بين المحافظات، ولا سيما في الأطراف، يبقي شريحة من السكان ضمن نطاق الحرمان متعدد الأوجه.
وأوضح التقرير أن التحديات الاقتصادية التي يواجهها الأردن، ليست وحدها السبب الرئيس لمشكلة الفقر في المملكة، إذ يواجه الأردن أزمة مائية متفاقمة تعد من بين الأسوأ عالميا، تساهم بشكل مباشر في مفاقمة أبعاد الفقر، ولا سيما في القطاعات الزراعية والمجتمعات الريفية. كما أن الاعتماد الكبير على الطاقة المستوردة يفاقم الضغوط المالية على الخزينة، ويحد من القدرة على توسيع الإنفاق الاجتماعي.
توصيات "الإسكوا"
أوصى تقرير الإسكوا بضرورة تبني سياسات متكاملة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد المختلفة للفقر، بما في ذلك، تعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية وتوسيع نطاق الاستهداف، ليشمل الفئات الأشد فقرا، إضافة إلى إعادة توجيه الاستثمارات نحو البنية التحتية الاجتماعية في التعليم والصحة والمياه، إلى جانب تمكين المجتمعات المحلية من المشاركة في اتخاذ القرار وتحقيق العدالة المكانية في توزيع الموارد، علاوة على ضرورة التركيز على النوع الاجتماعي وسد الفجوات في فرص العمل والتمكين الاقتصادي للنساء.