أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    16-Aug-2025

ما أهمية تسريع التحول الرقمي بقطاعي الصحة والتعليم؟

 الغد-إبراهيم المبيضين

 أكد خبراء ومتخصصون في شؤون التحول الرقمي والبيانات والتقنية، أن تركيز الحكومة على تسريع عملية التحول الرقمي في قطاعي الصحة والتعليم، وبتوجيه وإشراف المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل، هو على قدر كبير من الأهمية، للارتباط الوثيق ومساس هذين القطاعين وخدماتهما بالمواطن وحياته اليومية.
 
 
وقال الخبراء إن اختيار قطاعي الصحة والتعليم كأولوية قصوى للتحول الرقمي في الأردن هو قرار استراتيجي مدروس، يرتكز على فهم عميق لدورهما المحوري في بناء رأس المال البشري وتحقيق التنمية المستدامة.  وأشاروا إلى أن التحول الرقمي لقطاع الصحة يضمن تقديم رعاية صحية عالية الجودة، ويسهل الوصول إليها، ويقلل من الأعباء المالية على الأفراد والدولة، وهذا التوجه يتماشى مع الأهداف العالمية للصحة الرقمية التي تركز على نظام صحي يتمحور حول الشخص ويسهل تقديم رعاية آمنة وعادلة.
وبخصوص قطاع التعليم، قال الخبراء إن رقمنته مفتاح التقدم والابتكار من خلال إعداد جيل مزود بالمهارات الرقمية اللازمة لسوق العمل المستقبلي، وتعزيز قدرته على التعلم المستمر، مما يدعم "رؤية التحديث الاقتصادي".
لكن الخبراء بينوا أنه، ورغم مضي الحكومة في عملية التحول الرقمي لكلا القطاعين، إلا أن ثمة تحديات يمكن أن تواجهها، منها خصوصية البيانات والاستعداد القانوني، الحاجة لسرعات إنترنت عالية (ألياف ضوئية) وربط مؤسسات حكومية بطريقة آمنة وفعالة، وتحدي نقص المهارات الرقمية، فضلا عن تحدي التكلفة العالية للمشاريع الضخمة الذي تتطلب استدامته عبر التمويل المتجدد والجودة، فضلا عن تحدي مقاومة التنظيمية والثقافية: بعض المؤسسات أو الأفراد قد يترددون في التغيير، وبحاجة إلى قيادة تغيير واضحة وثقافة مؤسسية داعمة.
وفي خطوة مهمة في هذا الاتجاه، افتتح سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، نهاية الشهر الماضي، مركز الصحة الرقمية الأردني في لواء قصبة السلط، الذي أنشئ في إطار جهود المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل، بهدف رفع مستوى الخدمات الطبية المقدمة؛ حيث يضم المركز وحدات رقمية لغسيل الكلى والأشعة والعناية الحثيثة وخدمات الطبابة عن بعد، ويسعى إلى توفير الجهد والوقت على المراجعين، ويسد الفجوة في التخصصات الطبية النادرة.
وزير الاقتصاد الرقمي والريادة المهندس سامي سميرات، كان أكد، في مقابلة مع "الغد"، أن الحكومة تعمل بجد على حزمة من المشاريع الحيوية الرقمية التي من شأنها أن تحسن الاقتصاد وتسرع من التحول في الاقتصاد الرقمي بقيادة وإشراف المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل، كما أعلن عن البدء بتنفيذ مشروعين حيويين رقميين للقطاعين الصحي والتعليمي.
وقال الوزير، إن العمل جار على مشاريع عدة تهدف إلى رقمنة القطاع الصحي وتطوير خدماته ومنصة تخدم القطاع التعليمي بكل أطرافه، فضلا عن مشاريع أخرى سيجري الإعلان عنها لاحقا. 
قطاعات تمس حياة المواطن
وقال خبير إستراتيجيات الذكاء الاصطناعي والميتافيرس رامي الدماطي "إن تركيز الحكومة اليوم لتسريع عملية التحول الرقمي في قطاعات الصحة والتعليم هو توجه يعكس وعيا استراتيجيا بأهمية رقمنة الخدمات الأساسية التي تمس حياة المواطن اليومية بشكل مباشر". 
وأكد الدماطي أن التركيز على هذين القطاعين يأتي ضمن اهتمامات المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل واستراتيجية التحول الرقمي (2021‑2025) ورؤية التحديث الاقتصادي 2023‑2025، التي تنظر الى قطاعي الصحة والتعليم كأولويتين لتعزيز كفاءة الخدمات وتحقيق التنمية البشرية والإنتاجية الوطنية.
وأوضح أن الهدف دائما من أي عملية تحول رقمي هو تسهيل حياة المواطن ورفع كفاءة وسرعة تقديم الخدمة وتوفير الجهد، وهو ما تحتاجه قطاعات، مثل التعليم، الذي يتشابك مع شريحة في مجتمعنا ستشكل المستقبل، والصحة الذي يتشابك مع كل أفراد المجتمع ممن يحتاجون إلى خدمة الرعاية الصحية بأفضل الأحوال.
أهمية التحول بالتعليم والصحة
وفي شرح مفصل، قال الدماطي "إن أهمية التحول الرقمي في قطاع التعليم تتمثل في العديد من النقاط، من أهمها ضمان استمرارية التعليم من خلال توفير منصات رقمية تقدم محتوى تعليميا حسب المنهاج الأردني وتستخدم أثناء التباعد الاجتماعي وتصل إلى مختلف المناطق".
وأضاف "أن التحول الرقمي يسهم، أيضا، في تطوير مهارات المستقبل من خلال إدراج مهارات رقمية وذكاء اصطناعي في مناهج الصفوف الأساسية، وتعزيز البحوث والابتكار من خلال دعم البحث العلمي في الذكاء الاصطناعي وربطه بالمجتمع الأكاديمي وريادة الأعمال بهدف إنتاج تطبيقات محلية".
وبالنسبة لقطاع الصحة، قال البطش "إن أهمية التحول الرقمي تتمثل في تحسين جودة الرعاية والوصول إليها، مثل تطوير منصة تبادل البيانات الصحية، وإيجاد مستشفى افتراضي بشكل خدمات عن بعد، ونظام فوترة إلكترونية في مستشفيات وزارة الصحة، فضلا عن إمكانيات الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والتحليلات الضخمة من خلال تحليل البيانات الضخمة وتحسين اتخاذ القرار الطبي وتخطيط الموارد".
ولفت إلى أهمية التحول الرقمي في الصحة لرفع الكفاءة وتقليل التكاليف من خلال مشاريع تبني تقييم النضج الرقمي وبناء خريطة طريق للتحول، بهدف تقليص الازدواجية وتحسين التخطيط وتوحيد السجلات الحكومية.
التحديات المتوقعة
أما عن أبرز التحديات التي يمكن أن تواجه التحول الرقمي في الصحة والتعليم، فقال الدماطي إن أبرزها يتمثل في خصوصية البيانات والاستعداد القانوني، مع الحاجة إلى التشريعات لتغطية تطبيقات الذكاء الاصطناعي الصحية والتعليمية بشكل فعال.
وأشار إلى أن البنية التحتية الرقمية غير متكاملة بالكامل مع الحاجة لسرعات إنترنت عالية (ألياف ضوئية) وربط مؤسسات حكومية بطريقة آمنة وفعالة، فضلا عن تحدي نقص المهارات الرقمية وضرورة تدريب المعلمين والعاملين في الصحة على الأدوات الرقمية وإدارة البيانات. 
أبرز التطبيقات
وقدم الخبير في مجال التقنية والبيانات الدكتور حمزة العكاليك مجموعة من التطبيقات والخدمات الرقمية التي يمكن أن تخدم عملية التحول الرقمي في القطاع الصحي، ومنها: السجلات الصحية الإلكترونية، وتعد أداة وخدمة استراتيجية أساسية لتخزين ومشاركة البيانات الطبية للمرضى بشكل آمن، ما يحسن دقة التشخيص والعلاج ويقلل الأخطاء الطبية ويحسن التنسيق بين مقدمي الرعاية الصحية.
وأكد العكاليك أن من أبرز تطبيقات رقمنة الصحة؛ خدمة الرعاية الصحية عن بعد التي تمكن المواطنين من الوصول إلى الخدمة الصحية، وخاصة في المناطق النائية، وهي تمكن المرضى من الحصول على استشارات ووصفات طبية عن بعد.
وأشار، أيضا، إلى خدمة المختبرات الذكية والأجهزة الطبية المتصلة التي تسرع التشخيصات الطبية وتوفر مراقبة مستمرة للمقاييس الصحية، ما يعزز الشفافية والكفاءة، وخدمة التشخيص المدعوم بالذكاء الاصطناعي؛ حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات والصور الطبية والتنبؤ بتطور الأمراض، وتقديم تشخيصات دقيقة لأمراض، مثل القلب والأوعية الدموية.
وقال إن من التطبيقات المقترحة؛ الجراحة الروبوتية التي تعزز الدقة والتحكم أثناء العمليات الجراحية، وتقلل وقت التعافي ومخاطر العدوى، ومساعدو الصحة الافتراضيون وروبوتات الدردشة، وخدمة أتمتة العمليات الإدارية، ومنصات تبادل البيانات الصحية.
وعن أبرز التطبيقات الذكية المقترحة لرقمنة قطاع التعليم، قال العكاليك إنها تشمل الفصول الافتراضية التي تتيح إدارة فعالة للمقررات والمحتوى، وتوفر بيئة تعليمية رقمية متكاملة للطلاب والأساتذة، وتدعم التفاعل في الوقت الفعلي.
وأشار إلى تطبيقات لها علاقة بالتعلم الشخصي المدعوم بالذكاء الاصطناعي الذي يحلل أساليب التعلم المفضلة لدى كل طالب ونقاط قوته وضعفه، ثم يقدم محتوى تعليميا ومسارات تعلم تتكيف مع وتيرته واحتياجاته الفردية، وتطبيقات إنشاء المحتوى الذكي. 
وقال إنه يمكن تعزيز التحول الرقمي في قطاع التعليم من خلال تطبيقات الأتمتة للمهام الإدارية والتقييم، مثل تصحيح الاختبارات، وتقديم الملاحظات الفورية، وتتبع تقدم الطلاب، مما يتيح للمعلمين التركيز على الجوانب التربوية والإبداعية، وتطبيقات مساعدي التدريس الافتراضيين؛ حيث تعمل روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي كمساعد شخصي للطلاب، تقدم إجابات عن أسئلتهم على مدار الساعة، وتوفر إرشادات إضافية، مما يعزز التعلم الذاتي. 
وأكد أهمية تطبيقات، مثل تحليلات التعلم التنبؤية، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل بيانات أداء الطلاب للتنبؤ بالطلاب المعرضين لخطر التعثر الدراسي، مما يسمح بالتدخل المبكر وتقديم الدعم اللازم لمنع التسرب، فضلا عن أهمية تطوير منهاج المهارات الرقمية.
متطلبات لإنجاح التحول 
من جانبه، أكد الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي وريادة الأعمال المهندس هاني البطش "أن نجاح التحول الرقمي في الصحة والتعليم يتطلب مقاربة شاملة تتضمن تطوير البنية التحتية، تدريب الكوادر وإشراك القطاع الخاص".
وقال "الأهم أن يكون التحول موجها لخدمة المواطن وتحسين جودة حياته، وليس مجرد رقمنة شكلية للخدمات".
وأضاف أن قطاعي الصحة والتعليم هما العمود الفقري لأي دولة تسعى لتحقيق تنمية بشرية مستدامة واقتصاد معرفي، وبالتالي، فإن رقمنة هذين القطاعين تخلق تأثيرا مضاعفا على النمو، الكفاءة، والعدالة الاجتماعية. وبين أن التحول الرقمي في قطاع الصحة من شأنه تحسين الكفاءة التشغيلية للمستشفيات والمراكز الصحية، وتسريع الوصول للخدمات الطبية وتخفيف الضغط على الكوادر، وتعزيز الوقاية والتشخيص المبكر عبر تحليل البيانات الصحية، فيما تعمل عملية التحول الرقمي في التعليم على تعزيز الوصول إلى التعليم في المناطق النائية، وتقديم تجارب تعلم شخصية مدعومة بتحليلات أداء الطلبة، وتطوير مهارات رقمية ضرورية لمستقبل سوق العمل.