الكرك.. هل يوقف "قرار الدعم المالي" خسائر مزارعي البندورة؟
الغد
الكرك - يأمل مزارعون في الأغوار الجنوبية ومختلف مناطق محافظة الكرك، أن يشكل قرار الحكومة الأخير، المتمثل في استيعاب فائض الإنتاج لمادة البندورة، بتقديم الدعم المالي لهم عن كل طن يقدم إلى مصانع إنتاج رب البندورة، خطوة لوقف الخسائر المالية الكبيرة التي يعانون منها منذ سنوات.
وخلال السنوات الأخيرة، يتعرض مزارعو الأغوار الجنوبية، ومثلهم بقية المزارعين في المملكة، لخسائر مالية كبيرة، خصوصا مزارعي محصول البندورة، وهو المحصول الأكثر زراعة وإنتاجا في منطقة الأغوار الجنوبية، بسبب تردي أسعار المنتجات الزراعية، وتحديدا محصول البندورة، نتيجة الفائض الكبير في الإنتاج وضعف التسويق داخليا وخارجيا، مع توقف التصدير إلى دول الجوار بسبب الظروف الإقليمية.
ويشكو مزارعون في مختلف مناطق الأغوار الجنوبية من تردي أوضاعهم بسبب ما وصفوه بسنوات من التراجع في أسعار المنتجات الزراعية، إضافة إلى الإجراءات الحكومية في مجالات العمالة والضمان الاجتماعي والتسويق وغيرها من الإجراءات التي قالوا إنها تسهم في زيادة خسائر القطاع الزراعي.
وما تزال خسائر المزارعين في الأغوار الجنوبية مستمرة منذ سنوات، بسبب تدني أسعار الخضار والفواكه، خصوصا أسعار المنتج الأكثر انتشارا، وهو البندورة، إضافة إلى تراجع أسعار البصل الذي انتشرت زراعته خلال السنوات الأخيرة.
وكانت أسعار الخضار والفواكه المنتجة في الأغوار الجنوبية قد هوت بشكل كبير بعد فترة قليلة من بداية الموسم، ووصلت لمستويات متدنية، وفي الوقت الذي يعد فيه سعر بيع صندوق البندورة معيارا لجودة الموسم، انخفضت أسعار بيع الخضار في الفترة الحالية لمستويات متدنية، إذ تزيد كلف جمع المحصول وتوريده إلى الأسواق المركزية على ثمن بيعه في السوق، ما تسبب بخسائر فادحة.
استيعاب فائض الإنتاج
ووصل سعر بيع صندوق البندورة الذي يزن تقريبا 9 كغم إلى نصف دينار، وبلغ سعر كيس الباذنجان نصف دينار، وكيلو البصل يباع بحوالي 10 قروش، وصندوق الكوسا بدينار، وغيرها من أصناف الخضار والفواكه الأخرى التي تحتاجها الأسر تباع بأسعار متدنية جدا.
ويؤكد مزارعون أن قرار الحكومة في تقديم الدعم المالي لمزارعي البندورة سوف يسهم في استيعاب فائض الإنتاج وبكميات كبيرة، والتي سوف يتم توريدها إلى مصانع البندورة في مختلف مناطق المملكة، إضافة إلى زيادة المساحات التي تزرع بالبندورة والتي تقلصت خلال السنوات الأخيرة بسبب ضعف الأسعار.
وكانت وزارة الزراعة قد أعلنت، قبل أيام، أن مجلس الوزراء وافق على تخصيص دعم مالي لاستيعاب فائض الإنتاج من البندورة ولتصنيع رب البندورة، وذلك في إطار جهود الوزارة لحماية القطاع الزراعي وتعزيز الصناعات الغذائية الوطنية.
وأكدت الوزارة، في بيان، أنها ستعمل على تحديد قيمة الدعم الذي سيتم دفعه مقابل كل طن من البندورة يتم توريده إلى المصانع المحلية، مشيرة إلى أن هذا الدعم سيصرف بشكل مباشر بهدف تشجيع المصانع على شراء كميات أكبر من الإنتاج المحلي.
وأوضحت الوزارة أن هذه الخطوة تأتي استجابة لتحديات موسمية يواجهها مزارعو البندورة، خصوصا في فترات وفرة الإنتاج التي تؤدي إلى انخفاض الأسعار وتكبد المزارعين خسائر كبيرة، مشددة على أن دعم التصنيع المحلي للبندورة سيسهم في امتصاص الفائض من الإنتاج وتوفير منفذ تسويقي مستدام للمزارعين، مما ينعكس إيجابا على استقرار دخلهم واستمرارية زراعتهم.
كما أشارت الوزارة إلى أن هذا القرار ينسجم مع توجهات الحكومة في تعزيز منظومة الأمن الغذائي الوطني، التي باتت تعد من النماذج الرائدة على مستوى الإقليم، لما تتضمنه من سياسات تكاملية تشمل دعم الإنتاج، تحسين سلاسل القيمة وتشجيع التصنيع الغذائي المحلي.
واختتمت وزارة الزراعة بيانها، بالتأكيد أنها ستعمل، خلال الأيام المقبلة، على تحديد آلية الصرف وقيمة الدعم المناسبة بالتنسيق مع الجهات المعنية، بما يضمن تحقيق الأثر المطلوب بأعلى درجات الشفافية والعدالة.
ضعف التسويق وتراكم المحاصيل
وبحسب المزارع حسام الرواشدة، فإنه يأمل أن يشكل القرار إضافة نوعية في وقف خسائر المزارعين بالأغوار الجنوبية الذين يتعرضون، منذ سنوات طويلة، لخسائر كبيرة بسبب ضعف التسويق وتراكم فائض كبير بالمحصول، وخصوصا البندورة.
وأضاف الرواشدة أن أوضاع المزارعين بالأغوار الجنوبية صعبة جدا بسبب تراجع أسعار مختلف أصناف الخضار المنتجة بالمنطقة، مشيرا إلى أنه يأمل أن يشكل قرار الحكومة الأخير وقفا للخسائر المستمرة منذ سنوات طويلة، معتبرا أن دعم كل طن يتم توريده لمصانع رب البندورة هو مساهمة في صمود المزارعين في مواقع الإنتاج.
وقال نائب رئيس اتحاد المزارعين بمحافظة الكرك المهندس سعد الحجران "إن القرار الحكومي الأخير يمكن أن يمثل الخطوة الأولى نحو وقف مسلسل الخسائر المالية الكبيرة التي يتعرض لها المزارعون في الأغوار ومختلف مناطق المملكة"، مشيرا إلى أن تعويض المزارعين بجزء من كلفة الإنتاج وفتح أسواق لاستيعاب الإنتاج الكبير في محصول البندورة، وهو المنتج الأكثر زراعة في الأغوار الجنوبية، يعد قرارا حكيما في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المزارعون.
وبين الحجران أن القرار يعد جيدا بكل الأحوال، لافتا إلى أن "هناك أهمية لزيادة الطاقة الاستيعابية للمصنع الوحيد لإنتاج رب البندورة، بسبب تراكم كميات كبيرة على مداخل المصنع وتلف بعض الإنتاج، ما يدخلنا في الدوامة نفسها".
وكانت وزارة الزراعة أعلنت، نهاية العام الماضي، أن مجلس الوزراء قرر دعم صادرات وتصنيع البندورة، معللة ذلك بأنه جاء في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج على المزارعين وانخفاض أسعار محصول البندورة وتكبد المزارعين خسائر كبيرة. فقد قرر مجلس الوزراء، حينها، الموافقة على تنسيب وزير الزراعة بدعم صادرات البندورة بواقع 50 دينارا للطن المعد للتصدير، و50 دينارا لمصانع البندورة عن كل طن تصنيع، بدعم إجمالي يقدر بمليون دينار من مخصصات صندوق المخاطر ويستهدف 20 ألف طن من محصول البندورة.
وأضافت الوزارة أن هذا القرار يأتي لدعم صمود المزارع وتقليل الخسائر التي يتكبدها المزارعون وزيادة فرص التصدير، بالإضافة إلى زيادة معدلات التصنيع، نظرا لأهمية محصول البندورة كمحصول تصديري رئيسي، وتخوفا من عزوف المزارعين عن زراعته.
وأشارت إلى أن الحكومة، ومن خلال الوزارة، مستمرة في دراسة واقع القطاع الزراعي بشكل دائم، بما يضمن دعم المزارعين في ظل المتغيرات الإقليمية والاختناقات التسويقية والأزمات الممتدة، حيث إن موافقة مجلس الوزراء تؤكد الاهتمام بالقطاع الزراعي باعتباره ركيزة للأمن الغذائي والصادرات والدخل في المحافظات والأطراف.
وتشهد منطقة الأغوار الجنوبية، كل موسم، قيام عشرات المزارعين بإتلاف كميات كبيرة من محصول البندورة في البساتين أو الشوارع لتراجع أسعارها، لمستويات يصبح فيها جني المحصول أكثر كلفة من سعر صندوق البندورة.