مسيرة الاستقلال.. قفزات تعزز دور القطاع السياحي في دعم الاقتصاد
الغد-محمد أبو الغنم
في ذكرى الاستقلال المجيد للمملكة، يستحضر الأردنيون الإنجازات الوطنية التي تحققت على مختلف الصعد، ويبرز القطاع السياحي كأحد أبرز هذه الإنجازات، بعد أن أصبح ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني، ومصدرا متناميا للدخل وفرص العمل والاستثمار.
وشهد القطاع السياحي خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا، توج بارتفاع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لتبلغ 14.6 % بنهاية عام 2023، بعد أن كانت لا تتجاوز 10 % قبل 25 عاما وارتفع الدخل السياحي إلى 7.4 مليار دولار، مقارنة بـ850 مليون دولار فقط في أواخر التسعينات. كما بلغ عدد السياح القادمين إلى المملكة 6.35 مليون سائح عام 2023، مقابل مليون سائح فقط قبل ربع قرن.
ودعا خبراء ومختصون في القطاع السياحي إلى ضرورة البناء، خلال المرحلة المقبلة، على الإنجازات التي تحققت في السنوات الأخيرة، من خلال تعزيز الأدوات والإجراءات المتبعة، مع التركيز على جذب الاستثمارات وتحسين البنية التحتية وتخفيض الكلف التشغيلية للنهوض بالقطاع.
وأكد الخبراء في أحاديث متفرقة لـ"الغد"، أهمية مواصلة حملات الترويج المكثفة للأسواق العالمية، وتوسيع نطاق التسويق الرقمي وتطوير المنتج السياحي المحلي، بالتوازي مع تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ويرى هؤلاء الخبراء أن الزخم الذي يشهده القطاع السياحي يعكس فرصا واعدة للنمو، إلا أن التحديات الإقليمية والمنافسة العالمية تتطلب خطوات مدروسة تدعم الاستدامة، وتعزز ثقة المستثمرين، وتفتح أبواب الأردن على مصراعيها أمام العالم كسياحة متفردة في روحها ومكانها.
وتتقاطع دعوات الخبراء مع أهداف رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقت برعاية جلالة الملك عبدالله الثاني عام 2022، والتي تسعى إلى توفير 99 ألف فرصة عمل إضافية في القطاع السياحي بحلول عام 2033.
وتشمل أبرز المبادرات ضمن هذه الرؤية: تطوير وإدارة المواقع السياحية، تفعيل مبادرة "السائح الرقمي"، تحسين التنافسية وتخفيض الكلف، وتحديث القوانين والإجراءات المرتبطة بالسياحة، إلى جانب تطوير المنتجات السياحية في مجالات المغامرة، والبيئة، والعلاج، والدين.
ومنذ بداية العام تلمس القطاع السياحي طريق التعافي، بعد تأثر النشاط السياحي في المملكة سلبا بالعدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من عام ونصف على قطاع غزة، إذ تكشف بيانات البنك المركزي الأردني الأخيرة، ارتفاع عدد الزوار الدوليين خلال الثلث الأول من عام 2025 بنسبة 19 %، ليصل إلى 2.125 مليون زائر، فيما بلغ الدخل السياحي 2.4 مليار دولار، بزيادة نسبتها 15.3 % عن الفترة ذاتها من العام الماضي.
عربيات: حملات تسويق مكثفة لتعزيز مكانة الأردن السياحية عالميا
وأكد مدير عام هيئة تنشيط السياحة الدكتور عبدالرزاق عربيات أن الهيئة تواصل جهودها المكثفة في الترويج والتسويق السياحي بهدف جذب أكبر عدد ممكن من الزوار إلى المملكة، مشيرا إلى أن الحملات التسويقية مستمرة وتشمل مختلف الأسواق العالمية.
وأوضح عربيات أن الهيئة تركز على تعزيز الإنجازات المحققة، خصوصا فيما يتعلق بزيادة أعداد الزوار والدخل السياحي، لما له من أثر مباشر في تنشيط الاقتصاد الوطني. ولفت إلى أن الأرقام المسجلة خلال العام الحالي إيجابية ومطمئنة، وتعمل الهيئة بالتعاون مع وزارة السياحة على تعزيزها من خلال توسيع حملات الترويج وإعادة تفعيل اتفاقيات الطيران منخفض التكاليف والعارض، إضافة إلى الطيران المباشر المنتظم، فضلًا عن المشاركة في المعارض الدولية وتطوير المنتج السياحي وتحسين البنية التحتية.
وأشار إلى أن الهيئة حققت إنجازات متميزة تعزز من مكانة الأردن كوجهة سياحية عالمية، من بينها الفوز بجائزة "أفضل حملة إلكترونية" عن حملتها "مملكة الزمن"، إضافة إلى تكريم مدير عام الهيئة بوسام الملك عبدالله الثاني للتميز، تقديرا لإسهاماته في دعم السياحة الأردنية.
وبين أن حملة "مملكة الزمن" نجحت في جذب اهتمام عالمي وتسليط الضوء على المقومات السياحية والثقافية التي يزخر بها الأردن، إذ جاءت ضمن إستراتيجية تسويقية رقمية مبتكرة تستهدف إبراز المواقع التراثية الفريدة في المملكة.
الفرجات: الحفاظ على الإنجازات السياحية يتطلب تطوير البنية والخدمات
بدوره، قال الرئيس السابق لسلطة إقليم البترا التنموي السياحي الدكتور سليمان الفرجات، إن القطاع السياحي في الأردن حقق إنجازات مهمة يجب المحافظة عليها وتطويرها، مؤكدا أهمية تحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات في المواقع الأثرية والسياحية.
ودعا الفرجات إلى تكثيف الحملات الترويجية لاستقطاب السياح، خاصة من أسواق جديدة، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات السياحية التي تسهم في دعم القطاع، وتوفير فرص العمل، وبالتالي دمج المجتمعات المحلية في هذا النشاط الحيوي.
الخصاونة: القطاع السياحي رقم صعب ويحتاج إلى دعم لتعزيز تنافسيته
من جهته، أكد الخبير السياحي وعضو مجلس إدارة جمعية وكلاء السياحة والسفر محمود الخصاونة أن القطاع السياحي أصبح يشكل رقما صعبا على الصعيدين الإقليمي والدولي، مشيرا إلى تسجيله أرقاما مشجعة خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025، بزيادة بلغت 19% في عدد الزوار الدوليين مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024، ليصل إلى 2.125 مليون زائر.
وشدد الخصاونة على أهمية الاستمرار في دعم القطاع، لا سيما في ظل التحديات الجيوسياسية والمنافسة الإقليمية، داعيا إلى تخفيض الكلف التشغيلية على المنشآت السياحية، بما في ذلك الضرائب وفواتير الطاقة والمياه، لتحسين جودة الخدمات وتقديمها بأسعار مناسبة.
كما أشار إلى ضرورة تعزيز البنية التحتية في مختلف المواقع السياحية، وتوفير الخدمات التي يحتاجها السائح، إضافة إلى إقامة الفعاليات والمهرجانات والمؤتمرات السياحية.
وأكد الخصاونة أهمية دعم السياحة الداخلية باعتبارها ركيزة أساسية في أوقات الأزمات، مشددا على ضرورة إشراك القطاع الخاص في القرارات المتعلقة بالسياحة، والعمل بروح الفريق الواحد لتطوير القطاع واستثمار المقومات السياحية المتوفرة في المملكة بشكل أمثل.