أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    17-Aug-2025

الالتزام بمبادرات المناخ.. خطوة أساسية لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة

 الغد- رهام زيدان

بعد أن بات الالتزام بمبادرات المناخ معيارا عالميا لدعم وتمويل مشاريع الطاقة المتجددة، يؤكد خبراء ضرورة تمسك الأردن بتعهداته المناخية من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والحد من الانبعاثات الضارة الناتجة عن الوقود الأحفوري.
 
 
ويشدد خبراء على أهمية تعزيز الاستثمارات الخضراء وتوسيع نطاقها لزيادة تقدم الأردن ضمن خريطة الاقتصاد الأخضر على المستويين الإقليمي والدولي.
 
يأتي هذا في وقت تستهدف فيه إستراتيجية الطاقة الأردنية للفترة بين 2020 و2030 خفض انبعاثات الكربون الناتجة عن قطاع الطاقة بنسبة 10 %، وفق ما ورد في موقع الأمم المتحدة بينما تمثل الطاقة المتجددة(الشمس والرياح) حوالي 27 % من مزيج الطاقة المحلي حتى الآن.
وتشير أرقام عالمية صادرة عن بنك الاستثمار الهولندي "آي إن جي" أن إجمالي التمويل الأخضر العالمي (إصدارات التمويل، والسندات الخضراء) تجاوز مستوى 1.657 تريليون دولار( أكثر من ألف و600 مليار دولار) العام الماضي، في المقابل، تشير الأرقام الرسمية إلى أن حصة الأردن من التمويل الأخضر بلغت 250 مليون دولار العام الماضي.
ويعني ذلك أن حصة الأردن من تدفقات التمويل الأخضر بلغت 1.5 سنت (قرش واحد) من كل 100 دولار (71 دينارا) تدفقت إلى القطاع خلال العام 2024، وبنسبة 0.015 %.
وبين رئيس اتحاد الجمعيات البيئية عمر الشوشان أن قطاع الطاقة يعد أكبر مصدر للانبعاثات الغازية في الأردن، حيث يشكل الجزء الأكبر من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى، ما يجعل التحول في هذا القطاع أمرا ضروريا على الصعيدين البيئي والاقتصادي.
وأوضح الشوشان أن وثيقة المساهمات المحددة وطنيا (NDC) تضع قطاع الطاقة في قلب جهود المملكة للتكيف مع تغير المناخ وخفض الانبعاثات، ما يفتح الباب أمام فرص واعدة للاستثمار الأخضر، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.
وأضاف "الأردن حقق تقدما ملموسا خلال السنوات الماضية في توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، حيث وصلت حصتها إلى حوالي 27 % من إجمالي الإنتاج الوطني للكهرباء في 2023، وفق تقارير وزارة الطاقة والثروة المعدنية". 
لكنه أكد أن الإمكانات الحقيقية ما تزال غير مستغلة بشكل كامل، خصوصا في مجال تطوير مصادر طاقة متقدمة مثل الهيدروجين الأخضر، الذي يُعتبر طاقة المستقبل لما يمتاز به من قدرة على تخزين الطاقة لفترات طويلة وتقليل الانبعاثات الكربونية.
وأشار إلى أن الحكومة أطلقت مشروعا إستراتيجيا لتطوير صناعة الهيدروجين الأخضر، يهدف إلى تصدير نحو 150 ألف طن سنويا بحلول عام 2030، متوقعا أن يوفر المشروع آلاف فرص العمل ويجلب استثمارات تتجاوز 1.2 مليار دولار. 
ورغم هذه الفرص الكبيرة، لفت الشوشان إلى أن التحول الطاقي يواجه عدة تحديات، أهمها غياب منظومة حوافز مالية وتشريعية متكاملة، بالإضافة إلى حاجة السوق إلى استقرار تشريعي يدعم المستثمرين.
وأضاف أن "سوق الكربون الطوعي في الأردن ما يزال في مراحله الأولى، رغم إمكانياته الكبيرة في توفير التمويل المناخي من خلال بيع ائتمانات الكربون للمشاريع النظيفة".
ووفق تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يمكن أن يرتفع حجم سوق الكربون في الأردن إلى أكثر من 100 مليون دولار سنويا خلال العقد القادم، إذا توفرت أطر تنظيمية واضحة وشفافة، بحسب الشوشان.
كما أوضح الشوشان أنه رغم وجود نحو 50 شركة محلية ناشطة في قطاع الطاقة المتجددة، إلا أن ضعف القدرات المالية والفنية يحد من توسعها، مما يستوجب توفير أدوات تمويل ميسرة وبناء قدرات تقنية مستدامة لدعم هذه الشركات وتعزيز نموها.
وفي سياق متصل، قال مدير برامج الطاقة والبيئة والمياه في بعثة الاتحاد الأوروبي، عمر أبو عيد إن "مشاريع الطاقة والعمل المناخي مترابطة بشكل وثيق في هذه المرحلة "موضحا أن معظم المشاريع الكبرى، مثل مشروع الناقل الوطني ومشاريع التحلية، ارتبطت بالبعد الأخضر، إذ لم يتحقق هذا البعد إلا من خلال إدخال مشاريع الطاقة المتجددة، بناء على طلب الجهات المانحة والمقرضة. 
وأضاف "هذه المشاريع تعتمد على مصادر طاقة نظيفة وخضراء، بما يتوافق مع أهداف العمل المناخي الرامية إلى تخفيض انبعاثات الكربون، وتقليل الأثر البيئي حتى في المشاريع الكبرى مثل الناقل الوطني والتحلية".
وأشار أبو عيد إلى أن الأردن قطع شوطا كبيرا في مجال الطاقة المتجددة، ما ساهم بشكل ملموس في خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق مؤشرات أهداف التنمية المستدامة والالتزامات تجاه عام 2030، حيث ارتفعت نسبة تخفيض الانبعاثات إلى 31 %، وكان الجزء الأكبر من هذا الإنجاز بفضل مشاريع الطاقة المتجددة، التي تشكل جزءا لا يتجزأ من العمل المناخي، إلى جانب دمجها في مشاريع أخرى متعددة.
وأوضح أبو عيد أن التكامل بين قطاعي الطاقة والمياه أصبح أمرا حيويا، إذ يسهم قطاع الطاقة بدعم قطاع المياه وتعزيز مفاهيم الترشيد في استهلاك الطاقة، وهو ما ينعكس إيجابا على العمل المناخي، كما أن هناك مبادرات للتعامل مع بعض نواتج قطاع المياه، مثل الحمأة، وتحويلها إلى غاز طبيعي ثم إلى طاقة، ما يساهم أيضا في خفض انبعاثات الكربون وربط هذه العمليات بأهداف العمل المناخي ونفس الأمر ينطبق على مشاريع الطاقة في قطاع النفايات، حيث يتم تحويل النفايات إلى غاز وطاقة، وهو ما يدعم الجهود المناخية والإدارة المستدامة للموارد.
وأكد أبو عيد أن الطاقة أصبحت عنصرا محوريا في العمل المناخي، لا سيما مشاريع التوليد الكبرى التي استبدلت المصادر التقليدية، خصوصا الحفورية منها، وخفّضت بشكل ملحوظ من انبعاثات الكربون الناتجة عن توليد الكهرباء وتوفيرها للاستخدام. 
وأوضح الشوشان أن جزءا مهما من العمل المناخي اليوم يرتكز على مفاهيم الطاقة، ليس فقط في التوليد، بل أيضا في مجالات الترشيد، والتحول إلى الأجهزة الموفرة للطاقة، واعتماد العزل الحراري في المنازل، وبناء المباني الخضراء، وتطوير البنية التحتية الخضراء، وحتى في إطار التنمية الحضرية، حيث تصب جميع هذه الجهود في خدمة العمل المناخي، وتشكل الطاقة محورا أساسيا فيه.
كما ذكر أبو عيد أن الاتحاد الأوروبي يعطي أهمية كبيرة لهذه القضايا، وهي جزء لا يتجزأ من الاتفاقية والسياسات الخضراء (Green Deal)، وتساهم بشكل فاعل في العمل المناخي، من خلال التركيز على الطاقة النظيفة والمستدامة، عبر دعم الطاقة المتجددة، والترشيد، وحلول التخزين، التي تسهم مجتمعة في خفض انبعاثات الكربون والالتزام بعدم ارتفاع درجة حرارة الأرض وفق ما ورد في اتفاقيات المناخ والعمل المناخي عالميا.
وأشار أبو عيد إلى أن التمويل الأخضر أصبح متوفرا اليوم على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية، وأن أغلب البرامج تصب في خدمة العمل المناخي، لذلك فإن التمويل متاح ومستمر، مضيفا أن التمويل الأخضر يركز بشكل كبير على مفاهيم الطاقة والمياه وإدارة النفايات والنقل، مع أهمية خاصة لقطاع النقل في هذا السياق، من خلال دعم التحول إلى مشاريع النقل المستدامة، ومنها السيارات الكهربائية، التي أصبحت متاحة ومطلوبة اليوم.
وأكد أبو عيد أن التمويل موجود، سواء من خلال الجهات المانحة أو المقرضة أو الصناديق الدولية مثل صندوق البيئة العالمي ومؤسسات العمل المناخي، التي تسهم بدورها في توجيه الدول نحو هذه القطاعات، موضحا أن هذا التمويل أصبح شرطا أساسيا لدى العديد من الجهات المانحة والمقرضة، بحيث يكون مرتبطا بشكل وثيق بالعمل المناخي، ويشكل مشاريع الطاقة، وخصوصا الطاقة المتجددة، الجزء الأكبر منه.
من جانبها، قالت المهندسة ديانا عثامنة، المتخصصة في تطوير مشاريع انتقال الطاقة والطاقة المستدامة إن "تمويل مشاريع الطاقة النظيفة أصبح عاملا محوريا في الإستراتيجيات العالمية لمواجهة التغير المناخي، حيث توجه البنوك التنموية والصناديق المناخية الاستثمارات نحو المشاريع التي تسهم في خفض الانبعاثات وتحسين كفاءة الطاقة".
وأوضحت عثامنة أن فوائد هذه المشاريع تتجاوز حماية البيئة، لتشمل تحسين الصحة العامة عبر تقليل تلوث الهواء، وتعزيز الاقتصاد من خلال خفض كلفة استيراد الطاقة، وخلق فرص عمل خضراء، فضلا عن دعم العدالة الاجتماعية عبر توفير طاقة نظيفة وبأسعار معقولة، وتحسين جودة الحياة والرفاهية بفضل بيئة أنظف وخدمات أكثر استدامة.
وأضافت "الأردن وضع هدفا طموحا لخفض الانبعاثات بنسبة 30 % بحلول عام 2030 ضمن المساهمات الوطنية المحددة (NDC)، وحقق تقدما ملموسا برفع حصة الطاقة المتجددة إلى أكثر من 27 % من القدرة التوليدية الكهربائية، ما وضعه في موقع تنافسي لجذب التمويل المناخي الدولي وسرّع الانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون، محققا بذلك فوائد بيئية وصحية واقتصادية واجتماعية متكاملة".
وأكدت عثامنة أن الاستثمار في الطاقة النظيفة هو مسار إستراتيجي يجمع بين حماية المناخ وتحقيق النمو الاقتصادي وتحسين حياة المجتمعات، مشددة على ضرورة المضي بوتيرة أسرع في الأردن والمنطقة لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة، وتحويل تحديات المناخ إلى فرص تنموية حقيقية.