أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Nov-2025

مستقبل السيارات الكهربائية في الأردن وأثرها على عائدات الخزينة*د.كميل الريحاني

 الدستور

يشهد الأردن في السنوات الأخيرة تحولاً تدريجياً نحو استخدام السيارات الكهربائية كبديلٍ صديقٍ للبيئة وموفرٍ للطاقة، في ظل الارتفاع المستمر في أسعار المشتقات النفطية وتزايد الوعي البيئي لدى المواطنين. ومع هذا التحول، يبرز سؤال جوهري: ما هو أثر هذا التوجه على الاقتصاد الوطني، وخصوصاً على عائدات الخزينة التي تعتمد جزئياً على ضرائب الوقود؟
 
التحول نحو الطاقة النظيفة
 
تزايد الإقبال على السيارات الكهربائية في الأردن نتيجة الوعي البيئي والاقتصادي، حيث وجد المواطنون في هذا الخيار وسيلة للتخفيف من عبء نفقات الوقود، خاصة بعد أن شجّعت الحكومة هذا التوجه من خلال إعفاءات جمركية وضريبية لفترات محددة.
 
كما يهدف هذا التحول إلى المساهمة في الحد من الانبعاثات الكربونية وتحسين جودة الهواء، لا سيما في العاصمة عمّان التي تعاني من ازدحامات مرورية خانقة وتلوث ناتج عن عوادم المركبات.
 
تحديات البنية التحتية
 
ورغم النجاح النسبي في زيادة عدد السيارات الكهربائية، إلا أن البنية التحتية لمحطات الشحن لا تزال بحاجة إلى تطوير واسع. فعدد المحطات المتوفرة لا يغطي الحاجة الفعلية، خاصة في المناطق البعيدة عن العاصمة.
 
وقد بدأت الحكومة الأردنية بالفعل بوضع خطط لتوسيع شبكة الشحن الكهربائي، بالتعاون مع شركات الطاقة والمستثمرين، في خطوة نحو تهيئة البيئة المناسبة للنقل المستدام.
 
الأثر المالي على الخزينة
 
لا يمكن إنكار أن هذا التحول قد أدى إلى تراجع ملحوظ في الطلب على المشتقات النفطية، ما انعكس على الإيرادات الحكومية المتأتية من ضرائب الوقود.
 
لكن في المقابل، يرى خبراء الاقتصاد أن هذا التراجع مؤقت ويمكن تعويضه من خلال رسوم تنظيمية جديدة على السيارات الكهربائية، أو عبر الاستفادة من تقليل فاتورة استيراد النفط.
 
كما أن دعم قطاع السيارات الكهربائية يسهم في خلق فرص استثمارية جديدة في مجالات الشحن، والطاقة المتجددة، والصيانة المتخصصة، ما يعزز النشاط الاقتصادي العام.
 
نحو اقتصاد أخضر مستدام
 
يُعدّ دعم قطاع السيارات الكهربائية جزءاً من رؤية الأردن للتحول إلى اقتصاد أخضر يقوم على الطاقة المتجددة والاستدامة البيئية.
 
فالحكومة تسعى لدمج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في تغذية محطات الشحن، مما يجعل منظومة النقل الكهربائي أكثر نظافة وكفاءة، ويُرسّخ موقع الأردن كدولة تسير بخطى ثابتة نحو مستقبلٍ بيئي متوازن.
 
الطريق إلى الأمام
 
لكي يكتمل هذا التحول بنجاح، من الضروري أن تتبنى الحكومة خطة وطنية شاملة تنظم سوق السيارات الكهربائية، وتضمن تطوير البنية التحتية، وتُحافظ في الوقت نفسه على التوازن المالي للدولة.
 
كما أن تعاون القطاعين العام والخاص سيكون حجر الأساس في تحقيق هذا الهدف، من خلال تشجيع الاستثمار في محطات الشحن وخدمات الصيانة وتوطين التقنيات الحديثة في هذا المجال.
 
وعليه فإن مستقبل السيارات الكهربائية في الأردن لا يقتصر على كونه خياراً تكنولوجياً أو بيئياً فحسب، بل هو تحول اقتصادي واجتماعي شامل.
 
ومع التخطيط السليم والإدارة الحكيمة، يمكن للأردن أن يحقق المعادلة الصعبة بين تشجيع التحول نحو النقل الكهربائي وبين الحفاظ على استقرار عائدات الخزينة، ليظل نموذجاً يحتذى به في المنطقة في مجال التحول نحو الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة.