أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-Aug-2025

ارتفاع الإنفاق الرأسمالي.. هل يسهم في تعزيز الاستدامة المالية؟

 الغد- عبد الرحمن الخوالدة

 يشكل ارتفاع النفقات الرأسمالية، خلال النصف الأول من العام الحالي، علامة بارزة في المشهد المالي والاقتصادي المحلي، وسط تحديات العجز المتواصل وضغوط الإنفاق الجاري. 
 
هذا التوجه الحكومي نحو تعزيز الاستثمار في البنية التحتية والمشاريع التنموية، أثار تباينا في قراءات الخبراء الاقتصاديين، فرغم أنهم اتفقوا على إيجابيته للاقتصاد الوطني، لكن آراءهم اختلفت على الأثر المرتقب لهذا الإنفاق وما إذا كان كافيا لتعزيز النمو أم يحتاج المزيد.
ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن تحسين مسار الإنفاق الرأسمالي، الذي سجل ارتفاعا بـ18.6 %، وتوجيهه بفعالية، سيسهمان في تعزيز الاستدامة المالية، ويقودان تدريجيا إلى تخفيض العجز وتوليد إيرادات مستقبلية تدعم استقرار الاقتصاد الوطني.
وبغية زيادة نسبة الإنفاق الرأسمالي من الناتج المحلي في المرحلة المقبلة، دعا الخبراء إلى أهمية التركيز على المشاريع ذات القيمة المضافة العالية، خصوصا في مجالات الطاقة المتجددة، والزراعة المستدامة، وإدارة المياه، والنقل النظيف، لما لها من قدرة على تحقيق منافع اقتصادية وبيئية مزدوجة وتعزيز تنافسية الاقتصاد الأردني. 
ويضاف إلى ذلك، ضرورة العمل على رفع كفاءة الإنفاق من خلال إعادة ترتيب الأولويات والتركيز على المشاريع ذات المردود المباشر لرؤية التحديث، إضافة إلى تعزيز الإيرادات عبر تحسين كفاءة الجباية الضريبية وجذب الاستثمارات الأجنبية، إلى جانب توسيع الشراكة مع القطاع الخاص لتسريع تنفيذ المشاريع، علاوة على أهمية الاستفادة من التمويل الخارجي عبر المنح والقروض الميسرة. 
النفقات الرأسمالية.. صورة مقربة
وسجلت النفقات الرأسمالية، خلال النصف الأول من العام الحالي، نموا بنحو 18.6 % مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي؛ حيث بلغت قيمتها 516.5 مليون دينار قياسا بـ435.4 مليون دينار، مع الفترة المماثلة من العام الماضي، أي بزيادة مقدارها 81 مليون دينار، وذلك وفقا لآخر تحديث لبيانات وزارة المالية.
وعليه، فإن حجم الإنفاق الرأسمالي، خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، ناهزت ما نسبته 35.16 %، من مخصصات بند النفقات الرأسمالية المحددة في مشروع الموازنة العامة للعام الحالي، والمقدرة بـ1.469 مليار دينار.
إشارة إيجابية
وقال الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة، إن ارتفاع النفقات الرأسمالية، خلال النصف الأول من العام الحالي، يمثل إشارة إيجابية على التزام الحكومة الأردنية بدعم النمو الاقتصادي وتعزيز التنمية رغم التحديات المالية الراهنة.
وبين مخامرة أن الإنفاق الرأسمالي يعد العمود الفقري للتنمية المستدامة، كونه يركز على بناء الأصول طويلة الأمد، مثل البنية التحتية، والتعليم، والصحة، والطاقة، بدلا من الاقتصار على النفقات الجارية.
وأشار إلى أن نسبة الإنفاق الرأسمالي إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت نحو 2.7 % في النصف الأول من العام الحالي، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين في توجهات السياسة المالية للدولة.
وأوضح أن لهذا الارتفاع دلالات عدة؛ أبرزها، تحفيز النمو الاقتصادي عبر زيادة الإنتاجية والطلب المحلي، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي، إضافة إلى جذب الاستثمار الأجنبي، خاصة في ظل ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي بنسبة 14.3 % في الربع الأول من العام، إلى جانب مواجهة التحديات الاقتصادية من خلال التركيز على القطاعات الحيوية، وتقليل الاعتماد على الدعم الحكومي، فضلا عن خفض البطالة والفقر عبر إطلاق مشاريع تنموية في قطاعات النقل والطاقة والتعليم، ما يرفع الكفاءة الاقتصادية ويخلق فرص عمل جديدة.
وبين أن استقرار مسار الإنفاق الرأسمالي وتوجيهه بفعالية، سيسهمان في تعزيز الاستدامة المالية، ويقودان تدريجيا إلى تخفيض العجز وتوليد إيرادات مستقبلية تدعم استقرار الاقتصاد الوطني.
وأشار مخامرة إلى أن أهمية هذا التوجه تكمن في دعم مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي 2033، التي تهدف إلى رفع معدل النمو إلى 5.5 % عبر ثمانية محركات نمو، من أبرزها: الطاقة، النقل، الزراعة، والتكنولوجيا. لافتا إلى تخصيص 301 مليون دينار في موازنة 2025 لدعم مشاريع الرؤية.
وفيما يتعلق بالخطوات المطلوبة لتعزيز أثر الإنفاق الرأسمالي، شدد مخامرة على ضرورة رفع كفاءة الإنفاق من خلال إعادة ترتيب الأولويات والتركيز على المشاريع ذات المردود المباشر لرؤية التحديث، إضافة إلى تعزيز الإيرادات عبر تحسين كفاءة الجباية الضريبية وجذب الاستثمارات الأجنبية، إلى جانب توسيع الشراكة مع القطاع الخاص لتسريع تنفيذ المشاريع، علاوة على أهمية الاستفادة من التمويل الخارجي عبر المنح والقروض الميسرة، مع ضمان التوجيه نحو القطاعات المحفزة، مثل الزراعة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة.
الإنفاق الرأسمالي يحتاج لإعادة هيكلة
من جانبه، قال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والاجتماعية أحمد عوض، إن زيادة حجم الإنفاق الرأسمالي مؤشر إيجابي للاقتصاد الوطني ورفع سويته التنموية، موضحا أنه يمثل ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي المستدام، إذ يسهم في تطوير البنية التحتية والمشاريع الإنتاجية وخلق فرص العمل.
وأوضح عوض أنه رغم الارتفاع الأخير في حجم الإنفاق الرأسمالي، "إلا أنه ما يزال بعيدا إلى حد ما عن تلبية حاجات الاقتصاد الوطني وتطلعات المواطنين. فالقطاعات الحيوية، مثل الحماية الاجتماعية والاستدامة البيئية، لم تحصل إلا على حصة محدودة من إجمالي الإنفاق، وهو ما يؤكد الحاجة إلى إعادة هيكلته وتوجيهه نحو أولويات أكثر تأثيرا". 
ولفت عوض إلى أن حجم النفقات الرأسمالية محليا، لم يسبق له أن تجاوز نسبة 4 % من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأعوام السابقة، مقارنة بنحو 6 % في الدول النامية، ما يعكس ضعف مساهمة الاستثمار العام في تحقيق تطلعات الاقتصاد الوطني التتنموية. 
وشدد عوض على أهمية رفع نسبة الإنفاق الرأسمالي من الناتج المحلي في المرحلة المقبلة، داعيا الحكومة، في هذا الصدد، إلى التركيز على المشاريع ذات القيمة المضافة العالية، خصوصا في مجالات الطاقة المتجددة، والزراعة المستدامة، وإدارة المياه، والنقل النظيف؛ حيث إن هذه المشاريع قادرة على تحقيق منافع اقتصادية وبيئية مزدوجة وتعزيز تنافسية الاقتصاد الأردني، وتسهم في خلق فرص عمل أكثر كثافة، حيث ما يزال التحدي الرئيسي يكمن في معدلات البطالة المرتفعة جدا.
أما في ما يتعلق بإمكانية ذلك في ظل استمرار ارتفاع العجز المالي، فيرى عوض أن الحل يكمن في تعزيز كفاءة الإنفاق، وخفض النفقات الجارية غير المنتجة، وتوسيع قاعدة الإيرادات من خلال إصلاحات ضريبية عادلة، إلى جانب تشجيع الشراكات مع القطاع الخاص في المشاريع الكبرى. بذلك يمكن الموازنة بين ضبط العجز وتعزيز الاستثمار الرأسمالي المنتج.
حاجة أكبر لضبط المالية العامة
إلى ذلك، يتفق الخبير الاقتصادي زيان زوانة مع سابقيه، بأن زيادة حجم النفقات الرأسمالية خطوة جيدة للنهوض التنموي، بأي اقتصاد، وعادة ما تحرص الدول على مضاعفة حجمه من عام لآخر، مؤكدا أنه يحسب للحكومة الحالية، زيادة قيمة المخصصات المرصودة له في الموازنة العامة للعام الحالي. 
لكن زوانة اعتبر أن أثر الإنفاق الرأسمالي على العملية الاقتصادية والمواطنين ما يزال محدودا، رغم ارتفاع حجمه مقارنة بالأعوام السابقة؛ حيث إن حاجة الاقتصاد الأردني لهذا النوع من الإنفاق تفوق ما هو مخصص له في بنود الموازنة العامة، عدا عن توجيه بعض هذا الإنفاق لتغطية نفقات أعوام ماضية. 
ويرى زوانة أن المطلوب من الحكومة في المرحلة الحالية، هو ضبط الإنفاق العام وإعادة هيكلة المالية العامة وإصلاحها، وتكثيف الجهود لخفض العجز المستمر للموازنة، إضافة إلى معالجة ملفي البطالة والفقر.