أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-May-2025

الاقتصاد الرقمي.. إنجاز كبير يحتاج التركيز على تكنولوجيا المستقبل

 الغد-إبراهيم المبيضين

 يؤدي قطاع تقنية المعلومات والاتصالات، والذي بات يُعرف اليوم بقطاع الاقتصاد الرقمي والريادة دوراً في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأن هذا القطاع أصبح محرك نمو أساسيا ومصدرا للدخل القومي وفرصا للعمل، على ما يؤكد خبراء.  
 
 
ورغم التقدم الذي أنجزه الأردن في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات وبالاستفادة من مؤهلاته البشرية وبنيته التحتية المتقدمة مع دخول تقنيات الجيل الرابع والخامس والفايبر والإنترنت الفضائي، إلا أنه ما يزال أمامنا عمل كثير لتطوير ملف التحول الرقمي ودعم البنية التحتية للاقتصاد الرقمي، ودعم ملف الريادة التقنية والتعليم التقني، بحسب الخبراء.
وشدد الخبراء على أهمية أن يتجه الأردن للتركيز على ما يسمى بتكنولوجيا المستقبل وتطويعها لخدمة القطاعات الاقتصادية كافة وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، ودعم تواجد وتوسيع نطاق هذه التقنيات عبر تطوير البنية التحتية للاتصالات والبيئة التشريعية الملائمة والعمل على توعية وتدريب الشباب على هذه التقنيات الواعدة. 
وأشار الخبراء إلى أن بناء اقتصاد رقمي أردني ليس حُلمًا مستحيلاً، بل مشروعا وطنيا يحتاج فقط إلى الرؤية التنفيذية، والشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص. وخصوصا أن الاردن يملك المورد البشري، والبنية التحتية، والإرادة الابتكارية، وما ينقصنا هو ربط هذه العناصر بإستراتيجية عملية وشاملة
وتشير التقديرات إلى أن قطاع تقنية المعلومات والاتصالات يساهم حاليًا بنسبة تتراوح بين 3 % إلى 5 % من الناتج المحلي الإجمالي للأردن، مع توقعات بزيادة هذه النسبة في السنوات القادمة مع استمرار جهود التحول الرقمي وتوسع الاستثمارات في هذا المجال. 
وأكد ممثل قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في غرفة تجارة الأردن المهندس هيثم الرواجبة أهمية تطوير قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في الأردن والبناء على ما تم إنجازه في هذا القطاع الممكن لباقي القطاعات الاقتصادية، والتطوير والبناء على ملف التحول الرقمي، مشددا على أهمية العناية والتركيز في المرحلة المقبلة على تبني تقنيات المستقبل وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي وهي التقنيات التي بدأت تعيد تشكيل  القطاعات الحيوية كافة.
التعليم التقني والريادة التقنية 
وعن مقترحاته لتطوير القطاع قال الرواجبة إنه من المهم اليوم الاستثمار في التعليم التقني، وتحديث مناهج الجامعات والكليات التقنية لتتماشى مع متطلبات السوق العالمي (الذكاء الاصطناعي، البيانات الضخمة، الأمن السيبراني..). 
وأشار إلى اهمية كبيرة لدعم ريادة الأعمال التقنية وتمويل حاضنات الأعمال والمسرّعات لتشجيع الابتكار الرقمي، فضلا عن أهمية تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص  لتحفيز الاستثمارات المشتركة وتبادل المعرفة والخبرات. 
البنية التحتية والتشريعية 
وقال الرواجبة إن الجهات القائمة على القطاع، عليها التركيز أيضا على موضوع تحسين البنية التحتية الرقمية من خلال تعزيز سرعات الإنترنت، وتوسيع شبكات الألياف الضوئية، وتطوير وتوسيع انتشار شبكات الجيل الخامس، وتحفيز بيئة التشريعات عبر سن قوانين تحمي الملكية الفكرية وتحفّز الاستثمار في التكنولوجيا. 
ووفقا لآخر الأرقام الرسمية يقدر عدد اشتراكات الخلوي بأكثر من 8 ملايين اشتراك، كما يقدر عدد مستخدمي الإنترنت بنحو 10.7 مليون مستخدم.  
تطوير التحول الرقمي في الأردن
وفي جانب التحول الرقمي في الأردن أكد الرواجبة بأن ما تم إنجازه حتى الآن هو جيد، ولكن يجب البناء عليه من خلال التركيز على مجموعة من الأولويات، أهمها رقمنة الخدمات الحكومية عبر تحويل كافة الخدمات الحكومية إلى رقمية خلال جدول زمني محدد، وتعزيز البنية التحتية للهوية الرقمية مثل التوقيع الرقمي والمحفظة الإلكترونية، وربط قواعد البيانات الحكومية لتوفير خدمات أكثر دقة وسرعة. 
وأشار إلى أهمية تحقيق التكامل بين القطاعين العام والخاص رقميًا في قطاعات مثل التعليم، الصحة، والسياحة، والتركيز على تجربة المستخدم عبر تطوير واجهات ذكية وسهلة الاستخدام.
تبني تكنولوجيات المستقبل
وعلى صعيد متصل أكد الرواجبة أهمية التركيز وتبني التقنيات الحديثة أو ما يسمى اليوم بـ" تكنولوجيات المستقبل"، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية والواقع الافتراضي والمعزز، وتقنيات البلوكتشين والأمن السيبراني المتقدم. 
وشهد الأردن العام الحالي تشكيل المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل بتكليف من جلالة الملك عبدالله الثاني ومتابعة من سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، بهدف تعزيز مكانة الأردن كدولة متقدمة تكنولوجيّا تتمتع باقتصاد ومجتمع رقمي مزدهر، خصوصا في ظل التنافسية العالمية في تبني استخدام التكنولوجيا الحديثة.
الاقتصاد الرقمي 
من جانبه، أكد الخبير في مجال التقنية الدكتور حمزة العكاليك أن مفهوم "الاقتصاد الرقمي" يمثل قاطرة للنمو في القرن الحادي والعشرين، وهو ذلك النمط الاقتصادي الذي يقوم على استخدام التكنولوجيا الرقمية والبيانات الضخمة كأساس لإنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات. 
وبين أن هذا المفهوم يشمل مجالات عدة مثل التجارة الإلكترونية، المدفوعات الرقمية، الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات، والخدمات الحكومية الذكية، لافتا إلى أنه بحسب تقارير موثوقة مثل البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فإن الاقتصاد الرقمي يسهم بنسبة قد تتجاوز 15 % من الناتج المحلي في بعض الدول المتقدمة، ويُعد من أسرع القطاعات نموًا عالميًا.
الموارد البشرية الأردنية 
وفي تقييمه لواقع القطاع محليا ومؤهلاته لدخول وتطبيق مفهوم الاقتصاد الرقمي، أوضح العكاليك بـ"أن المؤشرات الأولية توحي بإمكانيات واعدة"، حيث يمتلك الأردن قاعدة بشرية شابة، إذ إن أكثر من نصف سكانه تحت سن الخامسة والعشرين، كما يُنتج النظام التعليمي آلاف الخريجين سنويًا في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. 
ولفت العكاليك إلى أرقام جمعية" إنتاج" التي تظهر أن هناك ما يزيد على 7 آلاف خريج في هذا القطاع تم تسجيلهم في عام 2023 فقط، بينما يُتوقّع تخرج ما بين 8 آلاف إلى 8.5 ألف خريج في 2025. 
وقال إن هذا المورد البشري يمثل ركيزة حقيقية للتحوّل الرقمي إذا ما أحسن توجيهه وتدريبه بالشكل الأمثل.
البنية التحتية 
وعلى صعيد البنية التحتية، حقق الأردن تقدمًا نسبيًا في مجال الاتصالات وفقا للعكاليك الذي بين أن نسبة انتشار الإنترنت تزيد على 90 % من السكان، فضلا عن جهود حكومية ملموسة نحو رقمنة الخدمات، من أبرزها إطلاق منصة "سند" الرقمية التي تتيح العديد من المعاملات الحكومية إلكترونيًا. 
وقال العكاليك إن هذه الخطوات تنسجم مع "رؤية التحديث الاقتصادي" التي أطلقتها الدولة، والتي تسعى لتحويل الأردن إلى مركز رقمي إقليمي بحلول عام 2033.
وتظهر آخر الأرقام الرسمية بأن عدد الخدمات الرقمية حتى بداية 2025، بلغ 1530 خدمة رقمية تمثل نسبة تصل إلى 64 % من إجمالي عدد الخدمات الحكومية في الأردن والمقدر عددها بحوالي 2440 خدمة. 
المهارات الرقمية 
لكن رغم هذه المؤشرات الإيجابية، ثمة تحديات حقيقية لا يمكن تجاهلها على ما أكد العكاليك الذي بين أن أهمها: الفجوة الكبيرة بين المهارات الرقمية المطلوبة في السوق، والمخرجات التعليمية الحالية التي ما تزال تعتمد على المناهج التقليدية غير المحدثة. 
وقال إن التشريعات المنظمة للبيئة الرقمية ما تزال في طور النمو، إذ يعاني الأردن من قصور قانون شامل لحماية البيانات الشخصية، ومحدودية في قوانين التجارة الإلكترونية والأمن السيبراني. يضاف إلى ذلك صعوبات التمويل التي تواجه الشركات الناشئة الرقمية، ما يعيق نمو بيئة الابتكار وريادة الأعمال. مشيرا إلى أن التفاوت في الوصول إلى التكنولوجيا والبنية التحتية بين المدن الكبرى والمناطق النائية، يُسهم في تعميق الفجوة الرقمية الوطنية.
نماذج عالمية 
وأضاف العكاليك، أنه لفهم موقع الأردن في هذا السياق بشكل أعمق، من المفيد النظر إلى تجارب دول سابقة في هذا المضمار. فإستونيا مثلًا، أصبحت نموذجًا عالميًا في بناء مجتمع رقمي متكامل بفضل اعتمادها المبكر على الهوية الرقمية والخدمات الحكومية المؤتمتة. وسنغافورة نجحت في توظيف الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي عبر الاستثمار المركز في تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتدريب الكوادر البشرية المستمرة. 
وأشار إلى تجربة الإمارات في صياغة تشريعات تقنية مرنة وجاذبة للاستثمار الرقمي، ما جعلها من أسرع الدول تحولاً نحو اقتصاد المعرفة.
وأضاف العكاليك، أنه بناءً على هذه المقارنات، تتضح ملامح إستراتيجية وطنية ممكنة التطبيق لبناء اقتصاد رقمي أردني. أولى هذه الخطوات تبدأ من التعليم، عبر تطوير شامل للمناهج لتشمل المهارات الرقمية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، علم البيانات، الحوسبة السحابية، وأمن المعلومات.
 كما يجب إدماج التعليم المهني الرقمي في المدارس والجامعات، وربط المؤسسات الأكاديمية بسوق العمل من خلال برامج تدريبية عملية وشراكات مع شركات تقنية عالمية.
ريادة الأعمال 
وفي جانب ريادة الأعمال، أوضح العكاليك أنه يمكن للحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص إطلاق صناديق دعم مالي موجّهة للشركات الناشئة التقنية، وتقديم حوافز ضريبية للمستثمرين في القطاع التكنولوجي، إلى جانب تأسيس حاضنات أعمال في المحافظات لاحتضان المواهب الريفية، لافتا في الوقت ذاته إلى أهمية توفير بنية تحتية رقمية قوية، تشمل توسيع شبكات الألياف الضوئية وتوفير الإنترنت عالي السرعة في جميع المناطق، وربط المدارس والمراكز المجتمعية بشبكات رقمية مجانية، وتفعيل منصات التعلم الرقمي المجاني بالتعاون مع جهات دولية، وتدريب الموظفين الحكوميين على الكفاءات الرقمية الأساسية.
مساهمة قطاع التقنية في الناتج المحلي 
ومن جانبه أكد الخبير في مجال الاتصالات والتقنية وصفي الصفدي أن قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في الأردن يشهد نموًا ملحوظًا، وتزداد مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بشكل تدريجي. 
ولتسريع وتيرة نمو هذا القطاع وتعظيم مساهمته في الاقتصاد الوطني، أكد الصفدي بأنه يمكن التركيز على عدة محاور رئيسة لعل أهمها الاستثمار في البنية التحتية الرقمية المتقدمة ويشمل ذلك توسيع شبكات الألياف الضوئية عالية السرعة لتغطية أوسع رقعة جغرافية، وتطوير شبكات الجيل الخامس لتمكين تطبيقات المستقبل مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي.
ولفت إلى أهمية دعم إنشاء مراكز بيانات حديثة وموثوقة لاستضافة التطبيقات والخدمات الرقمية.
وقال الصفدي إن من الآليات المهمة لتطوير القطاع أيضا تعزيز البيئة التشريعية والتنظيمية بتحديث القوانين والأنظمة المتعلقة بالقطاع لتواكب التطورات التقنية المتسارعة، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي، وتسهيل إجراءات تأسيس الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا. 
وأشار إلى أهمية كبيرة لتنمية الكفاءات والمواهب الرقمية وتطوير المناهج التعليمية والتدريبية في الجامعات والمعاهد المهنية لتلبية احتياجات سوق العمل المتزايدة في مجال تكنولوجيا المعلومات. 
وقال الصفدي: " يمكن تحقيق ذلك من خلال إدخال تخصصات جديدة تركز على التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والأمن السيبراني، بالإضافة إلى دعم برامج التدريب المهني المتخصص. 
ولفت إلى أهمية دعم الابتكار وريادة الأعمال من خلال إنشاء حاضنات ومسرعات أعمال متخصصة في مجال التكنولوجيا، يمكن أن يوفر الدعم المالي والفني والإرشادي للشركات الناشئة، ويساعدها على تحويل الأفكار المبتكرة إلى مشاريع ناجحة. 
الشراكة مع القطاع الخاص وجذب الاستثمار 
وأكد على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ما يساهم في تحديد الأولويات وتوجيه الاستثمارات وتطوير السياسات التي تخدم مصلحة القطاع والاقتصاد الوطني بشكل عام.
وقال الصفدي إنه يجب العمل على جذب الشركات العالمية المتخصصة في مجال التكنولوجيا لإنشاء مراكز إقليمية أو فروع لها في المملكة، مما يساهم في نقل المعرفة والخبرات وتوفير فرص عمل متخصصة.
وبخصوص تطوير التحول الرقمي قال الصفدي إن ذلك يتطلب تبني رؤية شاملة ومتكاملة تشمل مختلف القطاعات الحكومية والخاصة.