عام على إطلاق الخطة الإستراتيجية للعقبة.. تحول مهم بمنهجية عمل السلطة
الغد- أحمد الرواشدة
العقبة- مر عام كامل على إطلاق الخطة الإستراتيجية لسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة للأعوام 2024–2028 والتي جاءت بمثابة اختبار حقيقي لقدرة السلطة على ترجمة رؤية طموحة لجلالة الملك وولي العهد، إلى إنجازات ملموسة تعكس أثرها على المجتمع المحلي، وتضع العقبة في صدارة المدن الاقتصادية والسياحية في المنطقة.
وشكلت الخطة الإستراتيجية الحالية تحولا مهما في منهجية العمل لدى سلطة منطقة العقبة والشركات والمؤسسات التابعة لها، إذ ركزت على سبعة محاور رئيسية تشكل الأساس لعمليات التنمية، وهي السياحة، الاستثمار، النمو المستدام، المدينة الذكية، تطوير المهارات، تنمية المجتمع المحلي والرياضة، والابتكار والتطوير المؤسسي.
وفي لقاء موسع، استعرضت السلطة التقدم المحقق في العام الأول، وأبرزت المشاريع التي تم إطلاقها، بالإضافة إلى التحديات التي واجهت التنفيذ، مع تقييم شامل للأثر الاقتصادي والاجتماعي، إذ كان التحدي بعد جردة حساب للعام الأول هو ضمان تنفيذ المشاريع بشكل متكامل ومتوازن بين كافة المحاور، مع بناء أنظمة متابعة دقيقة تضمن سرعة الإنجاز وفعالية التنفيذ، إلى جانب تحديث بعض بنود الخطة وإضافة مشاريع جديدة جاء بناء على تقييم مستمر للاحتياجات المجتمعية والفرص الاقتصادية، بما يعكس مرونة الإدارة وحرصها على التكيف مع التغيرات المحلية والإقليمية.
وأكد عدد من الحضور، أن المرحلة المقبلة تتطلب تكثيف العمل على المحاور الإستراتيجية السبعة، مع التركيز على استكمال المشاريع القائمة وإطلاق مشاريع نوعية جديدة في السياحة، البنية التحتية، الرقمنة، وتطوير المهارات بالإضافة إلى تعزيز المشاركة المجتمعية والتواصل مع المواطنين لضمان توافق المشاريع مع احتياجات السكان والزوار وبناء شراكات مستدامة مع القطاع الخاص والمؤسسات الدولية لضمان التمويل، الجودة، والاستدامة.
مركز المعارض الدولي
وبحسب رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة شادي رمزي المجالي، فإن العام الأول حقق إنجازات واضحة في المجال السياحي، أبرزها افتتاح مركز المعارض الدولي الذي أصبح جاهزا لاستقبال الفعاليات المحلية والدولية، وحقق حضورا لافتا في أولى فعالياته، ما ساهم في تعزيز مكانة العقبة كوجهة رئيسة للمعارض والأنشطة الثقافية وأصبح منصة لتعزيز التفاعل بين المستثمرين والسياح والمجتمع المحلي، مع إمكانية استضافة فعاليات تعليمية وثقافية.
وأكد المجالي، أن المشاريع الأخرى ما تزال قيد الإنجاز، ومن أبرزها متحف الطائرات التراثي ومضمار السباق، اللذان يمثلان جزءا من إستراتيجية تنويع المنتج السياحي، وخلق تجارب مختلفة للزوار، ما يعزز من البنية التحتية الثقافية والترفيهية للمدينة، مشيرا إلى أن تنويع المنتج السياحي من خلال هذه المشاريع النوعية يزيد من قدرة العقبة على المنافسة مع المدن الإقليمية والدولية، ويساهم في زيادة معدل الإشغال السياحي ورفع العوائد الاقتصادية.
وفي محور الاستثمار والنمو المستدام، ركزت السلطة على إطلاق برامج ومبادرات تهدف إلى دعم بيئة استثمارية محفزة، وتسهيل إجراءات الاعمال، وربط المشاريع بالمستثمرين المحليين والدوليين.
وأوضح مدير وحدة متابعة الانجاز في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة الدكتور مراد بواب، أن تحديث بنود الخطة جاء استجابة للتغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية، بما يضمن مرونة العقبة في مواجهة المتغيرات، وتحقيق الاستفادة القصوى من الفرص المتاحة، مشيرا إلى أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب العمل على محورين أساسيين، الأول يتعلق بالاستثمار، والثاني بالبيئة الاجتماعية، لضمان أن يكون النمو شاملا ويشمل كافة فئات المجتمع المحلي.
ولفت بواب إلى "أن محور المدينة الذكية والتحول الرقمي فقد أطلقت السلطة مجموعة من المبادرات لتحسين البنية التحتية الرقمية وتطبيق نظم إدارة متقدمة للمشاريع، بما يعزز الشفافية ويتيح للمجتمع المحلي متابعة الإنجاز بشكل مباشر وأصبحنا قادرين على متابعة المشاريع بشكل يومي، ومعرفة حجم الانجاز والتقدم في كل قطاع".
وعلى صعيد تطوير المهارات وتنمية المجتمع المحلي، أطلقت السلطة برامج تدريبية للشباب والكوادر المحلية في القطاعات السياحية والخدمية والاستثمارية، بهدف رفع مستوى الكفاءات، وتوفير فرص عمل مستدامة، وتعزيز مشاركة المجتمع المحلي في عملية التنمية، كما تضمن محور الرياضة مشاريع تطويرية للبنية التحتية الرياضية، بما يدعم البرامج المجتمعية ويخلق بيئة صحية تساهم في تحسين جودة الحياة. كما ركزت السلطة على تعزيز الأداء الداخلي، وتحديث الأنظمة الإدارية، وبناء شراكات إستراتيجية مع القطاع الخاص والجهات الدولية إلى جانب التعاون مع شركة تطوير العقبة والشركاء الدوليين الذي ساهم في ضمان أن تكون المشاريع متوافقة مع أعلى معايير الجودة والممارسات العالمية، مع تعزيز كفاءة الأداء المؤسسي وسرعة الانجاز.
نقاط القوة والضعف
وبين بواب أن العام الأول من تنفيذ الخطة كان مرحلة حاسمة لتحديد نقاط القوة والضعف، وخلق أساس متين لتحقيق رؤية العقبة 2024–2028، مؤكدا أن التحدي المقبل هو تحويل هذه الإنجازات إلى أثر مستدام وملموس على جميع مستويات الحياة في المحافظة، مع مراعاة التغيرات المستقبلية والفرص الجديدة، مشيرا إلى الالتزام بمبدأ الشفافية والمساءلة، وبالعمل جنبا إلى جنب مع المجتمع المحلي لضمان أن كل مشروع يخدم مصالح الجميع، ويعزز مكانة العقبة كمدينة ذكية، مستدامة، وجاذبة للاستثمار والسياحة.
وفيما يتعلق بتقييم المجتمع المحلي، أشار عدد من المواطنين إلى أن الخطة نجحت في تعزيز المشاركة المجتمعية، ورفع مستوى الخدمات، وتحسين بيئة الاستثمار والسياحة، لكن هناك حاجة مستمرة لمزيد من المبادرات التي تعالج احتياجات الفئات الأكثر ضعفا، وتضمن تكافؤ الفرص في الاستفادة من المشاريع التنموية.
ووفق المواطن محمد الخطيب، فإن أبرز التحديات التي تواجههم ترتبط بالبطالة، وغياب فرص العمل المستدامة، خصوصا بين الشباب والخريجين الجدد، ما يحد من قدرتهم على المشاركة الفاعلة في الحركة الاقتصادية للمدينة، مشيرا إلى أن تحسين نوعية الحياة يظل مطلبا أساسيا، ويتضمن الوصول إلى خدمات عامة متطورة، بنية تحتية متينة، ومرافق اجتماعية وثقافية ورياضية تلبي احتياجاتهم اليومية.
وأضاف أن تعزيز الحركة التنموية والتجارية يمثل أولوية قصوى، حيث إن تفعيل الأسواق المحلية، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وخلق بيئة استثمارية محفزة، يساهم في تقليل البطالة ورفع مستوى الدخل وزيادة اندماج المجتمع المحلي في مسار التنمية الشاملة للعقبة، بما يعزز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية للمدينة على المدى الطويل.
ويقول المواطن خالد الرياطي "نحن كمواطنين نتابع المشاريع الكبرى في المدينة يوما بعد يوم، ونلاحظ التقدم في بعض القطاعات، لكننا نأمل أن تكون متابعة المشاريع أكثر وضوحا وشفافية، بحيث يمكن للجميع رؤية أين وصل الإنجاز وما هو الأثر الفعلي على حياتنا اليومية"، مؤكدا "أن جذب الاستثمارات بالنسبة يعني توفير فرص عمل، وتحسين البنية التحتية، وخلق حركة تجارية مستمرة في الأسواق والمناطق الحيوية وكل مشروع كبير يجب أن يترجم مباشرة إلى فوائد ملموسة لنا كمجتمع محلي، سواء عبر الوظائف، أو الخدمات، أو الأنشطة الاقتصادية التي تدعم حياتنا وتخلق بيئة أكثر استقرارا ورفاهية".
أما المواطنة سارة الحياري، فأكدت "إننا كسيدات مجتمع مدني نشعر بالفخر لما تحقق من مشاريع، لكننا نطالب بأن يكون هناك متابعة مستمرة وتواصل دائم مع المجتمع المحلي، لتقييم أثر المشاريع وتحديد أولويات جديدة حسب احتياجاتنا"، مشيرة إلى "أن الاستثمار هنا يجب أن ينعكس على جودة حياتنا بشكل ملموس، وليس فقط على الجانب الاقتصادي، فالهدف هو أن تصبح العقبة مدينة نشطة، مزدهرة، وآمنة، تلبي طموحاتنا وأحلامنا كمواطنين".