أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    02-Sep-2025

الأجور والضرائب في مسار الإصلاح الاقتصادي*أحمد عوض

 الغد

يعيش الاقتصاد الأردني، منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، حالة من التباطؤ المزمن، أبرز أسبابها ضعف الطلب المحلي، الناتج أساساً عن محدودية الاستهلاك بنوعيه الأسري والمؤسسي. فضعف القوة الشرائية الكافية لدى الأسر والمؤسسات يضعف عجلة الإنتاج ويحد من فرص النمو الاقتصادي، لتبقى البلاد في دائرة مغلقة من التباطؤ الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة.
 
 
وبما أن النقاش والعمل قائم على الخطة التنفيذية للمرحلة الثانية لرؤية التحديث الاقتصادي، فإن من الجيد الانتباه الى أن من بين الحلول العملية التي طالما طرحت لمعالجة هذا الخلل البنيوي، تأتي سياسات رفع الأجور أو تخفيض الضريبة العامة للمبيعات على السلع الأساسية، كما أكدته العديد من المؤسسات البحثية والخبراء الاقتصاديين.
هذه الخطوات يمكن أن تدعم الاستهلاك المحلي وتحرك النشاط الاقتصادي على المديين القصير والمتوسط. فزيادة دخول الأسر تعني زيادة الإنفاق، الأمر الذي ينعكس مباشرة على تحفيز النشاط التجاري والصناعي، ويزيد في الوقت ذاته من إيرادات الحكومة الضريبية من منظور استراتيجي. 
غير أن هذه الرؤية الاستراتيجية اصطدمت بعوامل عدة، في مقدمتها اختلال موازين القوى الاجتماعية وتأثير مصالح المتضررين على المستوى القصير على السياسات الاقتصادية، إضافة إلى القيود التي تفرضها برامج صندوق النقد الدولي.
إن رفع مستويات الأجور أو تخفيض الضريبة العامة على المبيعات والضرائب المقطوعة لن يكون مجرد خطوة لتحسين معيشة المواطنين، بل أداة فعالة لزيادة الطلب المحلي الكلي ودفع عجلة النمو الاقتصادي إلى الأمام. ومع توسع النشاط الاقتصادي، ستزداد فرص العمل، ما يسهم في الحد من البطالة التي تعد من أبرز التحديات الاجتماعية في الأردن.
أما المخاوف المرتبطة بارتفاع معدلات التضخم، فيمكن السيطرة عليها من خلال الأدوات المتاحة، مثل ضبط الأسواق الداخلية من جانب، وتفعيل السياسات النقدية عبر أسعار الفائدة من جانب آخر.
إلى جانب ذلك، يشكل تحقيق العدالة الضريبية مدخلا أساسيا لتحفيز الاقتصاد الوطني. فالضرائب غير المباشرة، وعلى رأسها الضريبة العامة على المبيعات والضرائب المقطوعة، باتت تشكل نحو 72 % من الإيرادات الضريبية، وهو ما يضع عبئا ثقيلا على كاهل المواطنين، لا سيما الفئات محدودة ومتوسطة الدخل.
وفي المقابل، فإن التوسع في مكافحة التهرب الضريبي، خصوصا في القطاع غير المنظم وبعض القطاعات المهنية، إلى جانب دعم التطبيق الفعال لنظام الفوترة الإلكترونية، يمكن أن يرفد الخزينة بإيرادات إضافية تعوض أي تخفيض في الضرائب غير المباشرة، وتمنح الحكومة فرصة لإعادة هيكلة النظام الضريبي بطريقة أكثر عدالة وكفاءة.
إن الجمع بين سياسات رفع الأجور وتخفيض الضرائب غير المباشرة، مقرونا بإصلاحات مالية وإدارية حقيقية، سيحقق أثراً مزدوجاً: فمن جهة، ينعكس مباشرة على تحسين الظروف المعيشية للأسر الأردنية، ومن جهة أخرى، يعزز مسار النمو الاقتصادي المستدام. 
لعل هذه المقاربة المتوازنة تمثل فرصة واقعية لإخراج الاقتصاد من دائرة التباطؤ الطويلة، ووضعه على مسار أكثر عدالة وكفاءة، بما يخدم مصلحة المجتمع بأسره.