الغد-هبة العيساوي
شهدت السنوات الأخيرة، سحب عدد كبير من الأردنيات لاشتراكاتهن من المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، على شكل تعويض "الدفعة الواحدة"، سواء بسبب الزواج أو الترمّل أو الطلاق، ليصل عددهن سنويا أكثر من 10 آلاف سنويا.
وتشير بيانات "الضمان" إلى أن غالبية المنسحبات لجأن لهذا الخيار، كي يتفرغن لأسرهن، برغم منافاة ذلك مع الفكرة التي بني عليها الضمان، وهو: الحماية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي، فبانسحابهن يفقدن حقهن في الراتب التقاعدي الشهري في المستقبل، وكذلك أمن الدخل بعد بلوغ سن الشيخوخة.
كما توضح البيانات، أن عدد الأردنيات المنسحبات العام الماضي وصل لـ10079، إذ انهين خدماتهن وتقدمن بطلب للحصول على تعويض الدفعة الواحدة، تحت أسباب مثل: الزواج أو الطلاق أو الترمل، وكانت نسبة من انسحبن بسبب الزواج هي الأكبر.
ووفقا لنظام "المنافع التأمينية" في الضمان، فـ"الأردنية المتزوجة، المؤمن عليها، تستحق الحصول على تعويض الدفعة الواحدة، عند انتهاء خدمتها، بشرط مرور 18 شهرا على انتهاء خدمتها".
وفي هذا النطاق، رأى خبراء في الحماية الاجتماعية، أن السياسات التشريعية لمؤسسة الضمان، تشجع على هذا التوجه، ما يتطلب مراجعة هذه السياسات، وإطلاق حملات توعوية تشجع على الادخار التقاعدي، لضمان تمتع النساء بحقوقهن التأمينية كاملة.
استثناء على الأصل العام
الناطق الإعلامي باسم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، شامان المجالي، بين أن "تعويض الدفعة الواحدة، يُعد استثناءً على الأصل العام، فالمشرّع يهدف في الأساس إلى تمكين جميع المؤمن عليهم من الحصول على رواتب تقاعدية وليس على تعويضات".
وأضاف المجالي، أن بعض السيدات عند زواجهن يرغبن بالتفرغ لشؤون الأسرة وتربية الأطفال، مشيراً إلى أن الظروف، تختلف من حالة لأخرى، فـ"قد يكون الزوج ميسور الحال، أو لا مجال أمام الزوجة سوى البقاء في المنزل"، لذلك أتاحت المؤسسة فرصة صرف تعويض الدفعة الواحدة لهن.
وأضاف "وضعنا شرطاً في نظام المنافع التأمينية، ينص على أنه لا يحق للمؤمن عليها صرف تعويض الدفعة الواحدة إلا بعد مضي 18 شهراً من تاريخ إيقاف اشتراكها وإنهاء خدماتها، بعدما كان بالإمكان سابقاً تقديم الطلب فور التوقف عن العمل".
خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي، قال بين "أن الغالبية العظمى ممن سحبن اشتراكاتهن من الضمان، سحبنها بسبب الزواج والتفرّغ لشؤون الأسرة، إذ أجاز نظام المنافع التأمينية الصادر بموجب قانون الضمان للمؤمّن عليها الأردنية المتزوجة التي تنتهي خدمتها، الحصول على تعويض الدفعة الواحدة عن كامل اشتراكاتها بالضمان، شريطة مرور 18 شهرًا من تاريخ انتهاء خدمتها".
وبين أن "النظام أجاز للمؤمّن عليها الأردنية الأرملة أو المطلقة التي تنتهي خدمتها، التقدّم للمؤسسة للحصول على تعويض الدفعة الواحدة عن اشتراكاتها".
وقال الصبيحي، "كوني أتابع هذه الظاهرة سنويًا، فلا يكاد العدد يقل عن 10 آلاف مؤمّن عليها، يلجأن إلى خيار سحب اشتراكاتهن سنويًا على شكل تعويض دفعة واحدة، ما يتنافى مع مبدأ وأهداف الحماية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي للمرأة، الذين لا يتحققا إلا بالوصول إلى أمن الدخل، أي الراتب التقاعدي الدائم".
وأشار إلى أن المطلوب لوضع حد للانسحابات "نحتاج إلى حملات توعية مكثّفة بهذا الأمر، لتقليل أعداد المؤمّن عليهن اللواتي يلجأن إلى خيار سحب الاشتراكات، ولتُدخّر اشتراكاتهن وتزداد بما يؤهلهن لاستحقاق راتب التقاعد مستقبلاً".
الانسحاب ينافي الحماية الاجتماعية
بدوره قال رئيس بيت العمال، حمادة أبو نجمة، إن تشريعات الضمان وإجراءاتها، تلعب دورًا رئيسا بتشجيع المستفيدين على التقدم للحصول على تعويض الدفعة الواحدة، ما يتنافى تمامًا مع الهدف الأساسي من وجود الضمان ومنظومة الحماية الاجتماعية، المتمثل بتوفير حماية مالية للمتقاعدين عند بلوغهم سن الشيخوخة.
وأضاف أبو نجمة، أن العامل الذي يلجأ لسحب التعويض، يفقده الحمايات الاجتماعية كافة، ويبقى بعد التقاعد دون أي ضمان مالي، سواء براتب تقاعدي أو أي بديل مشابه. لافتا إلى أن الفئة الغالبة التي تتوجه لتعويض الدفعة الواحدة هي النساء بنسبة تقارب الـ70% من المشتركات.
وأشار إلى أن السبب في ذلك، مرده سياسات الضمان الاجتماعي، المعزولة عن بقية السياسات الاجتماعية، إذ يجري التعامل مع المؤسسة وكأنها جهة مالية تركز على الربح والخسارة كأولوية، مؤكدا أن سحب تعويض الدفعة الواحدة، مكسب كبير للمؤسسة، لكن يترتب عليه خسارة جسيمة للمشترك، إذ يفقد الجزء الأكبر من حقوقه التأمينية والتقاعدية.