تثبيت "موديز" التصنيف الائتماني.. كيف يعزز الاستثمار الأجنبي؟
الغد-عبدالرحمن الخوالدة
في الوقت الذي أعلنت به وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني عن تثبيت التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل للأردن بالعملتين المحلية والأجنبية عند Ba3 ، شدد خبراء اقتصاديون أن ذلك يشكل عاملا إيجابياً للاقتصاد الوطني ومن شأنه أن يشجع على استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتحفيز القرار الاستثماري للمستثمرين الذين كان ينتابهم التردد من الاستثمار في الأردن.
وأكد هؤلاء الخبراء في تصريحات لـ"الغد" أن تثبيت "موديز" للتصنيف الائتماني الأردني سينعكس إيجابا على تعزيز ثبات واستقرار الاقتصادي الوطني ويرفع من مستوى الثقة به خارجيا، إضافة إلى تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وتمويل مبادراتها ومشروعاتها.
وأشار الخبراء إلى أن أهمية التصنيف تنبع من كونها تأتي في ظل ظروف اقتصادية ضاغطة عالميا وإقليما حيث تتنامى فيها حالة عدم اليقين الاقتصادي في ظل الأوضاع الجيوسياسية غير المستقرة بسبب التوتر الجيوسياسي والعسكري في غزة ولبنان.
وبغية استدامة هذا المسار الإيجابي والارتقاء بالتصنيف الائتماني للأردن إلى مستوى أفضل مستقبلا، طالب الخبراء بضرورة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وخريطة طريق تحديث القطاع العام، إضافة إلى استكمال تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والنقدي، علاوة على الاستمرار في تنفيذ إجراءات مكافحة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي.
ويضاف إلى ذلك أهمية تعزيز بيئة الأعمال والاستثمار وجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين، إضافة لتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب إصلاح سوق عمان المالي ودعمه، و تقديم الدعم للشركات العاملة في القطاع المالي.
وكانت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني كشفت عن تثبيتها التصنيف الائتماني الأردني ليبقى عند مستوى Ba3 مع نظرة مستقبلية مستقرة دون إجراء أي تغييرات على تصنيفها الأخير في شهر أيار (مايو) الماضي الذي رفعت به التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل للأردن بالعملتين المحلية والأجنبية من B1 إلى Ba3.
وأكدت الوكالة في تقرير تقييمي لها حول الأردن استمرار تمتع الأداء الاقتصادي والمالي للأردن بالمرونة، مما جعله قادرا على مواجهة التطورات الأمنية في المنطقة. وبحسب تقديرات الوكالة، فإنه من المتوقع أن تصل معدلات النمو الاقتصادي في عام 2024 إلى ما نسبته 2.4 %، قبل أن ترتفع إلى 2.7 % - 3 % خلال الأعوام 2025 - 2026.
ولفت التقرير إلى أن جميع القطاعات تقريبا في الأردن سجلت نموا خلال النصف الأول من عام 2024، إلا أن التطورات الأمنية في المنطقة أدت إلى انخفاض طفيف في الدخل السياحي خلال الأشهر التسعة من هذا العام، وكان لهذه التطورات آثار سلبية محدودة على تحصيلات الإيرادات المحلية للحكومة.
وتوقعت الوكالة أن تقوم الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من زيادة العجز الأولي للحكومة العامة ليصل إلى ما نسبته 2.4 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، ثم ينخفض إلى ما نسبته 2 % في عام 2025.
وبما يتعلق بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية، أشارت الوكالة إلى أن استمرار الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الجاري مع صندوق النقد الدولي يُعد ركيزة أساسية لضمان استدامة المالية العامة.
وتعليقا على قرار وكالة "موديز" بتثبيت تصنيفها الائتماني للأردن، قال وزير المالية عبد الحكيم الشبلي "إن إبقاء وكالة موديز على التصنيف الائتماني للأردن دون تغيير في ظل تصاعد التطورات الأمنية في المنطقة يعكس الثقة التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني لدى وكالات التصنيف الدولية وجدية الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المستوحاة من رؤية التحديث الاقتصادي وبرنامج الإصلاح الاقتصادي".
وأكد الشبلي أهمية السير في تنفيذ الإجراءات والإصلاحات التي تسهم في تعزيز معدلات النمو الاقتصادي والتخفيف من الأعباء المالية على المواطنين.
وأشار إلى أن الحكومة اتخذت مؤخرًا مجموعة من القرارات التي تهدف إلى تخفيف الأعباء المالية على المواطنين، تتمثل في الإعفاء من الغرامات المترتبة على الأشخاص الذين يستحق عليهم مبالغ مالية للحكومة، والإعفاء بنسبة
50 % من رسوم التسجيل المفروضة على الشقق السكنية عن المساحة الزائدة عن 150 مترا مربعا، والإعفاء من رسوم الاقتناء عن المركبات المنتهية تراخيصها لمدة تزيد على سنة، وكذلك إعفاء رسوم إعادة التسجيل المستحقة عليها إذا وُجدت.
بدورها، أكدت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، زينة طوقان، أن حزمة الإصلاحات الهيكلية التي نفذها الأردن خلال الأعوام السابقة ساهمت في تعزيز مناعة الاقتصاد الأردني واستقرار معدلات النمو الاقتصادي في مواجهة التطورات التي تشهدها المنطقة، بالإضافة إلى تعزيز ثقة جميع المؤسسات الدولية بالاقتصاد الوطني، بما في ذلك وكالات التصنيف الائتماني.
وقال محافظ البنك المركزي عادل الشركس "إن تثبيت التصنيف الائتماني للمملكة هو تأكيد على ثقة المؤسسات الدولية في مناعة الاقتصاد الأردني ومرونة القطاع الخارجي وصلابة القطاع المصرفي في مواجهة الصدمات الخارجية، بالرغم من تعمق الظروف الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة". مؤكداً على دور جهود الإصلاح المالي والهيكلي المكثفة التي تجريها المملكة، لا سيما عبر رؤية التحديث الاقتصادي، في تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني في مواجهة التحديات.
وقال الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة لـ"الغد: "محافظة الأردن على التصنيف الائتماني عند نظرة مستقبيلة مستقرة من قبل وكالة عالمية مرموقة وذات مصداقية مثل "موديز" تعد بمثابة شهادة على استقرار الاقتصاد الوطني وسيره على الطريق الصحيح، وبأن عملية الإصلاح الاقتصادي تسير في الاتجاه الصحيح، معتبرا أن عملية الإصلاح التدريجي التي يعيشها اقتصادنا حاليا وينتظر أن تتوسع في الفترة القادمة سيضمن بقاء الأردن في منطقة إيجابية.
وأضاف "أن أهمية التصنيف تنبع من كونها تأتي في ظل ظروف اقتصادية ضاغطة عالميا وإقليما حيث تتنامى فيها حالة عدم اليقين الاقتصادي في ظل الأوضاع الجيوسياسية غير المستقرة بسبب التوتر الجيوسياسي والعسكري في غزة ولبنان".
وأوضح المخامرة أن المحافظة على هذا التصنيف يعكس عودة الأردن للتعافي الاقتصادي وتنفيذ عدد من الخطط تبدأ بضخ السيولة الكافية بالاقتصاد، وتحفيز الاستهلاك، وتشجيع الاستثمار، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإجراء إصلاحات ضريبيّة وجمركيّة، وتعديل أو سنّ كل ما يلزم من التشريعات والقوانين والأنظمة للوصول إلى مرحلة التعافي الاقتصادي مجددا.
وأكد أن استقرار هذا التصنيف شكل عاملا إيجابياً للأردن ومن شأنه أن يتيح له الحصول على المزيد من المنح والقروض من المؤسسات المالية والدولية وغيرها من الجهات المانحة، إلى جانب تشجيعه على استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتحفيز القرار الاستثماري للمستثمرين الذين كان ينتابهم التردد من الاستثمار في الأردن.
ومن أجل المحافظة على هذا التصنيف طالب المخامرة الحكومة بالتركيز على مجموعة من التوجهات ومن أبرزها متابعة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصايد وخريطة طريق تحديث القطاع العام، إضافة إلى استكمال تنفيذ برنامج الإصلاح المالي والنقدي وتحقيق أهدافه، علاوة على الاستمرار في تنفيذ إجراءات مكافحة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي، وأخيرا تعزيز بيئة الأعمال والاستثمار وجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين.
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي زيان زوانة لـ"الغد" أن تثبيت وكالة "موديز" لتصنيف الأردن الائتماني الذي رفعته قبل أشهر إلى أعلى مستوى منذ 21 عاما وفي ظل توترات جيوساسية ضاغطة منذ نحو عام ونيف، يعكس تمتع الاقتصاد الوطني بالمنعة والصمود وقدرته ومرونته في الاستجابة لظروف القاسية على كافة المستويات.
واعتبر زوانة أن تقييم "موديز" متزن، وواقعي وعادل، وجاء في صالح الاقتصاد الأردني محليا وخارجيا نتيجة الجهود الإصلاحية التي بذلها القائمون على القطاع المصرفي في المملكة وفي مقدمتهم البنك المركزي الأردني.
وشدد زوانة، على أن الحكومة مطالبة بتوظيف هذا التصنيف لصالح الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال معالجة الملفات الداخلية الاقتصادية الملحة من ارتفاع حجم الدين العام، وكذلك ارتفاع الكلف الضريبية والتشغيلية، إلى جانب مشكلة البيروقراطية، وذلك من أجل رفع تنافسية الاقتصاد الوطني وتمكينه من استقطاب الاستثمارات.
من جانبه، قال ممثل القطاع المالي والمصرفي في غرفة تجارة الأردن فراس مروان سلطان "إن إبقاء وكالة "موديز" على التصنيف الائتماني للأردن دون تغيير، من شأنه أن يعزز ثبات واستقرار الاقتصادي الوطني ويرفع من مستوى الثقة به خارجيا، إضافة إلى فسح المجال أمام الحكومة للوصول إلى أسواق التمويل العالمية، فضلا عن رفع ثقة المستثمرين بالاقتصاد الوطني ما سينعكس إيجابا على القرار الاستثماري لديهم لدخول السوق الأردني.
وتابع "سينعكس ذلك على رؤية التحديث الاقتصادي وقدرتها على استقطاب الاستثمارات اللازمة لتمويل مبادراتها ومشروعاتها، عدا عن دعم ثبات الدينار الأردني".
ولفت سلطان إلى أن رفع وكالة "موديز" لتصنيف الائتماني للأردن مع مجموعة من الوكالات الائتمانية الأخرى قبل عدة أشهر وتثبيته من جديد، يعد نتاجا لجهد سنوات طويلة من العمل والتخطيط من المؤسسات المالية والمصرفية وفي مقدمتها البنك المركزي.
وبقصد استدامة هذا المسار الإيجابي والارتقاء بالتصنيف الائتماني للاردن إلى مستوى أفضل مستقبلا، دعا سلطان إلى أهمية تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى إصلاح سوق عمان المالي ودعمه، إلى تقديم الدعم للشركات العاملة في القطاع المالي، عدا عن تحفيز بيئة الاستثمار المحلية.