"الألواح الشمسية" بسد الملك طلال.. هل تقود ثورة جديدة بأمن الطاقة والمياه؟
الغد- إيمان الفارس
في خطوة رائدة نحو تبني حلول مبتكرة ومستدامة ورائدة بمجال الطاقة المتجددة، أنجزت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" في الأردن، وبالشراكة مع سلطة وادي الأردن، تركيب أول نظام للطاقة الشمسية العائمة فوق مياه سد الملك طلال، وذلك ضمن مشروع تجريبي يستهدف تقييم فعالية هذا النوع من الأنظمة، لا سيما عند دمجها بتقنيات التبريد النشط.
ويعد المشروع بداية لمسار جديد يعتمد على دمج الطاقة المتجددة بالحفاظ على الموارد المائية، ما يشكّل نموذجا متقدما يمكن تعميمه لاحقا على نطاق أوسع.
ومن المتوقع أن تتيح البيانات والقراءات المستخلصة من هذا النموذج التجريبي الفرصة لوضع أسس علمية وتطبيقية لتكرار التجربة في مواقع أخرى.
ويستهدف المشروع بشكل أساسي؛ اختبار فعالية هذا النوع من الأنظمة عندما يتم دمجها مع نظام تبريد، إذ إنه عبر القراءات والبيانات التي سيوفّرها هذا النموذج التجريبي، ستبنى الأسس لتوسيع التجربة مستقبلا وتطوير مشاريع مشابهة على نطاق أوسع.
وعلى المستوى العالمي، تتجه الأنظار بشكل متزايد نحو أنظمة الألواح الشمسية العائمة بوصفها حلا واعدا يسهم في تحقيق الأمن المائي والطاقة معا، بخاصة في ظل تزايد الضغط على الموارد الطبيعية وتنامي الحاجة إلى بدائل نظيفة وفعالة.
وتبرز هذه الأنظمة كخيار إستراتيجي في البيئات التي تعاني من محدودية الأراضي أو شح المياه.
وفي هذا السياق، قدّمت منظمة "الفاو" مقترحا مبتكرا تحت عنوان "خفض التكاليف وتعزيز كفاءة أنظمة الطاقة الشمسية العائمة"، والذي تم اختياره ضمن أفضل 15 مشروعا في معسكر الابتكار الدولي "ELEVATE 2025"، الذي نُظم في مقر "الفاو" في العاصمة الإيطالية روما، خلال نيسان (أبريل) الماضي.
خطوة ريادية
بدورها، أكدت مديرة مشروع خفض التكاليف وتعزيز كفاءة أنظمة الطاقة الشمسية العائمة ميسون الزعبي، في تصريحات لـ "الغد"، أن النموذج التجريبي الذي تم تركيبه مؤخرا في سد الملك طلال بالتعاون مع سلطة وادي الأردن، يعد خطوة ريادية في هذا المجال.
وتابعت: سيتم تحليل النتائج ومشاركتها مع مقر "الفاو" وجهات تمويل دولية، لتوسيع نطاق المشروع وتعزيز فرص استثماره في مناطق أوسع داخل الأردن وخارجه.
كما شددت على أهمية المشروع، لا سيما وأن أنظمة الألواح الشمسية العائمة تمثل توجها عالميا متصاعدا لإحداث تحول جذري في قطاع الطاقة المتجددة.
وأرجعت أهمية انعكاس ذلك في توفير فرص لتعزيز أمن الطاقة والمياه في آن واحد، خاصة عبر استغلال المسطحات المائية والمواقع الصناعية غير المستخدمة، ما يسهم في تسريع النمو والتنمية المستدامة.
وأشارت إلى أن هذه الأنظمة باتت تحظى باهتمام متزايد عالميا، ليس فقط لقدرتها على إنتاج الكهرباء النظيفة، بل لدورها المحوري بتقليل تبخر المياه والحفاظ على منسوبها، وهو ما يجعلها حلا مزدوج الفائدة في البيئات التي تعاني من شح الموارد المائية.
وقالت إن المفهوم التقني لتلك الأنظمة بسيط وفعّال؛ إذ يتم تثبيت الألواح الشمسية على عوامات لتطفو على سطح الماء، مما يلغي الحاجة لاستخدام الأراضي الصالحة للزراعة أو البناء، ويوفّر في الوقت ذاته بنية تحتية للطاقة يمكن دمجها ضمن أنظمة الزراعة أو التطوير العمراني.
وأضافت الزعبي أن قرب الألواح العائمة من سطح الماء؛ يمنحها ميزة إضافية تتمثل في الاستفادة من رطوبة البيئة المائية المحيطة، ما يسهم في رفع كفاءتها الإنتاجية مقارنة بالألواح التقليدية المثبتة على الأرض، والتي تتراجع كفاءتها بشكل ملحوظ عند ارتفاع درجات الحرارة.
كما أوضحت أن من أهم مزايا هذا النظام أيضا كونه محكم الإغلاق، الأمر الذي يقلل من معدل تبخر المياه إلى مستويات شبه معدومة، وهو ما يشكّل حلاً بيئيًا واعدًا للدول التي تواجه تحديات متكررة في الجفاف ونقص المياه.
وبينت الزعبي أن هذه الأنظمة تمثل فرصة ذهبية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة من جهة، ولحماية الموارد البيئية من جهة أخرى، عبر تسخير المسطحات المائية غير المستغلة، ورفع كفاءة إنتاج الطاقة، وتقليل الانبعاثات الضارة، ما يدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي والدولي.
وفي السياق ذاته، كشفت الزعبي أن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، وحرصا منها على دعم الأردن بتقنيات مبتكرة ومستدامة، قدّمت مقترحا بعنوان "خفض التكاليف وتعزيز كفاءة أنظمة الطاقة الشمسية العائمة"، بالتعاون بين المكتب الرئيسي للمنظمة ومكتبها في الأردن، مشيرة إلى أن هذا المقترح تم اختياره من بين أفضل 15 مشروعا عالميا ضمن معسكر الابتكار "ELEVATE 2025" الذي استضافته روما في نيسان (أبريل) الماضي.
وأشارت لأن جوهر المشروع يتمثل في تصميم نظام طاقة شمسية كهروضوئية عائم، مدمج بنظام تبريد نشط، قادر على الحفاظ على المياه وزيادة وفرتها، خصوصا في المناخات الحارة والجافة وشبه الجافة، مؤكدة أن هذا النظام لا يخدم فقط أهداف الأمن الغذائي، بل يمتد أثره إلى مجالات التنمية الاقتصادية، وتحديدا دعم المجتمعات الريفية، ومزارع الأحياء المائية، ومحطات تحلية المياه.
وأكدت الزعبي، أن الفئات المستهدفة من هذا المشروع تشمل المناطق الريفية، والمرافق الحيوية التي تعتمد على الطاقة والمياه في بيئات تعاني من الإشعاع الشمسي العالي والموارد الشحيحة، وخاصة في مناطق الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، حيث تتفاقم تأثيرات التغير المناخي على المياه والطاقة والزراعة.